jo24_banner
jo24_banner

لماذا لا نطوي ملف المعتقلين؟

لماذا لا نطوي ملف المعتقلين؟
جو 24 :
كتب سليم البطاينة - 

كم هو جميل عندما نكتب عبارات وكلمات يراها البعض مهمة ومعبرة ويراها آخرون بلا معنى! فالاردنيين يتسائلون يومياً هل تجهل الدولة وأجهزتها ما يحدث داخلياً ؟ ولماذ لا يستمعون إلى النُصح من الخبراء والنُخب حينما يدقون ناقوس الخطر ؟ فمن يوجه الانتقاد لمؤسسة الحكم أو الدولة أو الحكومة فهو في الحقيقة يؤمن بشرعية النظام ويخاف عليه!! فالانتقاد يأتي من باب الرفض لسياسات ظالمة لم تُحقق طموحات الناس.


مازال قاموس الفكر السياسي الأردني بحاجة إلى مراجعة وتعريف معنى المعارضة السياسية!! علمًا بأن الصورة لأي نظام سياسي لا تكتمل ما لم تكن هناك معارضة، فالمعارضة المؤطرة فردياً في أي بلد هي مصدر قوة ونعمة للدولة وليست مصدر خوف..

الحكومة وحتى هذه اللحظة لا تعترف بوجود معتقلي رأي، رغم أن عددهم كما سمعت قليل جداً ولا يزيدون عن ستين شخصاً!! فتلك الاعتقالات والمُحاكمات بسب انتقاد الأوضاع غير مبررة وعقابية، ولها تأثير مخيف على حرية الكلمة والتعبير !! فحرية التعبير مصانة حسب المادة (١٥) من الدستور الأردني . والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية International covenant on civil pacts ، حيث يحمي هذا العهد الحق في حرية التعبير ونقل المعلومات والأفكار بشتى أشكالها، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة ( المادة ١٩ منه ) والأردن كان من أوائل الدول الموقعة على ذلك العهد!! فهناك على ما يبدو إلتباس وضبابية لدى البعض حول تعريف من هو المعتقل السياسي ومعتقل الرأي.

مؤسف أن تنزلق الأمور إلى هذا الحد وننشغلُ بالكتابة في هذا الأمر، الذي تجاوزته الدولة منذُ عقود طويلة من الزمن!! فلم يعودنا الهاشميون على الخصام، ولم يكونوا في يوم من الأيام خصمًا لأي كان من أفراد شعبهم. ونفخر دومًا بأن الدم لم ينزف على تراب الوطن في عهدهم ، ولم يعدم أو تتم تصفية أي معارض من الذين ناكفوهم من السياسيين.

كلما تفاءلنا بشي نعود لنقطة الصفر وكأننا لن نُغادر هذا المربع الأسود المغلق، وهو عدم اتساع صدر الدولة لمنتقديها!! فالحرية مطلوبة للجميع والاعتقالات هنا وهناك تُحطم كل ما يحلم به الأردنيون وستُسهم في تعميق الأزمة الداخلية وفي تأزيم المشهد بشكل عام، وفي ظل انهيار اقتصادي لم تشهده البلاد سابقًا.

لا بد أن يعرف المسؤولون داخل الدولة العميقة أننا لا نعيش في دولة الخوف التي لا حق فيها لمواطن أن يبدي رأيه، أو أن يعترض على ظلم وقع به أو بغيره!! وجريمة كبرى بأن يتم تطهير الساحة السياسية من المعارضين والمختلفين مع الدولة وسياساتها!! فإذا عمت الفوضى السياسية في البلاد عندها لن يكون هناك حدود واضحة بين المسموح والمُحرم داخل بنية الدولة!! 

النظام السياسي العقلاني والذكي هو الذي يتسعُ صدره لأي كان ، ويمنع أية اعتقالات أو محاكمات بخصوص حرية الراي والكلمة!! فما أكثر الأوطان التي تُعطينا أسمها وتأخذُ منا الأمان.

الدول الدكتاتورية في العالم هي التي لا تستطيع أن تفتح حواراً كبيراً يضم ويستوعب جميع الأطياف للتحاور من اجل الوصول إلى حلول منطقية للنهوض بالوطن!! فتلك الدول يعمل قضاؤها على أن الاعتقال فعلاً مشروعاً وقانونياً، فالاعتقال السياسي لديهم يتحول إلى اتهام قانوني!! وشرعية القوة والقبضة الأمنية لديهم هي التبرير كحق شرعي باسم الأمن ، وهذا ايضاً مبرر آخر تُسوق له تلك الدول حتى تستطيع الحفاظ على كينونتها من الانهيار.

تجربة الحكم في الاْردن كانت ومازالت تُعتبر انموذجاً يلفت أنظار العالم في علاقة الملك بأبناء شعبه، فمظلته كبيرة وتتسع للجميع ، فهو قاموس ومرجع وبيت يحتضن المتخاصمين ، فلا بد من عودة الوعي لأجهزة الدولة لنفض الغبار وانتزاع براثن الخوف من أشياء كثيرة!! فاطلقوا سراح من انتقدكم وتوقفوا عن ملاحقة من يحب ويخاف على الاْردن ، فذلك لا يليق بنا فنحن بحاجة ماسة إلى انفراجات وإصلاح على كل المستويات..
 
تابعو الأردن 24 على google news