ملتقى النهضة العربي الثقافي: العالم العربي بعد مرور عقد على ربيعه
جو 24 :
يعد رصد ومتابعة التحولات ومآلاتها من صميم عمل منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية(أرض) ورسالتها النهضوية، لما لها من تبعات حقوقية وإنسانية حاضرة ومستقبلية في الأردن والمنطقة. لذا، عقد ملتقى النهضة العربي الثقافي الذراع الثقافي لمنظمة النهضة (أرض) يوم الأربعاء 26 شباط/فبراير 2020، ندوة نقاشية بعنوان "قراءة في أوضاع العالم العربي بعد عقد من ربيعه: مراجعة واستشراف". هذا وحضر اللقاء وزير الدولة للأعلام الناطق الرسمي للحكومة أمجد العضايلة وعدد كبير من الشخصيات الرسمية والبرلمانية والحقوقية والإعلامية وشخصيات صحفية وثقافيه وشبابية ومنظمات المجتمع المدني وعدد من المفكرين والأكاديميين والإعلاميين والمهتمين.
لم تكن الثورات أو الحركات الاحتجاجية الضخمة (الربيع العربي) التي انطلقت في غالبية البلدان العربية أواخر عام 2010 وبداية عام 2011 أمراً عابرا، فلا يزال هناك حراك مستمر وآثار متراكمة للشرارة الأولى والتي ربما خبت في بعض الدول، إلا أن لهيبها لم ينطفئ في مناطق أخرى، بل تأججت لتصير حروباً طويلة شاقة ومتعددة الأطراف في سوريا واليمن وليبيا، واحتجاجات مستدامة في العراق ولبنان.
لذلك يتساءل العديدون حول ما إذا ما كانت الاحتجاجات التي شهدها العالم العربي في بداية عام 2019 تبشر بموجة جديدة من هذا "الربيع"؟ وبعد مرور عشرة أعوام على "الربيع العربي" بالمنطقة، كان لابد لمنظمة النهضة (أرض) من وقفة تفكر وتحليل، قام بها أعضاء مجلس أمنائها الأستاذ الدكتور زيد عيادات، رئيس مجلس إدارة المنظمة ومدير مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، والأستاذ الدكتور علي أومليل، الفيلسوف المغربي البارز على مستوى المنطقة والعالم، والمفكر الناشط في حقوق الإنسان، والدبلوماسي والمحاضر في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط في المغرب، والأستاذ الدكتور عبدالله السيد ولد أباه، الأكاديمي والمفكر الموريتاني وأستاذ الفلسفة والدراسات بجامعة نواكشوط الموريتانية.
وبين الأستاذ الدكتور علي أومليل طروحاته وملاحظاته حول واقع الربيع العربي حاليًا من حيث نجاحه في بعض الدول وفشله في أخرى. مبينا أن تشديد القبضة الأمنية في بلدان هذا الربيع قد جاء بدعوى الحاجة للأمن والاستقرار قبل كل شيء، وأن غياب القاعدة الفكرية الواسعة كان سبباً في الإخفاق في نشر القيم الرائعة الحداثية التي أتى بها. لذلك فشل الانتقال الديمقراطي في العالم العربي بشكل عام، وأصبح هناك مقايضة بين الأمن والأمان من جهة والكرامة والحرية من جهة أخرى. وأضاف بأن هناك علاقة بين الثورة والفترة الزمنية المطلوبة لتحقيق أهدافها، لذا يجب التمييز بين المطلوب وهو زمن الثورة السريع، وهو الهام لتحقيقها، والفترة الزمنية اللازمة لإنجاز الرفاه والتنمية والتحول الديمقراطي المنشود.
كما استعرض الأستاذ الدكتور عبدالله السيد ولد أباه في مداخلته واقع الحماس العام لما حدث في البلدان العربية من احتجاجات وانتفاضات، مقابل مشهد التفكك في الكيان السياسي للعديد من الدول العربية، مضيفًا أنه لا بد من وصول الشعوب العربية للقواعد الدنيا لعملية التحول الديمقراطي.
كما أشار الأستاذ الدكتور زيد عيادات إلى عدم التوافق على إدارة عمليات الانتقال الديمقراطي، وإلى وجوب إعادة صياغة العقد الاجتماعي بما يضمن مصالح جميع الأطراف، وإلا فإن مرحلة التحول ستكون مشوبة بالانزلاق لأسوأ مما كان، متسائلًا إن كانت الأسباب التي أدت لخروج الشباب العربي للمطالبة بكرامته وحقوقه ما زالت موجودة، وهل ينتظر عالمنا العربي ربيعًا أو عدة "ربيعات" عربية قادمة؟
وبفتح باب الحوار مع الجمهور، نوقشت أسئلة ومواضيع عدة أهمها كون الربيع العربي مؤامرة أم لا، والذي أجاب عنه الأستاذ الدكتور علي أومليل قائلا "أنّ الربيع العربي لم يكن مؤامرة، وأن العرب ليسوا بجماعة من المغُرّر بهم وذلك احترامًا لآلاف الشباب الذين خرجوا إلى الشارع."
وأضاف أ. د. زيد عيادات "إن هذا الخروج أعاد صياغة السياسة العربية عما كانت عليه سابقًا"، واختتم اللقاء قائلا إن "مصلحة العرب العميقة في استقلالهم القومي، وبتجريم سجن الرأي والحريات". كما أكد الأستاذ الدكتور ولد أباه على أهمية التفطن إلى أنه قد مضى على الربيع العربي فترة 10 سنوات فقط، وهي فترة قصيرة جدًا مقارنة بفترات الثورات التي مرت بها شعوب العالم.
وتؤكد منظمة النهضة العربية (أرض)، أن تبعات الربيع العربي وحراكه لا تزال مستمرة، ولابد من نظرة شمولية استشرافية تقوم على البيانات والمعطيات القائمة، لمعالجة الآثار المترتبة والواقع العربي الجديد ونهج وكيفية المضي قدماً.
منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)
أُسست منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) عام 2008 في عمّان-الأردن، كمنظمة مجتمع مدني تسعى لتشكيل مشروع نهضوي عربي يسهم في مواجهة التحديات التي يواجهها العالم العربي ويبني على أهم منجزات وأفكار مشاريع النهضة العربية السابقة بهدف فتح باب المشاركة المستقبلية في صياغة إجراءات ملموسة لتحقيق التغيير والتطور المنشودين من خلال تقديم الدعم للأفراد والمجتمعات - بما في ذلك اللاجئين والمهاجرين - ومساعدتهم في اكتساب حقوقهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتمتع بها، وتقديم المساعدة القانونية والدعم النفسي والاجتماعي وتعبئة وسائل الإعلام والقاعدة الشعبية، والبحث وحشد التأييد لرفع وعي كافة الجهات المعنية محليًا وإقليميًا ودوليًا بالتحديات التي يواجهها الأشخاص المستضعفون في والعالم العربي.