استهداف حمدوك.. استنكار محلي ودولي لمحاولة اغتيال غير مسبوقة بالسودان
جو 24 :
لقيت محاولة الاغتيال التي نجا منها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في الخرطوم اليوم الاثنين تنديدا عربيا ودوليا، بينما خلفت مشاعر صدمة لدى السودانيين الذين لم تعرف بلادهم مثل هذه الاعتداءات في تاريخها السياسي.
وفي أول تعليق بعد نجاته، قال حمدوك في تغريدة له على صفحته بتويتر "أطمئن الشعب السوداني أنني بخير وصحة تامة".
وأضاف أن ما حدث "لن يوقف مسيرة التغيير، ولن يكون إلا دفقة إضافية في موج الثورة العاتي، فهذه الثورة محمية بسلميتها، وكان مهرها دماء غالية بذلت من أجل غد أفضل وسلام مستدام".
وقال مجلس الوزراء في بيان تلاه على الصحفيين فيصل محمد صالح وزير الثقافة والإعلام الناطق باسم الحكومة إن موكب رئيس الوزراء "تعرض لتفجير إرهابي وإطلاق رصاص أسفل كوبري كوبر، ولم يصب السيد رئيس مجلس الوزراء بأي أذى وكذلك المجموعة المرافقة له" ما عدا أحد أفراد الفرقة التشريفية الذي أصيب بشكل طفيف في كتفه".
وأضاف بيان مجلس الوزراء أن حمدوك "يمارس مهامه بمكتبه وقد بدأت السلطات الأمنية إجراءاتها للتحقيق في الحادث".
وأشار البيان إلى أنه "سيتم التعامل بالحسم مع المحاولات الإرهابية.. نحن نعلم أن هنالك من يستهدف ثورة الشعب السوداني والمكاسب التي حققها" لكنه أكد أن "مسيرتها مستمرة ولن تفقد بوصلتها".
وبث التلفزيون الرسمي صورا لحمدوك وهو يستقبل أعضاء تحالف الحرية والتغيير الذي قاد الاحتجاجات ضد نظام عمر البشير، وأعضاء مجلس الوزراء أمام مكتبه وهو يصافحهم ويبتسم ويبدو في حالة جيدة.
دعوة للتظاهر
ودعا تحالف الحرية والتغيير المواطنين إلى الخروج في مواكب قائلا "إننا ندعو كافة جماهير شعبنا في العاصمة للخروج في مواكب والتوجه إلى ساحة الحرية لإظهار وحدتنا".
وقرب مكان الحادث في منطقة كوبر شمال العاصمة خرج العشرات وهم يهتفون "بالروح بالدم نفديك يا حمدوك".
تنديد عربي ودولي
وأدانت جامعة الدول العربية استهداف موكب رئيس الوزراء السوداني، وعبرت عن صدمتها إزاء محاولة اغتياله، كما جددت التزامها بالوقوف مع السودان في عملية الانتقال الديمقراطي.
من جانب آخر، أعربت دولة قطر عن "إدانتها واستنكارها الشديدين لمحاولة الاغتيال التي استهدفت دولة رئيس مجلس الوزراء بجمهورية السودان الشقيقة"، وجددت موقفها "الثابت والداعم لوحدة واستقرار وسيادة السودان وتطلعات شعبه الشقيق".
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية عبر تويتر، إن محاولة اغتيال حمدوك "صادمة، وتهدف إلى تقويض المرحلة الانتقالية بكل ما تحمله من آمال وتطلعات للمواطن السوداني". وأضاف "نقف متضامنين مع السودان حكومة وشعبا ونرفض العنف كأداة سياسية أيا كان مصدرها".
من جهة أخرى، قال المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية تيبور ناجي إن واشنطن على علم بالهجوم على موكب حمدوك وتراقب الوضع عن كثب. وأضاف أن الولايات المتحدة "تدعم بقوة حكومة السودان الانتقالية التي يقودها المدنيون وتقف إلى جانبها والشعب السوداني".
من جانبه، قال ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية غوسيب بوريل "نشعر بالأسف جراء محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني ونؤكد مواصلة دعمنا للحكومة السودانية".
وكذلك قال السفير البريطاني في السودان عرفان صديق إن محاولة الاغتيال "حدث مقلق للغاية... يؤكد مجددا الطبيعة الهشة لهذه المرحلة الانتقالية والدور الحيوي الذي يقوم به رئيس الوزراء".
اعلان
وأضاف أن المملكة المتحدة "تدعم الحكومة المدنية كليا وتلتزم بمواصلة تقديم أي دعم ممكن للمساعدة في نجاحها".
وقالت سفارة تركيا في السودان إنها تدين بشدة محاولة اغتيال حمدوك، وتعرب عن تضامنها مع شعب السودان الشقيق.
بصمات خارجية
وقال والي الخرطوم في تصريحات من مكان الحادث إن موكب حمدوك تعرض لمحاولة تفجير عن بُعد، وأكد أن صحته جيدة، وأن لدى السلطات مشتبها فيهم. ولم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن محاولة الاغتيال الفاشلة.
وقال مراسل الجزيرة في الخرطوم الطاهر المرضي إن والي الخرطوم لمح إلى وجود بصمات خارجية في المحاولة الفاشلة، معتبرا أنها المرة الأولى في تاريخ السودان التي يستهدف فيها مسؤول سوداني رفيع بعملية كهذه، وهو أسلوب دخيل وغير معروف في الساحة السياسية السودانية.
وبشأن تفاصيل العملية، نقلت مراسلة الجزيرة نت في الخرطوم مزدلفة عثمان عن مصادر موثوقة أن الانفجار نجم عن انفجار عبوة ناسفة وضعت في سيارة "هونداي" كانت تقف على الشارع الرئيسي ولم يكن داخلها أحد.
وأفادت بأن الانفجار أصاب السيارة الأولى المخصصة للحماية وداخلها فريق الحراسة الأمني، وأن السيارة الثانية التي كانت تسير بسرعة اصطدمت بالأولى، ويرجح أنها كانت تقل رئيس الوزراء، حيث تحطم زجاجها.
ولأن الانفجار وقع بقرب أحد المنازل فقد تضررت سيارة كانت تقف داخله على نحو طفيف، كما تحطم زجاج المنزل بشكل كامل.
عملية غير مسبوقة
وقال مدير مكتب الجزيرة في الخرطوم المسلمي الكباشي إن هناك حالة استنكار واسعة بين عموم الشعب السوداني الذي لم يعرف يوما ثقافة الاغتيالات السياسية.
من جهتها، أفادت قوى الحرية والتغيير بأن استهداف حمدوك هجوم إرهابي وامتداد لمحاولات الانقضاض على الثورة السودانية وإجهاضها.
ويرى القيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير نور الدين صلاح الدين أن محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تمثل "حلقة جديدة من حلقات التآمر للانقلاب على الثورة السودانية".
وأضاف صلاح الدين في حديثه للجزيرة نت أن القوى المعادية للثورة ظلت تعمل على ضربها عبر خلق الأزمات المستمرة في كافة مسارات البناء، لإعادة السودان إلى ما قبل حقبة التغيير، وفق قوله.
من جهة أخرى، نقل الإعلام المحلي عن إبراهيم غندور رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول قوله إن محاولة الاغتيال حادثة دخيلة على المجتمع السوداني وقيم تسامحه وتماسكه، بغض النظر عمن يقف وراءها أو من يحاول الاستفادة منها.
المصدر : الجزيرة + وكالات