تعليم الأطفال "إتيكيت" المائدة.. رفاهية أم نمو عقلي؟
هل يمكن أن نغفر للأطفال سوء سلوكهم على مائدة الطعام إن كانوا أقل من خمس سنوات؟ وهل يجب الاهتمام بتعليمهم قواعد السلوك عند الطعام؟
الحقيقة أن تعليم الأطفال قواعد السلوك الأساسية ليست رفاهية، وليست لها علاقة بالمستوى الاجتماعي أو المادي، وإنما هي مهارات لا بد أن يتحلى بها الطفل منذ الأعوام الأولى من عمره، لا سيما أنها مؤشر على تطور نموه العقلي واندماجه وتأثره بالمجتمع من حوله.
رفاهية أم نمو عقلي؟
لذلك، فإن تناول الطعام بصورة غير مقززة تعني أن الطفل يجيد مهارات التآزر الحركي والبصري، أي أنه يتمكن من ضبط عضلات يده وأصابعه تزامنا مع ما يراه، ومن ثم يجيد الإمساك بالملعقة ويوجهها إلى فمه بصورة دقيقة، دون أن يسكب الطعام على ملابسه.
مع تطوره العمري وتقدم نموه العقلي؛ يجيد الطفل تناول الطعام بصوره المختلفة الصلبة والسائلة، والمعقدة أحيانا كالمكرونة الإسباغيتي.
يقول سليم ذو الثمانية أعوام بتبرم إن "تناول الطعام صعب"، في حينيركز على محاولة تناول المكرونة الإسباغيتي بالشوكة والملعقة.
تعد وجبة المكرونة جزءا من دورة "إتيكيت" للأطفال من سن الثامنة إلى 11.
وتقول خبيرة "الإتيكيت" الألمانية يانينه كاتارينا بوتش إن دورات التعلم للأطفال مطلوبة أيضا، خاصة "من الآباء الذين يريدون من أبنائهم اكتساب آداب السلوك".
ويقول أولريك ريتسر-زاكس -وهو استشاري عبر الإنترنت من "المؤتمر الاتحادي الألماني لاستشارات إرشاد الطفل"- إن الآباء هم الأساس في ما يتعلق بآداب السلوك في الأسرة. ويضيف "يجب أن يكونوا واضحين فيما يعنيه بالنسبة لهم آداب السلوك، وأن يكونوا مثالا يحتذى به".
السباب عن طريق الخطأ
ولكن، ماذا لو صدر منهم سبابأو كلامنابيعن طريق الخطأ؟ ينصح ريتسر-زاكي هنا بأنه "يجب عليهم أن يعترفوا بخطئهم"، لأن هذا الموقف سيكون مرجعا لهم للاعتذار في مواقف شبيهة.
ورغم أن الآباء قد يفعلون أقصى ما في وسعهم ليكونوا مثالا يحتذى به لآداب السلوك، فإن هناك أوقات تبدو أن الرسالة لم تصل لأبنائهم، وسيتلفظ الأطفال بأحدث الشتائم التي التقطوها من الروضة، أو سيجرون منافسات للتجشوء على الطاولة، أو أن يقولوا للآباء "اغرب عن وجهي".
ويؤكد ريتسر-زاكس قائلا "رغم إثارة هذه المواقف السخط فإنها ستمر"، مضيفا أن الحلول المبتكرة أكثر فعالية من استخدام القوة، قائلا "يمكنك أن تعلق قائمة بالشتائم المستخدمة حاليا على الثلاجة عندما يأتي الأجداد للزيارة، وهذا قد يثير بعض المناقشات المثمرة".
ربما يخجل الأطفال من سلوكهم المشين أمام أجدادهم الذين يحبون أن يظهروا أمامهم في أفضل صورة ليكسبوا تقديرهم وإعجابهم.
وأفضل طريقة للتواصل مع المراهقين هي الإيضاح لهم بشكل مباشر أن آداب السلوك ليست غاية في حد ذاتها، ولكنهاتعبير عن الاحترام والتقدير، حسب ماريون فيمان، منسقة إحدى دورات الإتيكيت التي تنظمها "مالتيسرهيلفسدينست"، وهي منظمة إغاثية كاثوليكية في ألمانيا.