سابقة بالأردن.. القضاء ينتصر للمقترضين ويمنع البنوك من رفع الفائدة
جو 24 :
محمود الشرعان- لم يكن يعلم الأردني (أبو طارق) أن رحلته مع القرض السكني من أحد البنوك ستكون طويلة مع زيادة الفوائد عليه دون علمه، لكن ذلك كان قبيل حصوله على قرار قضائي يمنع البنوك من رفع أسعار الفائدة بأثر رجعي على المقترضين.
أبو طارق البالغ خمسين عاما بدأ مشواره مع البنوك سنة 2006 حينما فكر بشراء شقة سكنية في إحدى مناطق العاصمة عمان بمبلغ 45 ألف دولار، لمدة عشرين عاما، بقسط شهري يصل إلى نحو 373 دولارا.
يقول أبو طارق إنه تفاجأ -بعد مرور 12 عاما من تسديده للأقساط الشهرية- بأنه لم يغطي غير 2820 دينارا (3900 دولار) من سعر الشقة، ليعود للبنك ويسأل عن أسباب ذلك، فيعلم بأن سعر الفائدة كان يرتفع شهريا دون علمه.
ويتحدث المقترض للجزيرة نت عن شعوره بالظلم حينما عرف بزيادة أسعار فائدة القروض دون معرفته أو إشعاره بذلك، مضيفا أن الفائدة على قرضه كانت ترتفع بنسبة 8% أو 9% شهريا، رغم أن الاتفاق كان مبنيا على 6% فقط.
ويتابع "توجهت إلى المحكمة برفقة المحامي محمود عوجان، لرفع قضية ضد البنك، لإخلاله بالاتفاق الأصلي".
قرار قضائي
بعد عامين من عمر القضية، أصدرت محكمة التمييز قرارا نهائيا يضمن أن أسعار الفائدة الجديدة في حال رفعها من البنك المركزي تسري على عقود البنوك الجديدة المنظمة بعد صدورها.
وأضافت المحكمة بحسب القرار أنه "لا يستطيع البنك الدائن بإرادته المنفردة رفع نسبة الفائدة عن النسبة المتفق عليها عند إبرام العقد في ظل صدور قرار جديد من البنك المركزي برفع نسبة الفائدة".
وأوضحت "نسبة الفائدة المعول عليها هي تلك التي جاءت باتفاق الطرفين مكتوبة بخط اليد في العقد دون غيرها من شروط مطبوعة".
ووفقا لقرار المحكمة فإنه "من المستقر عليه فقهاً وقضاء بأن الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين، فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه".
سابقة قضائية
من جهته، يؤكد المحامي محمود عوجان الذي ترافع عن أبو طارق أن قرار محكمة التمييز سابقة قضائية، لأنه أول قرار يصدر بعدم أحقية البنك برفع سعر الفائدة على العقود السارية بإرادته منفردا دون موافقة المجني، بحيث أن قرارات المركزي برفع سعر الفائدة تسري على العقود الجديدة.
وينقل المحامي للجزيرة نت قرار المحكمة التي اعتبرت أن "سلطة البنك المركزي في إصدار الأوامر والقرارات بتحديد الحد الأعلى والأدنى لمعدلات الفوائد لا تعني بحال من الأحوال اعتبار ما يصدره من قبيل القواعد المتعلقة بالنظام العام التي تسري بأثر مباشر على ما يستحق في ظلها من فوائد العقود السابقة على العمل بها".
ورأت المحكمة أن قرارات المركزي "لا تعتبر على إطلاقها من قبيل القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام ولا يترتب البطلان على مخالفتها فيما تعقده البنوك مع عملائها من عقود مصرفية إلا إذا جاوز سعر الفائدة المتفق عليها الحد الأقصى الذي تحدده تلك القرارات، اعتباراً بأن الحد الأقصى المقرر للفائدة التي يجوز الاتفاق عليها قانونا هو مما يتصل بقواعد النظام العام التي تستوجب حماية الطرف الضعيف في العقد من الاستغلال".
وتعهد المركزي في السابق بحث البنوك على تخفيض أسعار الفائدة، انسجاما مع قراراته التي استهدفت الحد من كلف الاقتراض وتنشيط بيئة الأعمال.
وخفض المركزي أسعار الفائدة على كل أدوات السياسة النقدية أكثر من مرة، خلال الفترة الماضية، بيد أن البنوك ترفض تخفيض الفائدة على القروض والتسهيلات الائتمانية التي تمنحها لمختلف القطاعات والأفراد.
وزادت في الآونة الأخيرة وتيرة إقبال المواطنين على القروض السكنية، بهدف الحصول على شقة صغيرة، عوضا عن السكن في الإيجارات الشهرية، مما دفع البنوك إلى تقديم قروض ربحية بشكل موسع.
منع التوغل
يرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن القرار القضائي إستراتيجي، خاصة أنه وضع حدا للبنوك بما يخص رفع نسبة الفائدة على القروض.
يقول عايش للجزيرة نت إن القرار القضائي يمنع تغول البنوك على المقترضين، إذ إنه يفترض على البنوك الالتزام بقرار المحكمة وبتطبيقه وعدم رفع أسعار الفائدة على القروض خلال فترة سريان أي منها.
ويحذر الخبير الاقتصادي من أن البنوك قد تلجأ لرفع أسعار الفائدة على القروض الجديدة، كي تكون بالجانب الآمن إذا ما تغيرت الكلف عليها مستقبلا.
المصدر : الجزيرة