التوقيف الإداري.. عندما تكون المطالبة بالإصلاح أخطر من تعاطي المخدرات
جو 24 :
تامر خورما_ تستمر المطالبات بوقف تغول الحكام الإداريين على السلطة القضائية عبر قانون منع الجرائم، الذي بات وسيلة لتكميم الأفواه ومصادر حق حرية الرأي والتعبير، أكثر من كونه مجرد وسيلة للحفاظ على الأمن المجتمعي. ولكن لاتزال الحكومة مستمرّة في استثمار هذا القانون لتقويض الحريات العامة، غير مكترثة على ما يبدو بكلّ الانتقادات الحقوقيّة.
وقد نفذت مجموعة من النشطاء ظهر اليوم الإثنين اعتصاما أمام مبنى المجلس القضائي في منطقة العبدلي، احتجاجا على تغوّل السلطة التنفيذيّة عبر التوقيف الإداري، حيث نوّه المحتجون بخطورة عدم احترام القرارات القضائيّة، عبر توقيف الأشخاص الذين أمر القضاء بإخلاء سبيلهم.
وكان نشطاء من حراك المفرق وأبناء قبيلة بني حسن قد اعتصموا يوم الجمعة، أمام المسجد الكبير في المحافظة، وذلك احتجاجا على اعتقال المطالبين بالإصلاح، الذين بات التوقيف الإداري سلاحا يستخدم لمحاربتهم.
بالأمس القريب أكد وزير الداخلية، سلامة حماد، في لقاء جمعه بالنائب يحي السعود ، أنه لن يتم توقيف أي شخص إداريا على خلفية تعاطي المخدرات، حيث ثمن السعود قرار الوزير بالاكتفاء بقرار القضاء حيال قضايا تعاطي المخدرات، دون الرجوع للحاكم الإداري.
مقابل هذا الموقف الذي جعل قضايا تعاطي المخدّرات بمنأى عن سطوة الحكام الإداريين، تمّ توقيف أربعة نشطاء من حراك أبناء قبيلة بني حسن، كانوا قد تقدموا بشكوى ضد أحد منتسبي الأجهزة الأمنية، إثر إشهاره السلاح في وجههم خلال اعتصام سلمي. ورغم أن القضاء قرّر إخلاء سبيل النشطاء فيما بعد، إلا أن محافظ الزرقاء لايزال مصرّا على مصادرة حريّتهم، حيث يبدو أنّهم في نظر السلطات التنفيذيّة أكثر "خطورة" من تعاطي المخدّرات!
هذه المقارنة، إلى جانب حالات لا مجال لحصرها، تكشف الدوافع الحقيقية الكامنة وراء الإصرار على هذا القانون، خاصّة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار ارتفاع قيمة الكفالات التي يتم فرضها على النشطاء السياسين.
الغريب أن وزير الداخلية نفسه كان قد تعهد للجنة الحريات النيابية، في نهاية أيلول الماضي، بعدم التوسع في التوقيف الإداري، بل ذكر إنه يتابع هذا الملف شخصيا بشكل يومي، غير أن الواقع يناقض تماما هذا الموقف، بدليل استمرار تطبيق قانون منع الجرائم، للتضييق على النشطاء.
حتى رئيس الحكومة د. عمر الرزاز، كان قد أقرّ أمام مجلس النواب، في بدايات الشهر الجاري، بوجود مبالغة في التوقيف الإداري، ما يستوجب إجراء دراسة ومراجعة صارمة للملف. وقال إن الحكومة جاهزة لعقد لقاء لبحث التجاوزات.
حديث الرزاز كان له صدى في غاية الغرابة عبر استمرار صدور قرارات التوقيف الإداري لمصادرة حرية النشطاء السياسيين، فهل حقّا يشكّل النشطاء المطالبين بالإصلاح السياسي واجتثاث الفساد خطورة على الأمن المجتمعي، لدرجة تبرّر التغوّل على أحكام القضاء، من قبل الحكّام الإداريّين، الذين لا يجدون خطورة مماثلة في تعاطي المخدرات؟!