فيلم "رأس السنة".. هل كان حقا يستحق المنع؟
بعد الإعلان عن موعد عرض الفيلم العربي"رأس السنة" في مارس/آذار من العام الماضي وبدء الدعاية الترويجية له، تراجعت الرقابة عن منحه تصريحا بالعرض، في خطوة غامضة أثارت علامات استفهام كثيرة حول الفيلم، خصوصا مع تصريحات صحفية لرئيس الرقابة على المصنفات الفنية خالد عبد الجليل، أكد فيها عدم وجود أي مشاكل بخصوص الفيلم.
ورغم ذلك، ظل الفيلم حبيسا في الأدراج قرابة العام، قبل أن تفرج عنه الأجهزة الرقابية مؤخرا، ويبدأ عرضه تجاريا في مصر الأربعاء 5 فبراير/شباط الجاري.
مشاكل الطبقة الغنية
يستعرض الفيلم مشاكل الطبقة الاجتماعية الثرية، حيث ينظم عدد من الشباب حفلا في قرية ساحلية للاحتفال بليلة رأس السنة، لنرى من خلالهم علاقاتهم المضطربة مع بعضهم وأسرهم وأصدقائهم.
يأخذ تاجر المخدرات (إياد نصار) شابا (أحمد مالك) في جولة للبحث عن المخدرات، ويؤمن الأول أن الطبقة الغنية بحاجة إلى الطبقة الفقيرة لتخدمها، والثاني يقدم نفسه لرجال الأمن في القرية السياحية على أنه نجل أحد كبار المسؤولين في البلد، وهو يكرر ذلك أكثر من مرة لحل أي عقبة تعترض طريقه.
في نفس الوقت، لدينا سيدة ثرية تريد أن تهدي صديقتها في عيد ميلادها هدية خاصة جدا، فتأتيها بشاب وسيم متخصص في التدليك، وسط تلميحات بأن مهمته قد لا تكون مقتصرة على التدليك، بينما الشاب مصرّ علىأنه يقوم "بالتدليك فقط"، وعندما تبدأ الفتاة جلستها تكشف لنا عن قصة زواجها وطلاقها، لتكون مدخلنا نحو علاقاتها المضطربة مع طليقها وأسرتها.
من الجنس والمخدرات إلى الظلم الطبقي، حيث يكتشف الشاب الثري اختفاء مبلغ من المال كان في حوزته، فلا يكون أمامه سوى تفتيش غرفة الخادم الذي يعمل لدى أسرته منذ سنين طويلة، ليجد لديه مبلغا ماليا أقل، وتستدعي صديقته الشرطةقبل أن يكشف الفيلم أن والد الشاب الثري هو من أعطى الخادم هذا المبلغ لمساعدته على تزويج نجله.
يمكن تلخيص مشكلة الفيلم في تقديمه شباب الطبقة الغنية في صورة لا تخرج عن شرب الخمور وتعاطي المخدرات وتبادل القبلات، ففي أحد مشاهد الفيلم يدخل أحد الأبطال باحثا عن فتاة، ليمرّ في طريقه بعدد من أبطال الفيلم، فنرى منهم واحدة تتقيأ في إشارة إلى معاناتها بعد شرب الخمر، وشابا يقف وسط أصدقائه يقبّل فتاة، وشابا آخر يطلب طلبا غامضا من فتاتين.
إذا أراد المشاهد أن يخرج بجملة مفيدة بعد مشاهدة الفيلم، فلا شك أن الفيلم يقدم رسالة شديدة السلبية تجاه الطبقتين الثرية والفقيرة، بين طبقة عليا يعيش شبابها بين المخدرات والعلاقات الجنسية، وطبقة أدنى تقدم المخدرات للطبقة الأعلى أو تخدمها أو تتعرض لظلمها.
هل استحق المنع؟
لدينا إذن هذا المزيج من حشد الجنس والمخدرات وعلاقات الأثرياء بالفقراء في ليلة واحدة، ولا يبدو كل ذلك جديدا على السينما المصرية حتى يكون مبررا كافيا لمنع الفيلم لنحو عام، لكن بالنظر للمحاذير الرقابية التي فرضتها لجنة الدراما في مصر العام الماضي، والاتجاه السياسي بصفة عامة لسيطرة أجهزة الدولة على الإنتاج الدرامي أو السينمائي، يمكننا تفهم أسباب المنع.
قبل ربع عقد من الزمن، قدم لنا المخرج عاطف الطيب فيلمه "ليلة ساخنة"، من بطولة نور الشريف ولبلبة، عن سائق أجرة يحاول تدبير مصاريف عملية جراحية لحماته، يلتقي في ليلة رأس السنة بفتاة ليل تم خداعها وسرقتها.
ينطلق السائق "الجدع" في شوارع قاهرة التسعينيات، في مغامرة مثيرة مع الفتاة التي قابلها بالصدفة ليرد لها حقها المسلوب، وتتوالى سلسلة من المغامرات المثيرة التي تحبس أنفاس المشاهد، وتنتهي بقصة حب وليدة.
يبدو نمط تقديم مجموعة من الشخصيات في يوم واحد من الأنماط المفضلة في السينما المصرية، وإن كان من أشهر أفلامه: "بين السماء والأرض" لصلاح أبو سيف، و"واحد صفر" لكاملة أبو ذكري، و"ساعة ونصف" لوائل إحسان، و"المنسي" لشريف عرفة.