فيروس كورونا ومنظمة الصحة العالمية.. حالة طوارئ أم وباء
جو 24 :
على الرغم من أن فيروس كورونا الجديد آخذ في الاتساع عالميا، وأصبح ينتشر في كل القارات الآن، وآخرها أميركا اللاتينية من خلال البرازيل، فإن منظمة الصحة العالمية لم تعلن حتى الآن عن تفشي الفيروس كوباء.
لكنها سبق وأن أعلنت عنه بوصفه "حالة طوارئ صحية ذات بعد دولي، وذلك عقب ظهوره وتفشيه في الصين، ومن ثم انتقاله إلى العديد من الدول في العالم، وصلت حتى الآن إلى 26 دولة في قارات العالم المختلفة.
ورغم هذا الإعلان، فقد شددت المنظمة الدولية على أن هذا الإعلان لا يستدعي المبالغة في رد الفعل.
ولكن ماذا يعني هذا الإعلان بشأن فيروس كورونا؟
بحسب بنود ولوائح منظمة الصحة العالمية، فإن إعلان حالة الطوارئ بشأن الأمراض والأوبئة من شأنه أن يؤدي إلى تقديم توصيات إلى جميع البلدان بهدف منع انتشار المرض عبر الحدود أو الحد من انتشاره، لكن مع تجنب التدخل غير الضروري في مسائل التجارة والسفر، ويشمل ذلك إصدار توصيات مؤقتة للسلطات الصحية في جميع دول العالم، بما فيها تكثيف إجراءات الرصد والتأهب والاحتواء.
ومن الواضح أن تركيز المنظمة، في مرحلة إعلان حالة الطوارئ، ينصب على "احتواء المرض" في مصدره.
غير أنها، لتحقيق ذلك، تحتاج من الدول المتضررة أن تقدم معلومات تتسم بالشفافية والصراحة عن حالة التفشي، وهو ما تفعله جميع الدول المتضررة حاليا، ربما باستثناء إيران، التي مازالت تعيش حالة إنكار حيال الفيروس.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الدول أن تكون مستعدة لعزل المرضى والإصابات وفرض حالة من الحجر الصحي على بؤر التفشي، كما فعلت الصين حين عملت عزل بؤرة التفشي فيها، أي مدينة ووهان، التي بدء الفيروس بالانتشار منها، وهو ما لم تفعله إيران أيضا برفضها فرض حجر صحي على مدينة قم أو عزلها على الرغم من أنه من الواضح أنها هي بؤرة تفشي الفيروس في البلاد.
ومن الواضح أيضا أن هذا الإعلان يعني توصيات بشأن التجارة والسفر، بما في ذلك فحص المسافرين في المطارات وفي المعبر بين الدول سواء للأشخاص أو البضائع أو في مناطق تحميل الحاويات والموانئ.
التعرف على المرض
قالت منظمة الصحة العالمية إنها، ومع مرور الوقت، أصبح لديها معرفة أفضل بـفيروس كورونا الجديد، الذي أطلقت عليه اسم "كوفيد 19"، وبالمرض الذي يسببه.
وأوضحت أنها أصبحت تعلم الآن أن ما يزيد على 80 في المئة من المرضى، الذين أصيبوا بالفيروس والبالغ عددهم أكثر من 80 ألف حالة، يعانون من مرض خفيف وسيتعافون منه.
وأضافت أن ما نسبته 20 في المئة من المرضى الآخرين يعانون من مرض وخيم أو خطير، ويتراوح بين ضيق التنفس والصدمة الإنتانية والفشل المتعدد الأعضاء، مشيرة إلى أنه هؤلاء المرضى يحتاجون إلى عناية مركزة، باستخدام معدات مثل أجهزة دعم التنفس.
وقالت إنه في نحو 3 في المئة من الحالات المبلغ عنها، يكون الفيروس مميتا، ويتزايد خطر الوفاة مع تقدم المريض في السن ومع إصابته باعتلالات صحية سابقة، مع الإشارة إلى أنه تم تسجيل حالات قليلة نسبيا بين الأطفال، وأنه لابد من إجراء المزيد من البحوث لفهم سبب ذلك.
