أين اختفى اللاجئون السوريون؟
عريب الرنتاوي
جو 24 : فجأة ومن دون مقدمات جدية تذكر، سُحِب موضوع اللاجئين السوريين إلى الأردن من التداول السياسي والإعلامي..اختفى «العداد اليومي» الذي كان يُحصي تدفقاتهم اليومية عن صدر الصفحات الأولى، وباستثناء بعض الأرقام الفردية، لم يدخل البلاد أي شقيق سوري طوال أكثر من أسبوع أو عشرة أيام.
أين اختفى اللاجئون السوريون؟..ولماذا توقف الطلب على اللجوء؟..لا نقرأ ولا نشاهد تقارير عن تكدسهم بعشرات الآلاف على الضفة الأخرى من الحدود، إذ جرت العادة في حالات مشابهة، أن يتجمع اللاجئون على مقربة من الحدود بانتظار فتحها، إن كانت مغلقة من الجانب الآخر..هذا لم يحصل في الحالة الأردنية مع لاجئي سوريا..ولو حصل، لما بقيت صحيفة أو فضائية أو موقع، من دون أن تفرد مساحات واسعة لتغطية مأساة هؤلاء ومعاناتهم الإنسانية.
لم نقرأ بيانات استغاثة أو مناشدة، لا من اللاجئين أنفسهم ولا من المنظمات الإنسانية الدولية، تطالب الأردن فتح حدوده، وتحثه على الاستمرار في سياسة الأبواب المفتوحة أمام تدفق اللاجئين..ولو كان هناك «طلب» مستمر أو متزايد على اللجوء للأردن، لكنا قرأنا وشاهدنا بيانات الاستغاثة من اللاجئين والنداءات والمناشدات من المنظمات الإنسانية وعواصم الدول المسكونة بهاجس «حق الحياة»، من دون أن تتبرع لفتح أبوابها هي بالذات، للباحثين عن الحياة والنجاة.
كل هذا يحدث فجأة، ومن دون جهد أو تحضير..ما يطرح سيلا من الأسئلة والتساؤلات: هل أخذنا حصتنا وكفى؟..أهو إغلاق الحدود من الجانب الأردني أم تغير الأحوال وتبدّل الأوضاع من الجانب السوري؟..إن كان قرار الإغلاق هو السبب، هل يبحث اللاجئون السوريون عن ملاذات أخرى؟..أين وكيف؟..وإن كانت الإحوال هناك هي التي تبدلت، فهل نتوقع بدء «موسم الهجرة إلى الشمال»، كما حصل مع اللاجئين السوريين في العراق، الذي أخذوا بالعودة إلى ديارهم وبأعداد كبيرة وجماعية في الأيام الأخيرة
لقد فتحت المعابر الحدودية الأردنية السورية أبوابها لتصدير واستيراد الخضروات والفواكه بين البلدين على ما تقول جمعية المصدرين..وقد سُجّلت مؤخراً حركة عبور، وإن ضعيفة للغاية للأفراد من هذه المعابر كذلك..وفي ظل تناقص الطلب على «اللجوء» وانعدام الحركة على المعابر غير الشرعية، فإن من المرجح أن يكون السبب في انخفاض أعداد اللاجئين إلى حد «التلاشي»، إنما يعود في شطره الرئيس إلى «تبدّل الأحوال» في جنوب سوريا من جهة، وبدرجة أقل، إلى قرار السلطات الأردنية وقف استقبال اللاجئين من جهة ثانية
ثمة سابقة على الحدود التركية السورية، شهدناهاقبل عام أو أزيد قليلاً، عندما قررت أنقرة إغلاق حدودها مؤقتاً في وجه اللاجئين السوريين..يومها «تكدّس» اللاجئون بالآلاف على مقربة من الحدود بانتظار الفرج ولحظة فتحها، وشهدنا نداءات من المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي لأنقرة بإعادة فتح الحدود..هذا لم يحصل في الحالة الأردنية..الوضع إذا بات مختلفاً.
