لماذا نخاف من فيروس كورونا الجديد أكثر من خوفنا من الإنفلونزا؟
تعتبر الإنفلونزا مرضا قد يكون مميتا، ففي ألمانيا مثلا يمكن أن تؤدي إلى وفاة عدة آلاف وإصابة ملايين كثيرة منالبشر في حال حدوث موجات تفشٍّ شديدة، مما يجعل فيروس كورونا الجديدغير ضار إذا قورن بالإنفلونزا.
ورغم ذلك فإن العالم في اضطراب جراء تفشي فيروس كورونا الجديد، مما جعلهيتخذ إجراءات شديدة لمواجهته.
هناك أمور تبرر هذه الإجراءات، ولكن هناك أيضا عواطف وانفعالات تقفوراءها.
فالخبراء المعنيون يسعون منخلال جميع الإجراءات الممكنة لمنع انتشار جرثومة مميتة جديدة وتوطنهابين سكان العالم،كما أن خبراء معهد روبرت كوخ الألماني يرون أن منع استقرار هذا الفيروسلدى البشر أمر حاسم، محذرين من أن عدم النجاح في ذلك سيؤدي إلى وجودفيروس آخر يمكن أن يتسبب في أمراض جسيمة للجهاز التنفسي، حسبما أوضحتمتحدثة باسم المعهد.
يضاف إلى ذلك أن الفيروس جديد لم يخضع بعد للدراسة المستفيضة، "وطالمالم نعرف بشكل نهائي شيئا عن مثل هذا الفيروس، فلا بد من توخي بالغالحيطة والحذر"، بحسب وزير الصحة الألماني ينز شبان، في تصريح للقناةالأولى بالتلفزيون الألماني، وذلك في سياق التعليقعلى صور للعاملين في مستشفيات ألمانية يرتدون سترات واقية من العدوى.
وطوقت الصين مدنا مليونية السكان، وأغلقت دولٌ مجاورة حدودها،وعزلت المصابين بعدوى الفيروس.
وتهدف هذه الإجراءات لمنع حدوث المزيد من الحالات المرضية المحتملةالأخرى، حسبما أوضح رئيس الجمعية الألمانية لأطباءالأمراض المعدية برند زالتسبرغر، مشيرا إلى أن الهدف من وراء هذه الإجراءات هو كسبالوقت، "فكلما كان ذلك بطيئا، كلما عرفنا أكثر عن الإجراءات المضادة،مثل الأدوية المضادة للفيروس التي تستخدمها الصين، وربما استطعنا تطويرمصل مضاد".
هناك -إلى جانب هذه الأسباب العلمية- مكونات عاطفية وانفعالية تتسبب فيهذا القلق، حيث تبدو الصور القادمة من الصين -التي ظهر فيها فيروسكورونا الجديد أولا- مبالغا فيها، فتبدو مدن صينية كأن سكانها قد اختفوا، وانعزل ملايين الناس في هذهالمدن عن العالم.
ويقول خبير التعامل مع المخاطر في المعهد الفدرالي للتكنولوجيا بزيورخ ميشائيل زيجريست،إن عدم معرفة الكثير عن الفيروس إضافة إلى أنالكثير من الناس توفوا جراء الإصابة به، يساعد في أن يزداد تصور الناسللمخاطر.
كما أنه لا يمكن الاستهانة بالتأثير النفسي الناتج عن الخوف وإدراكالخطر، وهو ما ينسحب على الهيئات أيضا، بحسب خبيرةالصحة النفسية في جامعة ياكوب بمدينة بريمن الألمانية سونيا ليبكه.
وبحسب ليبكه، فإن السلطات الصينية تبدو وكأن لديها مخاوف من فقدان ثقةالسكان بها، وأن تعتبر دول أخرى الحكومة الصينية غير كفؤة في مواجهةالأزمة، وهو ما أدى إلى إجراءات "ليست معتادة في ألمانيا"، رغم أنمنظمة الصحة العالمية أشادت صراحة بتعامل الصين مع الفيروس.
