الأطفال المعاقون بالأردن محرومون من حقهم في التعليم
روت أُم الشابة التي ولدتبإعاقة حركية كاملة، أن الكثيرين طلبوا منها التخلص من طفلتها أو الاستسلام أمام محاولات تربيتها مثل غيرها من الأطفال، غير أنها اصطدمت بواقع المدارس الذي حاولت تجاوزه كراكب أمواج يصارع موجة كبيرة.
وقالت"طلبت منا الروضة التي أدخلناها لها مبلغا ماليا مقابل نقل الحافلةِ للكرسيّ، وحين وصلت للصف الأول نقلناها لمدرسة خاصة، اعتقدنا أنها ستشعر بالراحة وتحصل على تعليمٍ جيد"، غير أنالمدرسة طالبتهابمبالغ إضافية -غير الأقساط المدرسية- لتأذن لعاملة التنظيفات فيها بتقديم ما تحتاجه من مساعدةٍ مثل دخول الحمام، وهو ما لم تتردد العائلة بفعله، إلا أنهم ألقوا النقود في جيوبهم وكانوا يتصلون بالأم في كل مرةٍ احتاجت الفتاة بها للمساعدة.
قالت والدة سلسبيل للجزيرة نت، إنالمدارس الحكومية أوصدت الأبواب في وجه ابنتها بعد أن أتمت عامها السابعرافضة استقبالها لعدم تهيئتها للمعاقين، وعدم قدرة الأهل على تحمل تكاليف المدارس الخاصة بسبب تعرضهم للاستغلال بحسبها.
وبعد استنجاد الوالدة به، طالبرئيس "المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" الأمير مرعد بن رعد بن زيدبالإيعاز للمدارس بقبول الطفلة، فاتحا الباب لتطبيق التعليم الدامج، فيما لم تتوقف الأم عن مرافقةِ ابنتها لسنوات، إلى المدرسة وحضور الحصص الصفية كي لا تشعر بالوحدة إلى حين أصيبت الأم بمرض أقعدها في المستشفى ومنعها من مرافقة سلسبيل، التي اضطرت لترك المدرسةِ بعد ضغوط، منها عدم وجود من يعينها، الأمر الذي دفعها للتخلي عن أحلامهافي المرحلة الثانوية.
حال الشابة سلسبيل، لا يختلف عن حال الآلاف من الأشخاص المعاقين الذين توقفت أحلامهم في إكمال حياتهم الدراسية والسعي نحو حياة كريمة، تمكنهم من الاعتماد على أنفسهم، غير أن أُم الشابة سلسبيل وبعد أن أمضت قرابة عشرين عاما من المعاناة، تُحمّل وزارة التربية والتعليم مسؤولية حرمان أي طالب من تحقيق أبسط أحلامه بإكمال دراسته.
ثلث الأميين الأردنيين ممن هم فوق 13عاما من المعاقين(الجزيرة) |
لا تمويل حكوميا
وفي دراسة حكومية، ذكرت دائرة الإحصاءات العامة الأردنية أن ثلث الأميين الأردنيين ممن هم فوق 13 عاما من المعاقين، في حين أشارت بيانات الوزارة لعام 2018 إلى أن 92% من الأطفال المعاقين بسن التعليم في المملكة لا يتلقونه بأي شكل.
وقالت الناشطة والعضو في "المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" هديل أبو صوفة،إن تلك الأرقامخطيرة، وأرجعت الأمر لعدم توحيد الجهود بين عمل المؤسسات وتركيزها على جانب واحد، وأدائها عملا غير منظم، بحسبها.
وأضافت هديلالتي تعرضت لحادث في طفولتها أدى لإصابتها بإعاقةٍ حركية، أن الكادر التدريسي بحاجة لتعديل وبناء قدرات، كما يجب مواءمة المناهج الدراسية للأطفال المعاقين.
وترفضفكرة وجود دمج في التعليم، إذ إن التهيئة البيئية وحدها لا تعد دمجا من وجهة نظرها، شارحة انقسام المدارس لتلك الخاصة التي تجد فيها تعليما دامجا حقيقيا من حيث المعاملة والتهيئة والوعي بوجود المعاقين، ما يدفعها لطلب مبالغتعجز الأسر عن دفعها، وإلىالحكومية التي بالكاد تجد المهيأ منها، وتقتصر على المنحدرات لمستخدمي الكراسي، وغالبية ما تبقى غير مهيئ ألبتة.
وأكدت الناشطة هديلأن المجلس أبرم اتفاقيةمع وزارة التربية والتعليم تمتد لعشر سنوات أو ما سمي بإستراتيجية التعليم الدامج، مشيرة إلى أن توقيع هذه الاتفاقية بمثابة خطوة متقدمة بالاتجاه الصحيح، وانتصار لحقوق الطلبة المعاقين بالأردن.
الأمير مرعد بن رعد بن زيديتابع الأطفال المعاقينخلال نشاط"للمجلسالأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"(الجزيرة) |
الوزارة فخورة
من جانبه، قالموسى غنيمات مدير برامج الطلبة المعاقين في وزارة التربية والتعليم،إن الهدف هو رفعنسبة المعاقين في المدارس من 1.9% إلى 10% خلال السنوات العشر المقبلة، وأشارإلى أنالوزارة تخدم عشرينألف طالب معاق، وأقر بافتقارالمملكةللمدارس المهيأة، نظرا لأن عددا منها مستأجر، وأُخرى قديمة غير مؤهلةٍ للتعليم.
لكن أمين عام المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص المعاقينمهند العزة، لم يخف خلال تصريحات صحفية سابقة خوفه من تطبيق إستراتيجية التعليم الدامج، إذ خلت موازنة التربية الخاصة عام 2019 من أي بند حولها، و"ثمة خشية بأن يلقى المشروع الحالي مصير الإستراتيجية الوطنية للأشخاص المعاقين التي طرحت خلال 2007-2015، إذ إن 50% من أهدافها لم تر النور بعد أربع سنوات من انتهاء المهلة".