النواصرة: نحتاج إلى بناء 1666 غرفة صفية سنويا
جو 24 :
أجمع تربويان على أن إصلاح عملية التعليم "مسؤولية مجتمعية"، وتتطلب تكاتف الجهود الوطنية؛ لتمكين المعلم من التعامل مع التحديات التي تعيق إيصال رسالته بالشكل الصحيح.
وأكدا خلال محاضرة نظمها منتدى عبد الحميد شومان، ذراع البنك العربي للمسؤولية الاجتماعية والثقافية، أمس الاثنين، بعنوان "مواجهة أزمة التعليم"، أن إصلاح التعليم يعتبر مطلبا استراتيجيا لأي دولة ترغب بالنهوض وبناء مستقبلها ومستقبل أبنائها.
واستفتح نائب نقيب المعلمين د. ناصر النواصرة حديثه عن تعديل المناهج بالقول إن "عملية تعديل المناهج دون ضوابط، وضمن فلسفة التربية والتعليم والإطار العام للمناهج والأطر الخاصة لكل مبحث من المباحث سيجعل هنالك نوع من التخبط في تأليف المناهج دون مراعاة الحاجات الفعلية والمنسجمة مع فلسفه التربية والتعليم".
وأكد النواصرة في المحاضرة التي أدارها مع الجمهور د. إبراهيم سيف، أن النقابة ليست "ضد تعديل المناهج، على أن يكون التعديل على الوسائل والأساليب والمهارات، وليس على الثوابت والقيم والعقائد والثقافة والتاريخ والتراث".
وحول البيئة المدرسية، بين النواصرة أن مشكلة وزارة التربية والتعليم في توفير المدارس والمباني مشكلة قديمة جديدة، على اعتبار أن 50 الف طالب جديد سنويا، ما يعني حاجتنا إلى بناء 1666 غرفة صفية بما يمثل 82 مدرسة
وبحسبه، فإن كل مدرسة تحتوي على 20 شعبة بواقع 30 طالب في كل شعبة، وهو ما يؤدي إلى تفاقم مشكلة الازدحام في الصفوف و مشكلة عدم توفير البنية التحتية للتعليم.
واعتبر النواصرة أن المشكلة التي تواجه المعلمين في التدريب تكمن في اختيار توقيت التدريب، فهناك دورات تدريبية تؤخذ في 80 ساعة تدريبية أو 160 ساعة تدريبية، وهي في الغالب بعد دوام المعلم مباشرة، ما يؤثر سلبا على أجواء التدريب وعلى نتاجات التدريب كذلك.
في السياق، لفت النواصرة إلى أن المخصصات المالية للمعلمين المتعلقة بالتدريب تكون بالحد الأدنى، ما يؤثر سلبا على إقبال المعلم على التدريب، مؤكداً أن التحدي الأكبر في مسالة التدريب بنقل الأثر التدريبي الى الغرفة الصفية.
وذهب النواصرة إلى أن هناك عدة أمور لم يعالجها قانون التربية والتعليم، منها: تعريف المعلم واعتبار مهنة التعليم مهنة شاقة وتمهين التعليم، وكذلك ضبط عمليات التعليم وانتقال المراحل التدريسية، وضبط تشكيل مجلس التربية وكافة التشريعات والأنظمة والتعليمات والأسس المنبثقة عن قانون التربية والتعليم.
وأكد النواصرة في هذا السياق، حاجتنا إلى تعديل وتطوير هذه الأنظمة، وعلى سبيل المثال تصنيف المدارس الخاصة وتعليمات المعلومات السرية وغير السرية وشهادة المساواة.
وحسب النواصرة، نحن بحاجة إلى نظام مزاولة مهنة يستطيع أن يحفظ للمعلمين تقدمهم وتطورهم في الجانب المهني الفني البحت، من خلال مزاولة مهنه يقدر الخبرة والجانب المهني والفني للمعلم ولا نجعل الحاكم الإداري سيفا مسلطا على رأس المعلم.
وبشأن مجلس التربية، أقر النواصرة بأهميته على مستوى البلاد، لكنه انتقد آلية اختيار أعضاؤه، بحيث لا يكون اختيار هؤلاء الأعضاء بحكم الموقع بل يجب أن يكون اختيار على أساس التخصص والخبرة العلمية والعملية في مهام مجلس التربية.
وأشار إلى أن تخبط القرارات في مسالة تنظيم امتحان (التوجيهي) خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ينعكس سلبا على استقرار المسارات التعليمية و على الطالب، ما يدل على عدم وجود خطة إستراتيجية واضحة المعالم للثانوية العامة في المملكة.
واعتبر النواصرة أن تغيير الوزارات و تغير الإدارات واحدة من أكبر التحديات التي تكرس أزمة التعليم في الأردن، وتؤثر بشكل كبير على استقرار القرار التربوي.
أما بخصوص الإنفاق على التعليم، فأكد نائب نقيب المعلمين أن موازنة التعليم في الأردن لا تتعدى المليار دينار، وغالبيتها تذهب للرواتب، بينما شق المصروفات الرأسمالية لا يخصص له اكثر من 30 مليون دينار ويشمل جانب التدريب والتأهيل والكلف التشغيلية ومتطلبات العملية التعليمية في الغرفة الصفية.
من جهته، قال مستشار المركز الوطني الأعلى لتطوير المناهج وأستاذ الجامعة الأردنية د. رمزي هارون، "عندما يتعلق الأمر بالمعرفة، يجب أن تسعى المناهج في القرن الواحد والعشرين نحو إكساب الطلبة مهارات الوصول إلى المعرفة، وتقييم المعرفة، وتطبيق المعرفة، وتوليدها وإنتاجها".
واعتبر هارون أن التعلّم رحلة مستمرة وليست وجهة نهائية، تُعزز الاستقلالية في حل المشكلة، بدلاً من اللجوء إلى المعلّم لحلها، تعترف بالتنوع، وقادرة على خدمته، وتعد الطالب للعيش في مجتمعات التنوع".
ونقل هارون تجربة الطلبة في الدنمارك الذين يسمح الدخول إلى شبكة الإنترنت أثناء الجلوس في الامتحان، كما يُسمح لهم الدخول إلى فيسبوك، فقط، يُحظر عليهم تبادل الرسائل واستعمال البريد الإلكتروني.
وأكد هارون أن تطوير المنهاج في المملكة حاجة ضرورية مهمة لنقل التعليم من مرحلة إلى أخرى والعمل على إعادة هيبة التعليم ورونقه في مختلف المراحل وكافة المحافل.
ودعا هارون إلى ضرورة العمل على التطوير وتحسين المخرجات التعليمية، فكل شيء تغير في التعليم من أساليب وأهداف حتى مستقبل الوظائف تغير، ولابد من مواكبة كل ما يجري في العالم، لافتا إلى أن التعليم لم يعد درسا يحفظه الطالب ومن ثم يسمعه، فالتعليم تجاوز هذه المراحل بكثير وبات يركز على فكر وشخصية الطالب وذكائه وميوله.
ورأى هارون أن المناهج يجب أن تتطور بأيدي ورؤية خبراء، مع أهمية اطلاع هؤلاء على تجارب دولية، من قبيل سنغافورة وبلجيكا وفنلندا والمانيا وكندا وإنجلترا وكوريا الجنوبية.
ومؤسسة عبد الحميد شومان؛ ذراع البنك العربي للمسؤولية الاجتماعية والثقافية، وهي مؤسسة لا تهدف لتحقيق الربح، تُعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.