ترامب يلاحق الحوامل.. الولادة السياحية بأميركا أصبحت نشاطا إجراميا
أصدرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرارا يحق بموجبه للقنصل رفض إصدار تأشيرة السياحة بي1/ بي2 للسيدات الحوامل، بهدف تقويض سياحة الولادة.
بدأ تنفيذ القرار منذ 24 يناير/كانون الثاني الماضي، إذ يحق للقنصل أو من ينوب عنه التحقق من رغبة طالبة التأشيرة السياحية في الولادة بأميركا، ولم يتضح من القرار وسيلة التحقق أو عقوبة الكذب بشأن نية الولادة على الأراضي الأميركية، والتي تمنح المولود حق المواطنة مباشرة بحكم الدستور الأميركي.
استندت دائرة الشؤون القنصلية التابعة للخارجية الأميركية في تعديلات قرار إصدار تأشيرات السياحة لغير المهاجرين، على أن الهدف من التأشيرة بي2 هو السياحة والترفيه وليس الولادة، واعتبرت الحصول على الجنسية الأميركية عن طريق تأشيرة دخول مؤقت لغير المهاجرين أمرا غير مسموح به، لذا يجب على الموظف القنصلي أن يحرم الأجانب من دخول البلاد إذا ظن أنهم يعزمون على الولادة في أميركا.
نشاط إجرامي
واعتبرت الخارجية الأميركية ما يعرف بسياحة الولادة نشاطا يؤثر على الأمن القومي للبلاد، وتعتزم السلطات ملاحقة الكيانات المتورطة في هذه الصناعة، كالشركات التي تيسر إجراءات الولادة واستصدار جواز السفر الأميركي للمواليد من آباء أجانب بمقابل مادي، واعتبرته نشاطا إجراميا، ولا سيما أن الولادة في أميركا ليست ضمن الأغراض الواضحة لإصدار تأشيرة السياحة بي2، بحسب الجريدة اليومية للحكومة الأميركية "فدرال ريجيستر".
واعتبرت الخارجية صناعة سياحة الولادة مصدرا للاحتيال والأنشطة التي تتضمن مخططات إجرامية دولية والمشاركة في غسيل الأموال، وأشارت إلى اتهام 19 شخصا مؤخرا بتهم الاحتيال في الهجرة من خلال تلك الصناعة. ووفقا لقرار الاتهام الفدرالي، فإن المتهمين تلقوا مبالغ تصل إلى مئة ألف دولار عن كل سيدة حامل، واستخدموا في ذلك 14 حسابا بنكيا لتلقي أكثر من 3.4 ملايين دولار عبر التحويلات البنكية الدولية خلال عامين فقط.
وأوضحت فدرال ريجيستر أن بعض الأسر تأتي للولايات المتحدة بهدف الحصول على رعاية صحية متكاملة دون دفع قيمتها الحقيقية، وأشارت-على سبيل المثال- إلى زوجين دفعا 4600 دولار فقط من إجمالي 32 ألف دولار هي تكلفة الولادة، بينما تمتلك الأسرة حسابا بنكيا داخل أميركا فيه 225 ألف دولار، إضافة إلى قيمة مشتريات باهظة من متاجر لوي فيتون ورولكس، وذلك بمساعدة كيانات مشغلي سياحة الولادة.
بحكم الدستور، يحق لجميع المواليد على الأراضي الأميركية الحصول على حق المواطنة، لكن مع تفعيل ذلك القرار، يصبح على النساء المتقدمات بطلب تأشيرة السياحة بي2، الراغبات في الولادة بأميركا، إثبات قدرتهن على دفع تكاليف الولادة والمعيشة كاملة طوال فترة الإقامة المتوقعة في البلاد إضافة إلى نفقات الطوارئ، مع توضيح السبب الطبي الذي يستدعي الولادة هناك بأدلة تقنع الموظف القنصلي، كما يحق للأخير -بموجب القرار- طرح أي أسئلة متعلقة باعتزام الولادة قد تساعده في قرار إصدار التأشيرة أو منعها.
تفعيل قرار قديم
بصورة واقعية، هذا القرار مفعل منذ سنوات، إذ يرفض موظفو القنصليات منح تأشيرة السياحة لكل سيدة تبدو عليها علامات الحمل، لذا كانت تحرص النساء على استصدار التأشيرة السياحية بي1/ بي2 في الشهور الأولى من الحمل، ويحق أيضا لموظف الجوازات بالمطار منع دخول النساء الحوامل ممن يحملن التأشيرة السياحية، وهو ما سيزيد الأمر تعقيدا، ولا سيما أن النساء يفضلن السفر للولادة قبل أسابيع قليلة من وقتها لتخفيض النفقات.
لم تحدد الخارجية الأميركية أعداد المواليد الذين حصلوا على الجنسية الأميركية من خلال سياحة المواليد، لكنها أكدت تقديرها أن هناك أعدادا من النساء يتلقين علاجا طبيا في الولايات المتحدة، ويعتزمن الولادة فيها بسبب الحالة الصحية، ولديهن القدرة المادية لتغطية تكاليف العلاج كاملة.
الصين وروسيا والمكسيك
تأتي مخاوف الإدارة الأميركية من تزايد أعداد القادمين من الصين وروسيا والمكسيك الذين تتجاوز أعدادهم عشرات الآلاف، ممن يستهدفون زيارة الولايات المتحدة للحصول على الجنسية الأميركية لأبنائهم دون دفع تكاليف الولادة، وعلى جانب آخر: تنامي الكيانات المجهولة داخل أميركا التي تستقطب الأجانب بغرض الولادة، وتحقق ملايين الدولارات سنويا دون دفع ضرائب عن هذا النشاط.
تروّج شركات سياحة الولادة للمزايا التي يحصل عليها الطفل الأميركي وتمتد بعد سنوات لعائلته، مثل التعليم والعلاج المجانيين واستحقاقات التقاعد والقدرة على المنافسة للحصول على وظائف في الحكومة الأميركية وأحقية لمّ شمل الأسرة في المستقبل بعد بلوغ حامل الجنسية الأميركية سن 21 عاما.
وكان أكثر ما يقلق الرئيس دونالد ترامب هو ما يطلق عليه الهجرة التسلسلية (Chain Immigration)، والتي تعني قدرة المهاجر على استقدام أفراد عائلته تدريجيا بموجب قوانين الهجرة الأميركية، كما طالب الكونغرس الأميركي بوضع حد لتأشيرات "اللوتاري" السنوية التي تمنح لحاملها بطاقة الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة (الغرين كارد).
تقدر أعداد النساء الأجانب اللاتي يضعن أبنائهن في الولايات المتحدة سنويا بحوالي 35-50 ألف سيدة، بحسب تقديرات غير رسمية، وتختلف تكلفة الولادة من ولاية إلى أخرى، غير أن فلوريدا وكاليفورنيا ونيويورك وشيكاغو هي أكثر الولايات التي تستقبل حالات ولادة الأجانب في الولايات المتحدة.
ترجع أغلب حالات ولادة الأجانب -من غير المهاجرين- إلى سيدات يحملن تأشيرة السياحة المؤقتة بي1/ بي2، المخصصة لأغراض حضور المؤتمرات والزيارات المؤقتة لعقد الصفقات والسياحة والترفيه وتلقي العلاج في الولايات المتحدة.