jo24_banner
jo24_banner

الحكومة والبرلمان.. بين ضرورة الترحيل ولعبة البقاء المشترك

الحكومة والبرلمان.. بين ضرورة الترحيل ولعبة البقاء المشترك
جو 24 :
تامر خورما - "أعطوه فرصة".. شعار طالما حمله المدافعون عن رئيس الحكومة، د. عمر الرزاز، في مواجهة الإنتقادات التي وجهت لسياساته، التي لم تكن استدارة عن نهج حكومة سلفه الملقي، بل تجاوزته بمزيد من الإخفاقات، والإنتهاكات التي تنهش في خبز الناس ومستقبلهم، ابتداء بالمغامرات الإقتصادية تحت مظلة إملاءات المؤسسات المالية الدولية، وليس انتهاء بدفن كل أوهام النهضة والتقدم في اتفاقية الغاز الكارثية.

تفيد المعطيات اليوم بضرورة رحيل الرزاز خلال بضعة أشهر.. في نهاية الأمر، لا يوجد أي اختبار نجحت فيه حكومته منذ جثومها على صدر الدوار الرابع، رغم كافة التعديلات والجراحات التجميلية التي أجريت عليها. حتى الإلتزامات التي وضعتها هي نفسها لذاتها، لم يتحقق خمسها على أرض الواقع.

ولكن ماذا عن مجلس النواب، الذي لا يمكن تبرئته من الشراكة في صنع هذا الفشل، الذي يفضحه الواقع الإقتصادي المتردي، وتفاقم العجز والدين العام، واستمرار ملاحقة واعتقال النشطاء السياسيين، ولغز فاتورة الكهرباء، وصفعة الغاز.. وكل ما تم تمريره من اتفاقيات وقرارات على وقع استعراضات دونكشوتية، لم تشكل أية عقبة أمام السياسات الحكومية الجارفة! هل سيتم حل هذا المجلس وإجراء انتخابات مبكرة، أم سيكتب له التمديد؟

لا يوجد استحقاق دستوري يوجب حل مجلس النواب قبل انتهاء مدته. هذا الإجراء مجرد عادة سادت خلال الفترات السابقة، ولكن في حال تم حل المجلس بإرادة ملكية، فلن يكون بإمكان الرزاز، وفقا للتعديلات الدستورية الأخيرة، الاستمرار في منصبه أكثر من أسبوع واحد، كما لا يمكنه تشكيل الحكومة التالية.. باختصار، بقاء الرزاز رهن بمصير البرلمان.

ولكن، هل هنالك رغبة ببقاء الرزاز؟ وهل يمكن اعتبار وجود قناعة ما، في مراكز صنع القرار، بهذه الحكومة، مبررا كافيا لاستمرارها؟ الرفض الشعبي، والفشل التام لحكومة الرزاز، التي لم تحقق أكثر من 18٪ من التزاماتها، يستوجبان رحيلها، ولكن هناك من يدفع باتجاه سيناريو إبقاء البرلمان بهدف الإبقاء على الزاز. المروجون لهذا السيناريو اطمأنت قلوبهم وزادت ثقتهم بإمكانية تحققه، بعد تسريبات المقربين من الرئيس، حول اعتكافه في صومعة البحث عن الأسماء التي سيدرجها في تعديلات جديدة، لن تختلف عن التعديلات العبثية السابقة.

وطبعا لا يمكن الرهان مطلقا على أن يتجرع البرلمان، في حال كتب له التمديد، حليب السباع ويقوم بطرح الثقة في حكومة الرزاز، فالمجلس لم يقدم على هذه الخطوة رغم فشله في منع المضي باتفاقية الغاز، فكيف سيقدم عليها الآن بعد أن بات مصيره مرتبطا ببقاء الحكومة.

