قانونيون لـ الاردن24: قرار النواب لا يلغي اتفاقية الغاز.. والقانون قد لا يرى النور
جو 24 :
أحمد الحراسيس - أثارت الخطوة التي اتخذها مجلس النواب في سبيل الغاء اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني، والمتضمنة تقديم مقترح قانون يحظر استيراد الغاز من اسرائيل، جدلا قانونيا واسعا في أوساط النواب والقانونيين والمواطنين على حدّ سواء، إذ برزت آراء تؤكد عدم جدوى قرار مجلس النواب، وتشير إلى أن الخيار الوحيد الذي كان متاحا أمام البرلمان انحصر بسحب الثقة من حكومة الدكتور عمر الرزاز.
ورأى قانونيون أن الطريق الذي اختاره مجلس النواب لن يوصل الأردنيين إلى هدفهم بالغاء الاتفاقية، حيث أن القوانين لا تسري بأثر رجعي على الاتفاقيات السارية، بل تُطبّق على الاتفاقيات التي يُمكن أن تعقدها الحكومة مستقبلا.
فيما قال قانونيون إن العائق الآخر أمام مقترح النواب يتمثل باتفاقية وادي عربة، وهي اتفاقية دولية، وحسب الدستور فإن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين المحلية، وبالتالي فلا يجوز اقرار أي قانون يخالف ما ورد في اتفاقية وادي عربة.
ولفتوا إلى أن الدستور يتيح للحكومة عدم ادراج القانون المقترح على جدول أعمال الدورة الحالية، ما يعني امكانية أن تماطل الحكومة باصدار القانون حتى العام القادم "لحين انتخاب مجلس جديد"، بالاضافة لامكانية اللجوء إلى المحكمة الدستورية مرة أخرى لابطال القانون.
مساعدة: القانون لن يرى النور
وحول ذلك، قال المحامي الدكتور جودت المساعدة: "لدينا في الأردن هرم تشريعي، يتربّع الدستور على قمته، تليه الاتفاقيات الدولية، ثم القانون، وبعده النظام، وأخيرا التعليمات، ولا يجوز للأقلّ مرتبة أن يخالف الأعلى مرتبة، وأيّ قانون يصدر يجب أن لا يتعارض مع الدستور أو الاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقية وادي عربة المصادق عليها، وبغضّ النظر عن الرأي باتفاقية وادي عربة".
وأكد مساعدة لـ الاردن24 أنّ أيّ يجري اقراره "لا يسري بأثر رجعي، إلا إذا ورد نصّ صريح على الرجعية"، مشيرا إلى أنّه لم يسبق أن سرى قانون بأثر رجعي في تاريخ الدولة الأردنية، "فالقانون يُطبّق بأثر مباشر على المستقبل ولا ينسحب على الماضي".
ولفت إلى أن اتفاقية الغاز تعتبر اتفاقا مدنيا حقوقيا جرت بين أشخاص وحسب القانون الخاص، وليس بين حكومتين، "ولو سلّمنا جدلا فإننا سنصبح أمام نزاع مدني، وسيستند الطرف الآخر على حقيقة أنه عندما وقّع الاتفاقية لم يكن هناك قانون يحظر الاستيراد".
وقدّر مساعدة أن لا يرى مشروع القانون النور ولا يظهر إلى حيّز الوجود، وذلك بحجة أنه يخالف اتفاقية دولية.
العطعوط: الدستورية مرة أخرى
ومن جانبه، قال المحامي والحقوقي عمر العطعوط إن الخيار الوحيد أمام مجلس النواب لالغاء اتفاقية الغاز كان ينحصر بتفعيل مذكرات طرح الثقة بالحكومة في ظلّ الأمر الواقع الذي نعيشه، مقلّلا من أثر المقترح الذي تقدّم به النواب على أرض الواقع.
وأضاف العطعوط لـ الاردن24: "إن الحكومة غيرملزمة بتقديم مشروع هذا القانون في عهد المجلس الحالي، حيث أن الدستور حدد مهلة تقديم مشروع القانون المقترح بذات الدورة أو الدورة التي تليها"، متسائلا عن سبب عدم قيام مجلس النواب بهذا الاجراء منذ عام 2016 لدى تسلمه سلطاته الدستورية في حينه وترك الأمر الى الربع ساعة الأخيرة قبل الانتخابات النيابية؟
وأشار إلى أن اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني نصّت في المادة (16.1) منها على عدم اعتبار أي تغيير في القانون الأردني قوة قاهرة تمكّن الطرف الأردني من إلغاء هذه الاتفاقية.
