في ذكرى وفاته الـ16.. تعرف على سيرة وليد الأعظمي "شاعر الحقائق" في العراق
جو 24 :
سفر حافل بالإنجازات وتنوع بالاختصاصات والمؤلفات، حتى صار مرجعا في كثير من العلوم والمهن، جمع بين أصعب وأهم العلوم والأدبيات كالشعر والتاريخ والخط ليوصف بالشاعر والمؤرخ والكاتب الإسلامي وليد عبد الكريم العبيدي، الذي اشتهر بوليد الأعظمي نسبة لمدينته الأعظمية بالعاصمة بغداد.
الموسوعة
والأعظمي ليس شاعرا ولا كاتبا ولا يقال عنه مؤرخا ولا يصح أن يسمى بالخطاط، بل يجب أن تجمع كل هذه الألقاب بلفظ أدق ويطلق عليه الموسوعة، لما جمعه من علوم ومهن توشحت بالطابع الديني، هكذا وصفه عضو الهيئة العليا في المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء وإمام وخطيب جامع الإمام الأعظم وابن الأعظمية مسقط رأس الأعظمي الشيخ أحمد حسن الطه.
وأشار طه للجزيرة نت إلى أن أمثال الأعظمي لا يمكن نزعهم من منصب العلماء وقدوات المجتمع حتى بعد رحيلهم عن الحياة وستبقى سيرتهم كما مؤلفاتهم مصادر ومراجع لطلبة العلم، وأضاف أن رحيل الأعظمي كان خسارة مؤلمة لدعاة الأمة الإسلامية وعلمائها جميعا.
واشتهر الأعظمي بأنه شاعر الحقائق، وهو اللقب الذي أطلقه الداعية نور الدين الواعظ ابن الشيخ رضا الواعظ بسبب تناول الراحل الحقائق بأسلوبه الشعري.
وما زالت أشعار الأعظمي متداولة خاصة في الأوساط الدينية كالمناقب والمناسبات الإسلامية بسبب طابعها الديني.
ويقول رئيس التجمع العربي لشعراء العمود والتفعيلة الشاعر إسماعيل حقي الجنابي "اتصف شعر الأعظمي بالتقوى والدعوة إلى الكمال والالتزام بالعقيدة وواجباتها وعدم التفريط والتقاعس في حقوق الله والدين وبوجوب إعمار الأرض وفق ما تقتضيه الشريعة الإسلامية السمحاء، وكان له عدد كبير من القصائد في الشوق إلى طيبة وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم".
ومن أجمل ما قاله وردده الكثير بعده:
هذا التخاذل من قومي وأضناه
ويشير عضو الاتحاد العام للشعراء والكتاب ببغداد ورئيس مجلس تجمع مرايا الأدبي الشاعر إبراهيم عواد الكبيسي إلى بيت شعر للأعظمي يقول فيه:
يا هذه الدنيا أصيخي واشهدي
أنّا بغير محمد لا نقتدي
ويقول الكبيسي إن هذا البيت سيبقى عالقا بألسنة الأجيال متكررا مع كل عودة لذكرى ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم والابتهاج بها، وبهذه وغيرها من الأبيات والقصائد التي تغنت بخاتم الأنبياء والدفاع عن العقيدة والقضايا الإسلامية علَّق الأعظمي اسمه بذاكرة الأجيال والشعراء وفرض نفسه على المجتمع والتاريخ بإخلاصه لعقيدته.
قدوة للمؤرخين
رغم تخرج الأعظمي في معهد الفنون الجميلة قسم الخط العربي والزخرفة البعيد عن التاريخ، فإنه وضع بصمته كمؤرخ معاصر فرض نفسه على كبار المؤرخين الذين سبقوه.
يقول عنه أستاذ التاريخ الدكتور بجامعة كركوك صلاح العريبي إن الأعظمي فاق الكثير من أهل الاختصاص بالتاريخ وقد خدم هذا التخصص بكم من المؤلفات التي وجدت رواجا في المجتمع العراقي والعربي، فقد قضى جل عمله في البحث والتأليف خدمة للتاريخ العربي والإسلامي حتى أصبح قدوة للباحثين في العصر الحديث.
ويؤكد العريبي للجزيرة نت أن مواظبة الراحل على حضور دروس كبار العلماء من أمثال مفتي بغداد العلامة قاسم القيسي والأستاذ أمجد الزهاوي وغيرهم كانت أحد أسباب اغترافه المعرفة من أصولها، ليصل إلى المكانة التي حظي بها كمرجع تاريخي موثوق به عن استحقاق وجدارة ومثابرة كرس عمره فيها.
وعن نزعته وطابعه الإسلامي في معظم أعماله وإنجازاته يعزو السبب فيها أستاذ التاريخ والمشرف بوزارة التربية العراقية الدكتور منير عويد إلى النشأة والتربية الإسلامية، إذ قال عويد بتصريح للجزيرة نت إن الأعظمي من أسرة ذات طابع ديني زجت به في جوامع مدينة بغداد لينهل العلوم من أبرز الدعاة والمشايخ فيها، وهو ما انعكس سريعا على جميع أعماله ومؤلفاته التاريخية التي أصبحت مقصد أغلب الطالبين والمهتمين بالعلوم الشرعية بعموم الوطن العربي.
هجر الخط
بحسب جميع المصادر كان الأعظمي أكاديميا في مهنة الخط، وتتلمذ ونال عددا من الإجازات بالخط العربي أبرزها من خطاط مصحف مكة المكرمة محمد طاهر الكردي المكي، وأخرى في فن الخط العربي من خطاط المسجد الحرام بمكة المصري الشهير محمد إبراهيم البرنس، وإجازة الخط العربي من خطاط كسوة الكعبة المشرفة الشيخ أمين البخاري.
ويقول أحد طلاب الأعظمي الخطاط الأكاديمي الدكتور كمال الجميلي "هجر أستاذي الأعظمي الخط منذ عام 1972 في يوم وفاة خطاط العراق وأستاذه هاشم البغدادي الذي رافقه أكثر من 20 عاما، وحينها كسر الأعظمي قصبات الخط وقال اليوم انتهى الخط العربي".
ويضيف الجميلي للجزيرة نت واصفا الأعظمي بأستاذه الذي كان أحد المراجع المهمة ليس في الإرشادات والملاحظات للوحات الخط فحسب، بل للأكاديميين بهذا المجال "وكان الوحيد الذي اطلع على بحث تخرجي في البكالوريوس الذي حصلت به على درجة امتياز".
آثار الأعظمي
لم يكن سهلا ما دوّنه وطبعه الأعظمي -الذي يعد أيضا من أبرز أعلام الإخوان المسلمين في العراق- والذي اعتبره الكثير من أصحاب الشأن رقما قياسيا بجميع الاختصاصات التي كتب بها.
وتقديرا لذلك الأثر أشار العريبي إلى تخصيص رسائل جامعية لشخص الراحل، منها رسالة ماجستير للطالب ناجي محمد ناجي السوري من جامعة الجزرية بالسودان، ورسالة أخرى من جامعة أم القرى بعنوان شعر وليد الأعظمي للطالب فلاح العتيبي، وهذا تأكيد لأهمية هذه الشخصية على مجريات التاريخ بمجالات شتى جعلت منه اسما علميا له ثقله بمصاف الكثير من العلماء عبر التاريخ.
المصدر : الجزيرة