jo24_banner
jo24_banner

عدم الإنصاف في الأجر.. انتهاك لمواثيق دولية تحمي حق المرأة في العمل

عدم الإنصاف في الأجر.. انتهاك لمواثيق دولية تحمي حق المرأة في العمل
جو 24 : كتبت- فرح عطيات

تجد نساء عاملات أنفسهن أمام معادلة الكد والتفاني للقيام بوظائفهن على أكمل صورة، وتَحمّل تبعات "فرق الأجر" الذي تميل كفته لصالح زملائهن الرجال.

ورغم أنهن يقدمن ذات "الجهد والجودة" إلا أن رواتبهن تقل عن نظرائهن من الرجال في نفس المهنة والمنصب، ما يخلق لديهن "إحباطا وتذمرا ينعكس حتى على حياتهن الأسرية" بحسب عاملات في قطاعات متنوعة.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن فجوة الأجور بين الجنسين تصل في القطاع الخاص من حملة البكالوريوس إلى ما نسبته 41.7 %، مقابل 28.9% في القطاع العام.

وعدا عن "تربية الأبناء والاعتناء بالمنزل ومتطلباته"، تضع سيدات أعباء العمل و"منغصاته" على رأس ما يؤرقهن من مشاكل يطالبن بإيجاد حلول تشريعية وجذرية لها.

تقول رنا الشطرات "لا أتقاضى أجرا مماثلا لما يحصل عليه الرجال في مهنتي، رغم أنني أبذل الجهد نفسه وأؤدي الواجبات ذاتها كزملائي من الرجال".

وترى رنا، التي تعمل محاسبة في إحدى شركات القطاع الخاص، أن أصحاب العمل "لا يثقون بقدرة المرأة وكفاءتها في تأدية واجبها، ما يدفعهم بالتالي إلى دفع أجور لها تقل عما يحصل عليه زملاؤها من الرجال".

وتقول رنا، التي مضى على مزاولتها تلك المهنة سبعة أعوام، "بدأت عملي بأجر 150 دينارا فقط، وبعد كل هذه المدة وصل راتبي إلى 215 دينارا رغم ما أمتلكه من خبرات لا يمتلكها العاملون الذكور في المهنة ذاتها".

وتقول إن العمال الذين ينضمون حديثا للشركة التي تعمل فيها يتقاضون أجرا أعلى مما تتقاضاه منذ سنوات عدة، مضيفة أن راتبها الذي يزيد على الحد الأدنى للأجور بـ120 دينارا "لا يسد متطلبات الحياة اليومية لي ولأسرتي".

وتضيف رنا (31 عاما) أن بعض أصحاب العمل يفضلون تعيين الذكور على الإناث بحجة أن إجازة الأمومة المنصوص عليها في قانون العمل "طويلة" عدا عن أن الرجال، برأيهم، أقدر على أداء مهام الوظيفة.

ولا تقتصر معاناة "فرق الأجر" على العاملات في قطاع من دون سواه، وهو ما تؤكده الممرضة شيرين صلاح التي تشير إلى أن أجور العمال في مهنتها تزيد على أجور العاملات رغم أنهن يبذلن ذات الجهد والوقت في العمل.

وتعزو أسباب ذلك إلى أن "نظرة المجتمع تقلل من شأن قدرة المرأة على القيام بالأعمال الشاقة بحيث أنها لا تستطيع أن تمضي ساعات طويلة في العمل"، لافتة إلى أن ذلك "يدفع أصحاب العمل لتشغيل الذكور باعتبار أنهم لا يبدون تذمرا من مشاق العمل كالمرأة".

على أن وزير العمل نضال القطامين أكد على أن "التمييز في الأجر بين الجنسين، يعتبر سببا مهما أسهم في الماضي الى عزوف الكثير من النساء عن العمل، ما ادى الى تدني مستويات مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي، التي ما تزال تعتبر من أدنى النسب على مستوى العالم".

وأشار إلى سعي الوزارة الى تعزيز قيم احترام التشريعات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالإنصاف في الأجور، وإطلاق حملات إعلامية لتعريف الجمهور بها، واقتراح تعديلات تشريعية بشأنها، وتشجيع أصحاب العمل على الالتزام بسياساتها.

وتنص المادة 23 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على أنه لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة، كما أنه لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر متساو للعمل.

وتمنح المادة ذاتها الحق للفرد الذي يقوم بالعمل، الحق في أجر عادل مرض يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان تضاف إليه، عند اللزوم، وسائل أخرى للحماية الاجتماعية.