ما الذي حصل في سوريا حتى انخفضت أعداد اللاجئين السوريين إلى الخارج (بالمناسبة أعداد اللاجئين إلى لبنان تراجعت كذلك)؟..أحسب أن تراجع شبح «معركة دمشق» ونجاح النظام في استعادة السيطرة على الغوطتين الشرقية والغربية كان سبباً حاسماً لتراجع أعداد اللاجئين..وأضيف إلى ذلك، أن نجاح الجيش السوري في السيطرة على طريق دمشق – عمان، وفي استعادة سيطرته على درعا وريفها، هو السبب الرئيس في تقليص أعداد اللاجئين والنازحين السوريين.
هي مناسبة إذن، لتتبع الموقف عن كثب، وتسهيل عودة اللاجئين استناداً إلى هذه التطورات الميدانية الجديدة، بل وفتح حوار مع كل أطراف الأزمة السورية من أجل إعادة هؤلاء إلى بيوتهم وديارهم، وتوفير ملاذات إنسانية آمنة توافقيه لهم فوق ترابهم الوطني، وأقول توافقيه، أي بالتنسيق مع النظام أساسا (والمعارضات بدرجة أقل لأنها الأضعف حضوراً في هذه المناطق)، وليس بأسلوب الفرض والإملاء.
قضية اللجوء السوري بشكلها العام..لعب الإعلام دوراً في تضخيمها من خلال ترويجه لكثير من الأكاذيب وقليل من الحقائق حول ما يجري في سوريا، وتلقفتها جمعيات إغاثية، ظاهرها فيه الرحمة الإنسانية، وباطنها غير ذلك..ولا شك أن توقف تدفق اللاجئين ليس خبراً ساراً بالنسبة للكثيرين والإعلام..لكننا كبلد مستضيف لأكبر نسبة منهم، لنا مصلحة في وقف تدفقاتهم من جهة، وفي عودتهم السريعة (شرط أن تكون الآمنة) إلى مدنهم وقراهم من جهة ثانية، وفي ظني أن إنجاز هذا الأمر بات ممكنا، شرط أن نفكر من خارج الصندوق. (الدستور)
أين اختفى اللاجئون السوريون؟..ولماذا توقف الطلب على اللجوء؟..لا نقرأ ولا نشاهد تقارير عن تكدسهم بعشرات الآلاف على الضفة الأخرى من الحدود، إذ جرت العادة في حالات مشابهة، أن يتجمع اللاجئون على مقربة من الحدود بانتظار فتحها، إن كانت مغلقة من الجانب الآخر..هذا لم يحصل في الحالة الأردنية مع لاجئي سوريا..ولو حصل، لما بقيت صحيفة أو فضائية أو موقع، من دون أن تفرد مساحات واسعة لتغطية مأساة هؤلاء ومعاناتهم الإنسانية.
لم نقرأ بيانات استغاثة أو مناشدة، لا من اللاجئين أنفسهم ولا من المنظمات الإنسانية الدولية، تطالب الأردن فتح حدوده، وتحثه على الاستمرار في سياسة الأبواب المفتوحة أمام تدفق اللاجئين..ولو كان هناك «طلب» مستمر أو متزايد على اللجوء للأردن، لكنا قرأنا وشاهدنا بيانات الاستغاثة من اللاجئين والنداءات والمناشدات من المنظمات الإنسانية وعواصم الدول المسكونة بهاجس «حق الحياة»، من دون أن تتبرع لفتح أبوابها هي بالذات، للباحثين عن الحياة والنجاة.
