النائب زكريا الشيخ للنسور: عليك بهم واضربهم
جو 24 : قال النائب زكريا الشيخ خلال مناقشته للموازنة العامة اليوم إنه إذا ما أفتى العز بن عبد السلام لقطز أن يغطي عجز الموازنة من أموال الأغنياء ومساواة الأمراء والوزراء مع العامة في الممتلكات، فإن فتواه الإقتصادية للنسور ليست بالضرورة أن تقوم بما قام به قطز.. ولكن ما عليه سوى إتباع الوصفة التالية بعد أن يكون لديه مجلس إستشاري أو مطبخ إقتصادي وسياسي مؤهلا من الأكفاء لإعانته بمهمته، مشبرا أن أكبر معضلة لديه هي بضعف أو بالأحرى غياب الفريق الإقتصادي للدولة الأردنية القادر على إجتراح الحلول.
وتتضمن فتوى وحلول النائب الشيخ:
أولا: حافظ على القليل الذي نملك وتأكد من أن نهر الفساد المتدفق قد توقف، بالرقابة والمحاسبة الصارمة من الآن فصاعدا، بالفعل لا بالقول.
ثانيا: إتبع المثل الشعبي "على قد فراشك مد إجريك".. فدعونا نعيش بثوبنا لا بثوب غيرنا، وأن لا يكون نمط حياتنا خليجي المظهر، فنحن لسنا دولة نفطية في الوقت الحالي، بل لنتعايش مع واقع قدرات إقتصادنا المحلي وعدم البذخ بأموال المعونات والمنح والقروض العربية والدولية، وعلينا أن نتوقف تماما عن إستجداء المعونات الخارجية التي ترهن قرارنا السياسي بتوجيهات الممول، فنحن نعيش بجلباب غيرنا.
ثالثا: أن تعاد أموال البلاد المنهوبة من لصوص المال العام وقضايا الفساد وأن تضرب بيد من حديد على كافة المفسدين الذين عاثوا في الأرض فسادا وتعاد المؤسسات المخصخصة المنهوبة إلى حاضنة الوطن، فقد بيع الوطن.
رابعا: إستكشاف مقدرات وخيرات الوطن من نفط وصخر زيتي وغاز طبيعي، ومعادن نفيسة كالنحاس واليورانيوم وغيرها.
خامسا: أقدم للحكومة الجلية مبادرة (مكتوبة) تحت عنوان "صندوق المبادرة الوطنية للإنقاذ الإقتصادي النيابية" لحث أغنياء الوطن على رفد خزينة الدولة، وبدائل أخرى تحتاج إلى رعايتكم حتى ترى النور وتساهم في حل معضلة رفع الكهرباء.
وتاليا نص كلمة النائب الشيخ كما وصلت لــ جو24.
" رب إشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي الحبيب الذي إصطفى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ - الأعراف 85
معالي الرئيس .. الزملاء والزميلات نواب الأمة:
أقدم عظيم التقدير للجهد الكبير الذي بذلته اللجنة المالية والإقتصادية النيابية في تقريرها المفصل الذي قدمته لمجلسنا الكريم، وشخصت واقع الحال الإقتصادي، واسهبت بتدوين ملاحظاتها وتوصياتها على الموازنة العامة لعامي 2012 و 2013 وموازنة الوحدات الحكومية لعام 2013، والتي أتفق مع أغلبية ما جاء فيها.. لذا سأكتفي بتقرير اللجنة الموقر وسأركز في مداخلتي هذه على جزئية هامة تقلق الشارع الأردني وهي قضية رفع الأسعار، إلتزاما مني بالوقت المخصص.
بالأمس القريب منحت ثقة مشروطة للحكومة الحالية، وعللت ذلك بأنها لعيون الوطن وليست لعيون أحد سوى الوطن، دون طمع بمغنم أو مكسب، آخذا بعين الإعتبار التحديات الخارجية وسط إقليم ملتهب لا يحتمل إحداث أي فراغ سياسي يؤدي إلى إضعاف الجبهة الداخلية في بلادنا.
