كيف يعيش الطفيل المائي اللاسع دون أكسجين؟
جو 24 :
"لا تستطيع الكائنات متعددة الخلايا الحياة إلا بمساعدة محطات توليد الطاقة (الميتوكندريا)"، ذلك ما اعتبر -في السابق- قاعدة رئيسية، أما الآن فقد صارت لتلك القاعدة استثناءات.
فقد قدمت دراسة حديثة نشرت في دورية "بي إن إي إس" دليلا على احتواء طفيل هينيجوا -وهو كائن متعدد الخلايا يستوطن الهيكل العضلي لأسماك السلمون البحرية- على ميتوكوندريا غير فعالة.
ولكن ما دعا للدهشة حقا هو الاعتماد الكلي للطفيل على مصادر تنفس لاهوائية للحصول على الطاقة، أي من دون الحاجة لجزيئات الأكسجين؛ وذلك بالتحديد ما كان حكرا على الكائنات وحيدة الخلايا -على حد علمنا- في السابق.
ميتوكندريا غير فعالة
تعد تلك الدراسة واحدة من أهم الاكتشافات الحديثة التي قد تسهم في تغيير فهمنا لآليات التطور التي مرت بها الميتوكوندريا منذ بدء تكوينها.
فقبل مليارات السنين، تشكلت الميتوكندريا عن طريق استضافة خلية بكتيرية داخل خلية بدائية (كائن أولي حقيقي النواة) لتنتج علاقة تكافلية ممتدة بينهما، وبذلك اعتمدت العديد من الكائنات في إنتاج الطاقة على أنماط التنفس الهوائي باستخدام الميتوكندريا.
وعندما عمد الفريق البحثي في جامعة تل أبيب –بقيادة الباحثة الرئيسية دايانا ياحلومي- إلى التحقق المجهري وفحص تسلسل جينوم الميتوكندريا الخاصة بالطفيل؛ وجد الفريق أن أغلب المحتوى الجيني الخاص بالوظائف الخلوية الأساسية للميتوكندريا كالنسخ والترجمة والاستنساخ كانت مفقودة في الجينوم الخاص بخلايا الطفيل، وذلك عند مقارنتها بجينوم طفيل ميكسوبولس الذي يستوطن أسماك السلمون أيضا.
الطفيل اللاسع
كان طفيل هينيجوا حظي في السابق ببعض الصفات المشتركة مع سلالات وثيقة القرب منه، كالشعاب المرجانية وقناديل البحر اللاسعة، إلا أن معظم تلك الصفات خبت خلال مراحل التطور التي مر بها الطفيل، واستنادا إلى علم التصنيف الظاهري للحيوان، فإن طفيل هينيجوا المائي ينتمي لشعبة اللاسعات البحرية.
وهناك المزيد من الأدلة التي تشير إلى تطور طفيل هينيجوا المائي من أسلاف قناديل البحر اللاسعة؛ فعن طريق تراكيب أقرب ما تكون لكبسولات لاصقة منها إلى خلايا لاسعة، اعتمد الطفيل على تلك التراكيب لتثبيت جرثوماته داخل النسيج العضلي لأسماك السلمون خلال فترة التطفل.
كما أكد الفريق البحثي بجامعة كانساس الأميركية المشارك في الدراسة أنه بعد تحليل المحتوى الجيني لمجموعة من طفيليات المخاطيات على انتمائها لأسلاف من شعبة اللاسعات.
وهنا تفترض ياحلومي -في ما نقله موقع ساينس ألرت بتاريخ 25 فبراير/شباط الماضي- "أن لتلك النتائج بالغ الأثر في تحسين فهمنا للأحداث المتتابعة التي خاضتها الكائنات متعددة الخلايا لتلجأ إلى نمط التنفس اللاهوائي بدل النمط الآخر.
المصدر : الجزيرة