كل هذا يحدث فجأة، ومن دون جهد أو تحضير..ما يطرح سيلا من الأسئلة والتساؤلات: هل أخذنا حصتنا وكفى؟..أهو إغلاق الحدود من الجانب الأردني أم تغير الأحوال وتبدّل الأوضاع من الجانب السوري؟..إن كان قرار الإغلاق هو السبب، هل يبحث اللاجئون السوريون عن ملاذات أخرى؟..أين وكيف؟..وإن كانت الإحوال هناك هي التي تبدلت، فهل نتوقع بدء «موسم الهجرة إلى الشمال»، كما حصل مع اللاجئين السوريين في العراق، الذي أخذوا بالعودة إلى ديارهم وبأعداد كبيرة وجماعية في الأيام الأخيرة
لقد فتحت المعابر الحدودية الأردنية السورية أبوابها لتصدير واستيراد الخضروات والفواكه بين البلدين على ما تقول جمعية المصدرين..وقد سُجّلت مؤخراً حركة عبور، وإن ضعيفة للغاية للأفراد من هذه المعابر كذلك..وفي ظل تناقص الطلب على «اللجوء» وانعدام الحركة على المعابر غير الشرعية، فإن من المرجح أن يكون السبب في انخفاض أعداد اللاجئين إلى حد «التلاشي»، إنما يعود في شطره الرئيس إلى «تبدّل الأحوال» في جنوب سوريا من جهة، وبدرجة أقل، إلى قرار السلطات الأردنية وقف استقبال اللاجئين من جهة ثانية
ثمة سابقة على الحدود التركية السورية، شهدناهاقبل عام أو أزيد قليلاً، عندما قررت أنقرة إغلاق حدودها مؤقتاً في وجه اللاجئين السوريين..يومها «تكدّس» اللاجئون بالآلاف على مقربة من الحدود بانتظار الفرج ولحظة فتحها، وشهدنا نداءات من المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي لأنقرة بإعادة فتح الحدود..هذا لم يحصل في الحالة الأردنية..الوضع إذا بات مختلفاً.
ما الذي حصل في سوريا حتى انخفضت أعداد اللاجئين السوريين إلى الخارج (بالمناسبة أعداد اللاجئين إلى لبنان تراجعت كذلك)؟..أحسب أن تراجع شبح «معركة دمشق» ونجاح النظام في استعادة السيطرة على الغوطتين الشرقية والغربية كان سبباً حاسماً لتراجع أعداد اللاجئين..وأضيف إلى ذلك، أن نجاح الجيش السوري في السيطرة على طريق دمشق – عمان، وفي استعادة سيطرته على درعا وريفها، هو السبب الرئيس في تقليص أعداد اللاجئين والنازحين السوريين.
هي مناسبة إذن، لتتبع الموقف عن كثب، وتسهيل عودة اللاجئين استناداً إلى هذه التطورات الميدانية الجديدة، بل وفتح حوار مع كل أطراف الأزمة السورية من أجل إعادة هؤلاء إلى بيوتهم وديارهم، وتوفير ملاذات إنسانية آمنة توافقيه لهم فوق ترابهم الوطني، وأقول توافقيه، أي بالتنسيق مع النظام أساسا (والمعارضات بدرجة أقل لأنها الأضعف حضوراً في هذه المناطق)، وليس بأسلوب الفرض والإملاء.
قضية اللجوء السوري بشكلها العام..لعب الإعلام دوراً في تضخيمها من خلال ترويجه لكثير من الأكاذيب وقليل من الحقائق حول ما يجري في سوريا، وتلقفتها جمعيات إغاثية، ظاهرها فيه الرحمة الإنسانية، وباطنها غير ذلك..ولا شك أن توقف تدفق اللاجئين ليس خبراً ساراً بالنسبة للكثيرين والإعلام..لكننا كبلد مستضيف لأكبر نسبة منهم، لنا مصلحة في وقف تدفقاتهم من جهة، وفي عودتهم السريعة (شرط أن تكون الآمنة) إلى مدنهم وقراهم من جهة ثانية، وفي ظني أن إنجاز هذا الأمر بات ممكنا، شرط أن نفكر من خارج الصندوق. (الدستور)