تفشي فيروس كورونا
ومع ذلك، قالت المنظمة إن تفشي فيروس كورونا الجديد أو "كوفيد 19"، لم يصل بعد مرحلة الوباء العالمي، كما حدث مع أمراض أخرى مثل الإيبولا، على الرغم من أن الصين قررت فرض "حظر شامل" على تجارة الحيوانات البرية وأكلها، واتساع نطاق تفشي الفيروس في كوريا الجنوبية واليابان وإيران وإيطاليا ودول أوربية وآسيوية أخرى.
وأوضح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدحانوم غيبريسوس، خلال مؤتمر صحفي بجنيف، أنه من المبكر إعلان حالة وباء عالمي بسبب "كوفيد 19"، معتبرا أنه ليس خارج السيطرة عالميا، ولا يتسبب في عدد كبير من الوفيات، لكنه شدد على ضرورة "تركيز الجهود على الاحتواء مع الإعداد لجائحة محتملة".
وبهدف احتواء الفيروس ومنع انتشاره إلى مناطق أخرى، خصوصا في الدول ذات النظم الصحية الضعيفة، وغالبا في أفريقيا، أطلق المجتمع الدولي خطة تأهب واستجابة عالمية بتكلفة 675 مليون دولار لفترة تمتد من فبراير إلى أبريل 2020.
واعتبر غيبريسوس إن أكثر ما يثير القلق هو أن هناك دولا تفتقر إلى النظم الكفيلة باكتشاف الإصابة بالفيروس لو حدثت، مضيفا "لا بد من تقديم الدعم الطارئ لتوطيد النظم الصحية الضعيفة وتمكينها من اكتشاف الإصابة بالفيروس وتشخيصه وتقديم الرعاية للمصابين به، من أجل الحيلولة دون تفشي انتقاله بين البشر وحماية العاملين في مجال الصحة".
أ
بحسب الموسوعات ولوائح منظمة الصحة العالمية، هذه الحالة هي إعلان رسمي لأزمة صحية عامة يحتمل أن يكون لها تمدد عالمي، وتصدرها لجنة الطوارئ التابعة للمنظمة، والتي تعمل تحت لوائح الصحة الدولية.
ويحدد التعريف سمات معينة للأزمة الصحية المحتمل انتشارها دوليا، ومن شروطها أن يكون الانتشار خطيرا، أو مفاجئا، أو استثنائيا على نحو غير معتاد، بما يتطلب تحركا دوليا فوريا، وبالتالي فإن الإعلان يعتبر بمثابة برنامج عمل، وتدبير أخير.
ويؤدي الإعلان عن حالة طوارئ عالمية إلى تقديم توصيات إلى جميع الدول بهدف منع انتشار المرض عبر الحدود أو الحد منه، مع تجنب التدخل غير الضروري في التجارة والسفر، كما يشمل توصيات مؤقتة للسلطات الصحية الوطنية في جميع أنحاء العالم، ومن بينها تكثيف إجراءات الرصد والتأهب والاحتواء.
خطوات وتاريخ الإعلان
تتمثل الخطوة الأولى للإعلان عن الحالة في تشكيل لجنة الطوارئ في المنظمة، وتتألف من خبراء دوليين يقدمون المشورة الفنية إلى مدير عام المنظمة في سياق "حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا"، ثم ترفع توصياتها حول الحالة، بما فيها توصيات مؤقتة ينبغي أن تتخذها الدولة "البؤرة" أو الدول الأخرى لمنع انتشار المرض أو الحد منه، وتجنب تأثيره غير الضروري في التجارة والسفر.
وفقا للمنظمة، فقد تم إعلان حالة الطوارئ العامة عبر تاريخها 6 مرات فقط، كان آخرها في الثلاثين من يناير الماضي، عندما تم إعلان فيروس كورونا الجديد بوصفه حالة طوارئ.
وصدر أول اعلان حالة طوارئ في أبريل 2009 عندما كان وباء إنفلونزا الخنازير "إتش 1 إن 1" لا يزال في مرحلته الثالثة، كوسيلة قانونية ملزمة دوليا للوقاية من الأمراض ومراقبتها والسيطرة عليها والاستجابة لها والتي اعتمدتها 194 دولة.
وفي مايو 2014، صدر الإعلان الثاني مع عودة ظهور شلل الأطفال بعد شبه القضاء عليه، وأعتبر ذلك "حدثا غير عادي".