إن أهم شرط قرن بثقتي كان تعهد الحكومة بعدم المساس بجيب المواطن الذي قلت أنه خط أحمر.. وعدم الإقدام على رفع أسعار الكهرباء أو السلع الأساسية، لأن المواطن بإختصار أصبح منهكا غير قادر على الإطلاق لتحمل أي أعباء إضافية، وفي حال إستنفاذ كافة البدائل، كما إشترطت، فعليها – أي الحكومة- أن تتشاور وتتوافق معنا، وأن تلتزم بقرار مجلس النواب الموقر، لا أن تمتطينا لنكون شهود زور على جريمة العصر.
أما اليوم، وفي لحظات تقترب الحكومة فيها من ساعة الصفر لإعلان قرارها المشؤوم غير الشعبي برفع أسعار الكهرباء، وعدم الأخذ بعين الإعتبار بالصوت العالي لمجلسنا الكريم الذي أجمع على رفضه المطلق لأي قرار بهذا الشأن .. فإنني أقول بملء فيّ آخذا بعين الإعتبار التبعات الأمنية والإجتماعية لقرار رفع الأسعار محذرا من أنه قد يكون الشرارة التي ستلهب الشارع، لا قدر الله، وتمنح المتربصين بالوطن فرصتهم الذهبية المنتظرة، والتي عجزوا عن إيصالنا اليها بسبب وعي أبناء شعبنا وإلتصاقه بقيادته الحكيمة، للإنقضاض على الوطن وتحويله إلى ساحة جديدة من ساحات الدمار العربي.. أقول: هذه المرة .. لعيون المواطن .. لا ومليون لا لرفع أسعار الكهرباء أو أي سلع أخرى وعلى رأسها الطحين والخبز، حفاظا على الأمن والسلم الإجتماعي الداخلي للوطن الذي منحنا الثقة من أجل عيونه.. وبالتالي فإن تصويتي سيكون رافضا لإقرار مشاريع القوانين المؤقتة المنظورة أمامنا اليوم، لأنها تقر ضمنا رفع اسعار الكهرباء.
وإذا ما سؤلنا ما هي البدائل لتغطية عجز الموازنة المتراكم بالمليارات.. فأقول بأنها أي شيء أخر سوى جيب المواطن والإبتعاد عن ما يخالف شرعنا الإسلامي الحنيف، سيكون بديلا مناسبا ومقبولا لنا.
ودعني أحيلكم أيها السادة الكرام إلى قصة الفتوى الشهيرة والجريئة لسلطان العلماء العالم الجليل العز بن عبد السلام، حينما كان سيف الدين قطز يتربع على عرش مصر عام 658 هـ، وهو واحد من أهم الشخصيات العسكرية في التاريخ الإسلامي، وكان التتار على أبواب مصر من جهة غزة، وكانت بلاده تمر بأزمة إقتصادية طاحنة، وكان لا بدّ من تجهيز الجيش المسلم، وإعداد التموين اللازم له، وإصلاح الجسور والقلاع والحصون، وإعداد العدة اللازمة للحرب، وتخزين ما يكفي للشعب في حال الحصار، وليس هناك وقت لخطة خمسية أو عشرية.. والتتار على الأبواب، ولا أموال تذكر في خزينة الدولة.
ماذا يفعل قطز ؟! وماذا يفعل النسور
جمع قطز رحمه الله مجلسه الاستشاري، ودعا إليه ـ إلى جانب الأمراء والقادة ـ العلماء والفقهاء، وعلى رأسهم سلطان العلماء الشيخ العز بن عبد السلام رحمه الله.. وبدءوا يفكرون في حلّ للأزمة الاقتصادية الطاحنة، وكيف يوفرون الدعم الكافي لتجهيز الجيش الكبير الخارج لملاقاة التتار..
واقترح قطز رحمه الله أن تفرض على الناس ضرائب لدعم الجيش، وهذا قرار يحتاج إلى فتوى شرعية، لأن المسلمين في دولة الإسلام لا يدفعون سوى الزكاة، ولا يدفعها إلا القادر عليها، وبشروط الزكاة المعروفة، أما فرض الضرائب فوق الزكاة فهذا لا يكون إلا في ظروف خاصة جداً، ومؤقتة جداً، ولابدّ من وجود سند شرعي يبيح ذلك.. وإلا صارت الضرائب مكوساً، وفارض الضرائب بغير حق عقابه أليم عند الله..