وبدأ تفشي فيروس كورونا في مدنية ووهان الصينية أواخر ديسمبر/كانون الأول، وارتفعت حصيلة ضحاياه حتى الخميس إلى 563 وفاة وأكثر من 28 ألف إصابة على مستوى البلاد، وأكدت قرابة 25 دولة وجود حالات إصابة على أراضيها بالفيروس الذي ظهر أولا في سوق لبيع الحيوانات البرية في ووهان.
خوف
ويقول زالتسبرغر إن تزايد الحالات -خاصة في الصين-يظهر مبدئيا وكأن الموقف خارج السيطرة، وهو أمر يسبب الخوف لكثير من الناس.
وفي الوقت ذاته، فإن هناك تأثيرا للصور القادمة من مدينة ووهان المقطوعةعن العالم، بحسب الباحث في الخوف بجامعةجوتينجن الألمانية البروفيسور بورفين بانديلوف، مضيفا: "الناس تقول لنفسها: إن هذه الإجراءاتليست بلا سبب"، رغم أن الخوف يمكن أن ينشأ دون أن يكون له سبب يبررهبالضرورة، ويضيف أن"الخوف ليس أمرا جيدا في الإحصاءات".
لم تتسبب الإنفلونزا في الكثير من المعمعة التي تسبب فيها فيروس كوروناالجديد، "فنحن لم نتعود على هذا الفيروس"، حسبما يقول زالتسبرغر. ويضيفبانديلوف: "يصاب معظم الناس بالإنفلونزا، ويعلمون أنهم سيتعافون منها فيغضون 14 يوما، ولا يظنون أن الإنسان يمكن أن يموت بسببها".
صعوبة في التشخيص
يضع فيروس كورونا تحديات أمام العاملين في الرعاية الصحية، منها صعوبة تشخيصه، كما يظهر تقرير نشر في صحيفة "نوفال أوبسارفاتور" يتحدث عن أن الحالة الرابعة لفيروس كورونا في فرنسا لم يشخصها المستشفى عند فحصه للمريض في المرة الأولى.
ووفقا للتقرير، فقدكان الرجل مصابا بالحمى ولا يعاني من السعال ولم يكن أيضا قادما من مدينة ووهان، وهو رجل صيني يبلغ من العمر 80 عاما، حيث لم يتم اكتشاف الحالة في البداية نظرا لأن الأعراض التي ظهرت عليه لم تكن مطابقة لأعراض هذا الفيروس.
ونقلت الصحيفة عن رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى بيشات بباريس البروفيسور يزدان يزدانبانا، أن "حالة المريض خطيرة وسنفعل كل ما بوسعنا لإنقاذه، لكن حالته صعبة. يقبع المريض الآن في العناية المركزة في المستشفى ويخضع للتنفس الاصطناعي".
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الرجل وصل إلى فرنسا يوم 23 يناير/كانون الثاني، ودخل في البداية إلى غرفة الطوارئ في مستشفى جورج بومبيدو الأوروبي بباريس يوم السبت 25 يناير/كانون الثاني، وفقا للبروفيسور يزدانبانا.
وأشار الطبيب إلى أن "المريض كان يعاني من الحمى، لكنه لم يكن يعاني من السعال ولا تظهر لديه أي علامات تشير إلى أن لديه مشاكل على مستوى الجهاز التنفسي، كما أنه لم يكن قادما من ووهان بؤرة الوباء في الصين، وإنما من مدينة تقع على بعد 400 كيلومتر شمالا. ولم تكن الأعراض التي ظهرت عليه قريبة من معايير هذا المرض، ولم يتم الاحتفاظ به كحالة من المحتمل أن تكون مصابة بالفيروس".
وبينت الصحيفة أن المريض -بحسب البروفيسور- "لم يظهر عليه أعراض على ضعف الجهاز التنفسي سوى يوم الثلاثاء 28 يناير/كانون الثاني، حيث تم تصنيف الحالة والاحتفاظ بها في المستشفى، لأن علامات على ضعف الجهاز التنفسي ظهرت لدى المريض".