وأعلن القطامين في ذات الوقت، عن حملة "لإنصاف تشغيل الإناث"، وصولا لمضاعفة تشغيل النساء في البوادي والأرياف والمخيمات والمناطق النائية.

كما يلفت الى نية الوزارة دعم تشغيل الفتيات من الجاليات بعد تأهيلهن، وبدعم جهات مانحة، ليعدن إلى بلادهن مؤهلات.

ويؤكد على أن الوزارة ستشدد اجراءاتها في حالة تم التأكد من وجود فوارق في الرواتب بين الجنسين عند تساوي قيمة العمل في أي مؤسسة، بالتنسيق مع مجلس الوزراء.

وتشكل الإناث في المملكة ما نسبته 50 بالمائة من طلبة الجامعات وكليات المجتمع، ويساهمن في فرص العمل في مختلف الأنشطة والقطاعات الاقتصادية خاصة قطاع الخدمات.

ورغم ذلك لا تساهم النساء بحسب احصاءات رسمية لوزارة العمل إلا بـ15 بالمائة من القوى العاملة، كما أن نسبة البطالة بين النساء أعلى بكثير من مثيلتها عند الذكور.

وتذهب عضو لجنة المرأة في النقابة العامة للعاملين في الغزل والنسيج والألبسة ابتسام مصطفى إلى أن "المرأة العاملة تتقاضى أجورا متدنية لا تصل إلى درجة الاكتفاء الذاتي".

وتضيف أن "صاحب العمل يستغل تدني وعي العاملات بحقوقهن بحيث يلجأ إلى منحهن رواتب تتجاوز الحد الأدنى للأجور بمبلغ ضئيل".

وكان مجلس الوزارء رفع سابقا، وعلى مراحل، الحد الأدنى للأجور من 95 دينارا إلى 190 دينارا، وذلك ضمن حزمة اجراءات اتخذتها الحكومة لمساعدة العمال على مواجهة رفع أسعار المشتقات النفطية حينها.

وتشدد مصطفى على أن "النساء في القطاع العام تتساوى أجورهن مع العمال الذكور في المهن ذاتها غير أن ذلك لا يطبق في مؤسسات القطاع الخاص".

وتقدر قيمة معدل المشاركة الاقتصادية للإناث في سوق العمل المحلية بنحو 7% من إجمالي السكان الإناث، وعليه يقدر حجم القوى العاملة النسائية بنحو 162546 امرأة من أصل مليونين و70 ألف عامل.

وتقول الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة أسمى خضر ان "عدم الإنصاف في الاجور بين الجنسين، أحد اسباب عزوف النساء عن المشاركة في سوق العمل".
وتضيف خضر ان المرأة في الاردن، الاقل انخراطا واسهاما في الاقتصاد الوطني، مؤكدة ان التمكين الاقتصادي للمرأة من الاولويات التي ركزت عليها الاستراتيجية الوطنية للمرأة للأعوام المقبلة.

وتعتبر أسماء أبو غربية، وتعمل في مصنع للمواد الغذائية، أن "تدني أجور المرأة العاملة يرتبط بنظرة المجتمع وصاحب العمل بأنها امرأة ضعيفة لا تستطيع الدفاع عن حقوقها".

وتشير إلى أن تحقيق المساواة بين أجور العاملات يتطلب تثقيفهن ورفع الوعي لديهن بهذا الشأن.

وترى أن "الامتيازات المنصوص عليها للمرأة في قانون العمل كإجازة الأمومة تساهم في تفضيل صاحب العمل توظيف الذكور"، الأمر الذي ينعكس على أجرها باعتبار أن ذلك يجعلها تقوم بنصف المهام الملقاة على عاتقها.

وتدافع رؤى صبرة، الموظفة في مجال العلاقات العامة، عن المرأة العاملة مؤكدة أن "ثمة دراسات علمية أثبتت تفوق المرأة في مجالات عملية وفي المناصب العليا على نظرائها الذكور".

وتلفت إلى أن ذلك "يستدعي من أصحاب العمل إعادة النظر في شأن قدرة المرأة على القيام بمهامها وفي الأجور الممنوحة لها كذلك".

وتواصل لجان المرأة العاملة التابعة لمختلف النقابات العمالية الـ17 مساعيها لتحقيق المساواة في الراتب بين العاملات من الإناث ونظرائهن الذكور.

أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين
تابعو الأردن 24 على google news