البحث عن "الجين اليهودي".. هل يستطيع ابن نتنياهو الزواج من نرويجية؟
يفترض أن يصدر اليوم الخميس (6فبراير/شباط)كتاب "دولة إسرائيل ضد اليهود" للكاتب سيلفان سيبال الذي يدرس تطور المجتمع الإسرائيلي على مدى آخر عقدين من الزمن.
وعرضت مجلة "أورينت21" الفرنسية مقتطفات من الباب الرابع في هذا الكتاب، وهو يتمحور حول موضوع "البحث عن الجين اليهودي" وفكرة استخدام الاختبارات الجينية لتحديد من هو اليهودي في المجتمع الإسرائيلي.
يقول الكاتب إنه بعد انتشار فكرة تفوق العرق الأبيض، تبرز ظاهرة جديدة بدأ نطاقها يتسع، وهي فكرة الحفاظ على نقاء العرق اليهودي، وكان بنيامين نتنياهو عام 2016 قد أعلن عن مخطط تطهيري لإحاطة إسرائيل بسياج آمن.
وحتى اليوم، لم توافق المحكمة العليا الإسرائيلية على طلب الحاخامية الكبرى باللجوء للاختبار الجيني لإثبات يهودية الأشخاص، وهو أمر تعارضه المنظمات العلمانية وحزب "إسرائيل بيتنا".
الزواج من نرويجية
هذه العقلية سبب للانكفاء عن الذات وإقصاء وجود الآخر، وقد تكون نتاج فكر عنصري أو احتياجات أمنية، وهي في الغالب تصطبغ بطابع ديني ويكون فيها التداخل بين العقائدي والوطني، إذ إن الديانة اليهودية كما يتم تطبيقها في إسرائيل، يتمتع فيها الحاخام المحافظ بصلاحيات تشمل التدخل في الشأن العام وإدارة الحياة العائلية، مثل الولادات والزواج والطلاق والوفاة، ولا يتم الاعتراف بالزواج المدني، أو الزيجات المختلطة بين اليهود وأصحاب الديانات الأخرى.
هذا الرفض للآخر، يترافق دائما مع تعبيرات عنصرية، عام 2014 عندما انكشفت العلاقة بين يائير نتنياهو (ابن رئيس الوزراء) والطالبة النرويجية ساندرا ليكنجر، مما أثار حفيظةأصحابمقولة النقاء اليهودي.
وكتب حينها نيسيم زيئيف النائب عن حزب شاس المتطرف يقول "كل يهودي يجب عليه السعي للمحافظة على جذوره من خلال الزواج من فتاة يهودية، وبما أن نتنياهو هو رئيس وزراء الشعب اليهودي، فهو يجب أن يثبت روح المسؤولية الوطنية ويدافع عن هذه القيم داخل منزله".
وحتى داخل أوساط حزب الليكود، اعتبرت هذه العلاقة مشكلة حقيقية، إذ إن كثيرين اعتبروا أنه لو تزوج ابن رئيس الوزراء من هذه النرويجية، فإن أبناءهما لن يكونوا يهودا باعتبار أن الانتماء لهذه الديانة يتوارث عبر الأم، وهذا سيكون بمثابة خيانة للعرق ومأساة كبرى بحسب تعبيره.
الزواج من العرب
وتصبح هذه المواقفأكثر حدة عندما يرغب يهودي أو يهودية في الزواج من العرب، إذ إن الارتباط بالعرب في إسرائيل يرقى إلى مرتبة خيانة العرق.
عام 2018 عندما أراد الممثل والمغني تساحي هليفي الزواج من الصحفية ومقدمة الأخبار المسلمة الفلسطينية لوسي هريش، تدخل الكثيرون بما في ذلك وزير الداخلية حينها أرييه درعي معبرا عن معارضته لهذه الخطوة، وقال في تصريح لإذاعة الجيش "إن هذا الزواج ليس أمرا جيدا، إذ إن أطفالكم سوف يواجهون إشكالا في وضعهم القانوني، ولذلك نقترح على خطيبته أن تعتنق الديانة اليهودية".
ويشير الكاتب إلى أن هذا الهوس بالحفاظ على نقاء العرق اليهودي كانت له تبعات أخرى، من أبرزها ظهور مدرسة أبحاث علمية تسعى لجعل الجينات اليهودية هي الأساس والمبرر للفكر الصهيوني، أو بمعنى آخر اعتبارها دليلا على ما يسمى "الحق التاريخي لليهود بالعودة إلى أرض أجدادهم" واعتبار المعيار الجيني المحدد الوحيد لمن ينتمون لهذا الشعب.
العرق اليهودي
هذه الأيديولوجيا أيضا قادت لانعقاد مؤتمر أكاديميعام 2014 في تل أبيب، تحت عنوان "اليهود والعرق: الجينات والتاريخ والثقافة" طرح خلاله الأساتذة الجامعيون مسألة وجود العرق اليهودي، وعارضها آخرون، إلا أن عنوان هذا المؤتمر لوحده يطرح علامات استفهام كبيرة، حول فرضية الاعتماد على الجينات لتحديد الديانة.
هذه الأفكار التي يتزايد داعموها في إسرائيل، قابلتها مواقف استغراب وتكذيب في أوساط العلماء، خاصة المتخصصين في الجينات، أو حتى المؤرخين. إذ إن خبراء التاريخ الإسرائيليين، سواء كانوا من القوميين المتشددين أوالتقدميين، كلهم تقريبا يقفون ضد فكرة ربط الجينات بالديانة اليهودية.
وكانت الباحثة الإسرائيلية إيفا جابلونكا -التي تؤيد استخدام علم الجينات في العلوم الاجتماعية- قد رفضت فكرة البحث عن الجين اليهودي، معتبرة أن من يدعمون هذا الادعاء من "القوميين الذين يرتدون أقنعة" والذين لا يبحثون عن إثبات أي شيء سوى ما يؤمنون به، وهو فكرة وجود شعب لم يطرأ عليه أي تغيير منذ ثلاثة آلاف سنة، وبالتالي اعتباره شعبا فريدا.
وتعتبر جابلونكا أن هذا الطرح من السخافات التي لا معنى لها، والتي للأسف تجد أعدادا متزايدة من المناصرين والمؤمنين بها في إسرائيل، خاصة من المتدينين والقوميين المتشددين.
|
استنادا إلى هذه الأيديولوجيا، شرعت الحاخامية الكبرى بإسرائيل في الدعوة لإخضاع من يجري التشكيك في "مدى يهوديتهم" لاختبار للجينات.
ويحذر المحلل الإسرائيلي نواه سليبكوف من دفع الناس للقيام بهذه الاختبارات الجينية،لأن ذلك يجعل حاخامات إسرائيل يقعون في نفس فخ العلوم العنصرية التي انتشرت خلال القرن 19.
هذه الأفكار المتطرفة قد تبقى هامشية في إسرائيل، ولكن يجب أخذها على محمل الجد، بما أنها تتطور باستمرار، بحسب تقرير المجلة الفرنسية.