jo24_banner
jo24_banner

ما في سرير!

فراس عوض
جو 24 :
أستطيع أن أجزم بأن كثيرا من مشاكل الاعتداء على الكوادر الصحية، أحد أهم حلولها حسن تواصل هذه الكوادر مع المريض وذويه، فعبارة" ما في سرير"، عبارة مؤلمة جدا لأب يحمل ولده المريض بين يديه، أو أب يريد علاج والده أو أخاه أو أخته و يواجه بهكذا عبارة جافة! فالحق الطبيعي أن يتوافر السرير لكل مريض يحتاجه، وحق الرعاية الصحية حق دستوري لا خلاف عليه، ولا علاقة للمريض بأي تفاصيل.

ولأسباب تتعلق بنقص الأسرة في مستشفى ما، وتحديدا الأقسام الحساسة كالعناية المركزة والخداج وغيرهما، لا يجب أن يتفوه الطبيب بعبارة كهذه قد تؤدي الى مشاكل، بل يجب أن تكون العبارة :" لا يوجد سرير لحالة ابنك او ابنتك ولكن سنقوم بتوفير سرير ونقله الى مستشفى آخر بالتنسيق مع ذلك المستشفى، وسيتم توفير الرعاية اللازمة لابنك او ابنتك خلال تلك العملية، وتوفير سيارة الإسعاف والطبيب والممرض وطبيب التخدير المرافق.. الخ من اجراءات ،" بمعنى طمأنة ولي الأمر بشكل مريح ومقنع و واضح على حالة ابنه، و إقناعه بسهولة عملية توفير السرير، و بأنها إجراء طبيعي في حالة كهذه، وشرح ذلك بشكل واف و كاف، وأنه ليس هناك مضاعفات خطيرة بسبب ذلك الإجراء، وليس التفوه بالعبارة الجافة : "لا يوجد سرير "!

كثير من حالات الاعتداءات على العاملين الصحيين يمكن حلها بقيام الإدارة في المشفى بتدريب الكوادر على برنامج مهارات اتصال فعال، بل هذا التواصل جزء من عملية الرعاية الصحية، حيث يعد الجزء الأهم ومعيارا من معايير الأداء وتحقيق الاعتمادية المحلية والعالمية للمستشفيات أيضا ، لا ننكر جذر تلك المشاكل بسبب نقص المعدات والاختصاصات و سعة المستشفيات من الأسرة والكوادر وأسباب أخرى يطول ذكرها، لكن التواصل الفعال والجيد يريح المريض والمرافق ويعوض مكامن النقص.


أتمنى من الكوادر الطبية وإداراتها حسن التواصل وإيصال الرسالة التواصلية بشكل صحيح و واضح ومريح للمريض وذويه، حفاظا على حقهم بالرعاية وتجنبا لأي احتكاك او احتقان.

الأمر يحتاج لإرادة حقيقية، ويمكن لوزارة الصحة استحداث برنامج لتنمية مهارات التواصل بشكل علمي وعملي متقدم وحديث بين الكوادر والمريض وذويه بشكل مستمر، بتدريبهم وضمان استمرارية تطبيق تلك المهارات، ولا تحتاج الوزارة سوى لمختصين مدربين في هذا المجال، ونقل الخبرة الى كافة الكوادر على مراحل في كافة مستشفيات المملكة التابعة للصحة، وهذا سيخفف جدا من حالة الحنق والاحتقان والاحتكاك والعنف.

تدريب الكوادر الطبية لا يكون فقط في مجال الاختصاص الطبي والتمريضي بالتعامل مع الجسد والجسم، بل أيضا مع الروح والناحية النفسية للمريض و ذويه. إضافة لاستحداث آلية لربط المستشفيات بقاعدة بيانات واحدة ومركز عمليات لهذه الغاية وتفعيله لتجاوز البيروقراطية في عملية توفير سرير للمريض في مستشفى ما، لتسهيل تلك الغاية.

يمكن زيادة ميزانية وزارة الصحة لبرنامج الموارد البشرية في قانون الموازنة حاليا، قبل التصويت عليه من قبل النواب بنحو 25-50 الف دينار بحد أعلى، فذلك كفيل بتخفيف حدة هذه المشاكل بشكل كبير، بتدريب 5٪ من الكوادر الطبية والتمريضية على الأقل كمرحلة مبدئية وزيادتها بالتدريج، فالقاعات متوفرة في المستشفيات، ولا تحتاج الوزارة سوى لتدريب 5٪ من الكوادر، وهم بدورهم ينقلون الخبرة التدريبية لباقي الكوادر خلال شهور قليلة ، من خلال دورة في مهارات التواصل والذكاء العاطفي مع المريض بشكل متقدم وحديث وعملي، وتحديدا في المواقف الحرجة والصعبة وكيفية التصرف تحت الضغط ، وذلك بدورة عملية بواقع عشرين ساعة على الأقل، كمتطلب للترقية في المسار الوظيفي للكوادر.



تابعو الأردن 24 على google news