وتابع العطعوط: "لقد نصت معاهدة وادي عربة في المادة (7/2/أ) على التزام الحكومتين بازالة كافة أوجه التمييز التي تعتبر حواجز ضد تحقيق علاقات اقتصادية طبيعية، كما نصت ذات المعاهدة في المادة (24/6) منها بأنه وفي حالة تعارض التزامات الطرفين بموجب هذه المعاهدة مع أي التزام آخر فإن الالتزامات الواردة في المعاهدة هي التي تسري".
ولفت إلى أن السيناريو المفترض من الحكومة في المستقبل سيكون في توجيه سؤال إلى المحكمة الدستورية حول مدى دستورية سنّ قانون يخالف معاهدة وادي عربة، ليأتي الجواب حينها أن المعاهدات الدولية تسمو على القوانين الوطنية وبالتالي لا يجوز سنّ مثل هذا القانون "وتفوز الحكومة والنواب وعلاقات التطبيع مع الكيان الصهيوني ويخسر الشعب والاقتصاد الأردني".
وجدد العطعوط تأكيده على أن الأداة والخيار الوحيد الفعال بيد النواب كان اجبار الحكومة على الغاء الاتفاقية تحت طائلة سحب الثقة بشكل فوري في حال امتناعها عن اعلان الغاء الاتفاقية.
عرب: يمكن أن يسري بأثر رجعي
وأكد المحامي يونس عرب أن اقتراح القوانين هو حقّ دستوري للسلطة التشريعية، لكن السلطة التنفيذية غير ملزمة باقرار القانون كما ورد من النواب وغير مقيّدة بارسال ذلك القانون إلى مجلس الأمة خلال الدورة ذاتها، مشيرا إلى أن أوّل عائق في طريق اقرار هذا القانون سيكون مجلس الوزراء نفسه، والذي سيُحاول تعطيل ارسال القانون إلى مجلس الأمة كما يرغب به مجلس النواب "وكأننا أمام سلطة تشريعية عرجاء".
وأضاف عرب لـ الاردن24: "وأما الحديث عن تعارض مقترح القانون مع اتفاقية وادي عربة، فلا بدّ من التأكيد على أن اتفاقية وادي عربة غير دستورية في أساسها، بل إنها عدوان على الحقّ الأردني والفلسطيني، وهي مرفوضة شعبيا وسياسيا، وأن تكون اتفاقية باطلة في أصلها ووصفها لا يجعل لها سموّا على شيء، حيث أن هذه الاتفاقية اقتطعت من الوطن، وزهدت في حقوق الوطن، وأثرت على حقوق الشعب القومية، وعلى حقوق الخزينة المالية".
ولفت إلى أن اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني تستوجب اخضاع المسؤولين عن توقيعها للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى لقيامهم بتمرير هذه الاتفاقية، لافتا إلى "حكومة فيشي في فرنسا هي خير مثال على ذلك، فقد خضعت للمحاكمة لأنها تعاملت مع العدوّ متذرعة بمصالح الوطن".
وأشار إلى أن "خطوة مجلس النواب هي خطوة سياسية مقدّرة، وقرار قانوني دستوري، لكنها ستتعطل بموقف مجلس الوزراء المنحاز إلى خيار وادي عربة والتطبيع مع العدوّ الصهيوني"، متابعا بالقول: "رغم أنها لن تجد النور، لكنها ستظلّ صرخة النواب الشرفاء".
وحول امكانية سريان القانون بأثر رجعي وفرضه توقف ضخّ الغاز الذي بدأ فعلا حسب الأخبار الرسمية، قال عرب: "أذكّر هنا بأنه في عام 1989 وفي ظلّ أول مجلس برلماني عقب هبة نيسان، تم الغاء جميع التشريعات ذات المحتوى العرفي العسكري، وألغيت بأثر رجعي، كما أن قانون مكافحة الشيوعية، الذي كان ساريا من عام 1952 وألغي عام 1991، وأعيد على أثر ذلك كلّ الشيوعيين إلى وظائفهم".
الحمود: سنتحقق من عدم معارضته للاتفاقيات الدولية
وكانت رئيسة ديوان التشريع والرأي فداء الحمود قالت إنه إذا قررت الحكومة السير باجراءات تحويل المقترح إلى مشروع قانون، فإنها ستقوم بالتنسيق مع الجهات المعنية لصياغة مشروع القانون، وارساله الى ديوان التشريع والرأي سندا لأحكام المادة (7) من نظام ديوان التشريع والرأي.
وبينت أنه عند ارسال مشروع القانون إلى ديوان التشريع والرأي، فإنه يقوم بدراسته في ضوء مذكرة البيانات التشريعية، وذلك للتأكد من السند الدستوري لاصدار مشروع القانون، والسند القانوني له، لضمان عدم تعارضه مع الدستور والاتفاقيات الدولية المصادق عليها، وإذا كان لا يوجد ما يمنع من النواحي الدستورية والقانونية اصدار مثل هذا القانون، فيتم مراجعة الأحكام الموضوعية الواردة فيه.