عن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ".
يقول الإمام النووي رحمه الله تعليقاً على هذا الحديث: "إن المكس من أقبح المعاصي، ومن الذنوب الموبقات، وذلك لكثرة مطالبات الناس له وظلاماتهم عنده، وأخذ أموالهم بغير حقها، وصرفها في غير وجهها"..
فقطز رحمه الله يقترح الأمر، وينتظر رأي العلماء في هذه القضية..
ومع أن الغاية نبيلة، والمال المطلوب سوف يجهّز به جيش للقتال في سبيل الله، إلا أن الشيخ العزّ بن عبد السلام كان عنده تحفظ خطير على هذا القرار، فلم يوافق عليه إلا بشرطين.. والشرطان عسيران جداً!!
فتوى العزّ بن عبد السلام
قال الشيخ العزّ بن عبد السلام رحمه الله":
إذا طرق العدو البلاد وجب على العالم كلهم قتالهم (أي العالم الإسلامي)، وجاز أن يؤخذ من الرعية ما يستعان به على جهازهم (أي فوق الزكاة) بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء (هذا هو الشرط الأول).
أما الشرط الثاني فكان أصعب!.. قال الشيخ العزّ بن عبد السلام رحمه الله: "وأن تبيعوا ما لكم من الممتلكات والآلات (أي يبيع الحكام والأمراء والوزراء ما يمتلكون)، ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه، وتتساووا في ذلك أنتم والعامة، وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا!!"..
فتوى في منتهى الجرأة!!..
يقول الشيخ العزّ بن عبد السلام لقطز رحمه الله إنه لا يجوز فرض ضرائب إلا بعد أن يتساوى الوزراء والأمراء مع العامة في الممتلكات، ويجهز الجيش بأموال الأمراء والوزراء، فإن لم تكف هذه الأموال جاز هنا فرض الضرائب على الشعب بالقدر الذي يكفي لتجهيز الجيش، وليس أكثر من ذلك..
لقد قبل قطز رحمه الله كلام الشيخ العز بن عبد السلام ببساطة!.. وبدأ بنفسه، فباع كل ما يملك، وأمر الوزراء والأمراء أن يفعلوا ذلك!.. فانصاع الجميع، وتم تجهيز الجيش المسلم بالطريقة الشرعية.. واكتشف المسلمون في مصر اكتشافاً عجيباً.. لقد اكتشفوا أن مصر غنية جداً، وأن البلد به أموال ضخمة برغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة، فقد امتلأت جيوب كثير من الوزراء والأمراء بأموال البلد الهائلة.. وأصبحت ثروات بعضهم تساوي ميزانيات بعض الدول.. لقد كانت ثروات بعضهم تكفي لسداد الديون المتراكمة على البلد.. وكانت ثروات بعضهم تكفي لسد حاجة الفقراء والمساكين.. وتكفي لإصلاح الوضع الاقتصادي.
وهنا دعني أقدم فتوى من النائب الشيخ إلى أبو زهير:
إذا ما أفتى العز بن عبد السلام لقطز أن يغطي عجز الموازنة من أموال الأغنياء ومساواة الأمراء والوزراء مع العامة في الممتلكات.. ففتواي الإقتصادية، ليس بالضرورة أن تقوم بما قام به قطز.. ولكن ما عليك سوى إتباع الوصفة التالية بعد أن يكون لديك مجلسا إستشاريا أو مطبخا إقتصاديا وسياسيا مؤهلا من الأكفاء لإعانتك بمهمتك.. وأعتقد أن أكبر معضلة لديك هي بضعف أو بالأحرى غياب الفريق الإقتصادي للدولة الأردنية القادر على إجتراح الحلول :
أولا: حافظ على القليل الذي نملك وتأكد من أن نهر الفساد المتدفق قد توقف، بالرقابة والمحاسبة الصارمة من الآن فصاعدا، بالفعل لا بالقول.