ولكن هل تكمن المعضلة فقط في بقاء الحكومة أو رحيلها، للنائب خالد رمضان رأي يلامس جوهر القضية:

يعتقد رمضان أن بقاء الحكومة والبرلمان أو عدمه مسألة ليست ذات قيمة حقيقية. ويقول: "المنطق السياسي، والتحديات التي تواجه الأردن داخليا وخارجيا، تستوجب إعادة صياغة المعادلة السياسية الإقتصادية بالكامل، ولا أرى أن أي أثر إيجابي سيتحقق إذا بقيت الأدوات كما هي".

 
الرغبة باستمرار ذات الأدوات السياسية والإقتصادية، قد ترجح سيناريو بقاء البرلمان من أجل استمرار الرزاز. حول هذا السيناريو يقول النائب تامر بينو: "إذا كانت هنالك نية لبقاء الرزاز، فسيستمر المجلس، فالحكومة مرتبطة في هذه المسألة بالبرلمان".

ويتساءل في تعليقه على احتمال طرح الثقة في حكومة الرزاز: "هل سيكون المجلس مستعدا أو لديه رغبة، في حال التمديد، بطرح الثقة في الحكومة، التي استمر هو أصلا من أجل بقائها؟ بالتأكيد هنالك تخوف من حل المجلس في حال ترحيل الحكومة".

وهنا يبرز احتمال السيناريو الآخر، المتمثل بحل البرلمان، واستقالة الحكومة.. عندها قد تأتي حكومة جديدة، تلعب دور "المحلل"، ليعود الرزاز إلى موقعه بعد الإنتخابات النيابية. أو قد تتشكل حكومة مؤقتة، أو حكومة دائمة تقضي على فرص عودة الرجل.

وحول احتمال حل البرلمان يقول بينو إنه لا ضير من إجراء انتخابات مبكرة، أما بالنسبة لحكومة الرزاز فأنا ملتزم بموقف كتلة الإصلاح التي تطالب بطرح الثقة في هذه الحكومة.

ولكن ماذا بعد رحيل الرزاز؟ "الحالة السائدة هي أن الشعب لا يثق بالمؤسسات التنفيذية أو التشريعية".. يقول النائب خالد رمضان، قبل أن يضيف: "مؤسسة الرئاسة تعمل على تنفيذ إملاءات مؤسسات مالية دولية، دون الأخذ بالاعتبارات الإجتماعية والإقتصادية الداخلية، وأي فريق وزاري قادم سيكون نسخة رديئة عن ما سبقه، نتيجة التساوق مع تلك المخططات".

ويتابع: "استمرار الحكومة والبرلمان قرار بيد عقل الدولة، ولا أعتقد أن هذا الأمر هام كما يصوره الإعلام، المهم كيف سنواجه إنذار القرن، وليس صفقة القرن، التي تقول: أنتم هزمتم بالنزال التاريخي، ولستم مدعوين لطاولة البحث السياسي، وإنما أنتم متلقون اقتصاديا".

في النهاية يؤكد رمضان أن الأردن يواجه وصفة تدميرية. هنا يتبين لنا أن رحيل الحكومة أو بقائها، وحل البرلمان أو استمراره، لا تمثل جوهر المعضلة السياسية_ الإقتصادية. رحيل الرزاز وفريقه الوزاري وحلفائه في البرلمان مطلب شعبي ملح، ولكن لن يتغير الأمر كثيرا إذا ما تم استنساخ هذه الحكومة في نسخة جديدة، تدير ذات السياسات الكارثية، على إيقاع ذات الصخب النيابي الإستعراضي.

حديث رمضان يبرز ضرورة تتعلق بالمقومات التي ينبغي توافرها لأية حكومة لاحقة، على المستويين الداخلي والخارجي، بكافة الأبعاد الإقتصادية والسياسية والإجتماعية.. المطلوب للخروج فعلا من دائرة الخطر المحدق حكومة قادرة على تمتين الجبهة الداخلية بإصلاحات جذرية شاملة، وتغيير قواعد اشتباك السياسة الخارجية، لمواجهة كابوس القرن.
 
تابعو الأردن 24 على google news