ثانيا: إتبع المثل الشعبي "على قد فراشك مد إجريك".. فدعونا نعيش بثوبنا لا بثوب غيرنا، وأن لا يكون نمط حياتنا خليجي المظهر، فنحن لسنا دولة نفطية في الوقت الحالي، بل لنتعايش مع واقع قدرات إقتصادنا المحلي وعدم البذخ بأموال المعونات والمنح والقروض العربية والدولية، وعلينا أن نتوقف تماما عن إستجداء المعونات الخارجية التي ترهن قرارنا السياسي بتوجيهات الممول، فنحن نعيش بجلباب غيرنا.
ثالثا: أن تعاد أموال البلاد المنهوبة من لصوص المال العام وقضايا الفساد وأن تضرب بيد من حديد على كافة المفسدين الذين عاثوا في الأرض فسادا وتعاد المؤسسات المخصخصة المنهوبة إلى حاضنة الوطن، فقد بيع الوطن.
رابعا: إستكشاف مقدرات وخيرات الوطن من نفط وصخر زيتي وغاز طبيعي، ومعادن نفيسة كالنحاس واليورانيوم وغيرها.
خامسا: أقدم للحكومة الجلية مبادرة (مكتوبة) تحت عنوان "صندوق المبادرة الوطنية للإنقاذ الإقتصادي النيابية" لحث أغنياء الوطن على رفد خزينة الدولة، وبدائل أخرى تحتاج إلى رعايتكم حتى ترى النور وتساهم في حل معضلة رفع الكهرباء.
ونحن نناقش اليوم القانون المؤقت لقانون الموازنة العامة لسنة 2012 و 2013، والقانون المؤقت لموازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2013 ، وملحق قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2012 فلا بد لنا أن نؤكد على الثوابت التالية:
إن معضلة البلاد المركزية هي إقتصادية بإمتياز توجت بعجز تراكمي إجمالي في الميزانية تجاوز 17 مليار دينار، وإعتمدت تلك الميزانية بشكل كبير على القروض والمساعدات والمنح الدولية ما يجعل دائما قرارنا السياسي مرهونا بضغوطات الجهات الممولة وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وللأسف أصبحت حتى المنح والمعونات والقروض الخليجية ترهن دعمها المالي للأردن بمدى مطابقته لمعايير وشروط الجهات الدولية المانحة.
دعونا نتفق بداية بأن مشكلة إقتصادنا ومديونيتنا هي مشكلة تراكمية ناجمة عن ترحيل الآزمات من حكومة إلى حكومة، ومن سنة إلى سنة، سببه ضعف الجرأة لدى الأغلبية الساحقة من الحكومات المتعاقبة من أن "تبط الدمل" بحثا عن الشعبية أو تجنبا لتحمل المسؤولية، ولم تواجه الخطر مرة واحدة بل فضلت تلك الحكومات أن تختبيء دوما بين الحفر، وغضت الطرف كذلك عن الفاسدين ممن سرقوا قوت المواطن إن لم يكن هم الفاسدون ذاتهم أو من يلف بفلكهم.
إذن .. التحدي الأكبر الذي يواجهه الأردن اليوم هو تحدي الإصلاح الإقتصادي، وما يترتب على الفشل بمواجهته من تبعات خطيرة وآفات مجتمعية وإنفلات أخلاقي.. الأمر الذي يتطلب القيام بجملة إصلاحات إقتصادية مؤلمة تؤدي إلى إعادة عربة الإقتصاد الوطني ووضعها على سكة الوطن لتسير بالإتجاه الصحيح موجهة ببوصلة وطنية تتجاذب عقاربها طاقة تنبعث من ضمائر حية وأصحاب أيدي نظيفة وجباه ساجدة لربها، متهجدة بليلها رايتهم (رهبان الليل فرسان النهار).
إن إعادة إقتصاد إلى الطريق الصحيح هو مدخل الحل للمعضلات الإجتماعية والأخلاقية، كما أن الإقتصاد القوي يمنح المحور السياسي قوة ومنعة.
معالي الرئيس .. الزملاء والزميلات نواب الأمة:
أتحدث اليوم بصفتي نائب وطن، كما أتحدث كوني فردا من أفراد شعبنا الذي عانى الفقر والحرمان كما عانى العديد من فقراء الأردن ونحت مستقبله من الصخر بأظافره وجهده وعرق جبينه دون واسطة أو ظهر مسؤول.. كما أنه جدول راتب والده وأسرته من تقاعده العسكري بـ "الكرته" ليتمكن من النفاذ إلى الشهر الذي يليه ولكن بمعجزات حقيقية وبقصص عذاب عديدة.. هذا المواطن الأردني الحراث الفلاح .. لا يقتصر عشقه فقط لثرى ترابه الأردني الهاشمي التليد، بل دمه ودم أبناءه وبناته، وماله وكل ما يملك رخيصة في سبيل وطنه الأردن، ليبقى آمنا مستقرا، ليعيش به بكرامه دون تمييز أو إجحاف.. وبذات الوقت أفخر بأصلي.. لم ولن أنسى مسقط رأسي "بيت فجار" في فلسطين السليبة الحبيبة، أتمنى ألا يشكك يوما بولائي وصدق حبي لوطني وحقي بالمواطنة الكاملة غير المنقوصة، أتمنى ألا أصحو يوما، كما افاق العديد من أبناء جلدتي بلا هوية تبكي على أطلال رقمها الوطني المسلوب بموجب تعليمات جائرة من موظف أو موظفة تقرر من هو الأردني؟ فهل فكرت الحكومة بمبدأ العدالة والمساواة بين كافة الأردنيين.. فالعدل أساس الملك.
وبهذه الصفات سأتحدث بلسان حال ذلك العجوز المقهور في بلدة قطر بعد غور المزرعة وليس قطر الدولة، وبإسم الختيارة بقرية عقربا المطحونة، والنقع وكفرالما، وخشافية الدبايبة، والكوم الأحمر وعمراوة وجديتا ، سأتحدث بإسم أقضية رحاب وبلعما والأزرق الذي تنكر أصحاب القرار الحكومي لهم بترفيعهم إلى ألوية وتخاذلوا عن تنفيذ توجيهات جلالة الملك لهم.. أتحدث بإسم القادسية والعين البيضا وكثرربة والفيحاء في مادبا وماعين ولب ومليح.. سأتحدث بإسم أبنائنا المتعطلين عن العمل في معان، الحسينية، وحتى بسطة وبصيرة .. وأتسائل أين الشركات الكبرى في جنوب البلاد عن دورها في تنمية المجتمع المحلي وتوفير فرص العمل لأبناءه وبناته، وهي – أي تلك الشركات- التي تستخرج خيرات تلك المحافظات وتصدرها للخارج وحرمان أهلها تلك الخيرات.
أتحدث بإسم أهلي في الكورة الذين بح صوت 140 ألف بني آدم منهم مناشدين العدالة بتخصيص مقعدين إنتخابيين لهم بدلا من مقعد واحد أتحدث بإسم 650 ألف مواطن "مسخمط" من أهالي الرصيفة الذين يطالبون بالعدالة الاجتماعية، فهم والله لهم الحق أن يعبروا عن آلمهم وأن يمثلوا بأكثر من مقعدين في البرلمان ويرفعوا الصوت هم وابناء الزرقاء من سوء النظافة والخدمات ويقولون نحن من الفئة المظلومة!! أتحدث بإسم أبناء العقبة الذين يعانون في محافظة بدل شعارها من: لننثر الرمال ذهبا .. إلى: لننثر البلاد فسادا وحرمانا لأبناء الشامية والشلالة والمنطقة العاشرة وغيرها، فخيرهم لغيرهم، فأصبحوا غرباء في مدينتهم.. أتحدث بإسم الموقر والقويرة وقريقرة والظليل والدرة وبإسم أبناء البادية والريف والقرى المنسية .. كما أتحدث بإسم أبناء وبنات المخيمات الأربعة عشر المقهورين من ضيق ذات الحال وتدني مستوى الخدمات، فنكبتهم في فلسطين لا تقل آلما عن نكبتهم بظروفهم المعيشية وإهمالهم.
كما أتحدث بصفتي العشائرية، إبن عشيرة الشيخ، وهي إحدى أفخاذ عشائر الطقاطقة الكريمة الممتدة من شرقي النهر إلى غربيه فأنا إبن الأردن وإبن فلسطين الحريص على الحفاظ على القيم العشائرية التي يحفر لها الحافرون ويمكر لها الماكرون الدسائس، فحينما تركنا البادية وبدأنا نقلم من العشائرية ودورها الرائد في إصلاح ذات البين، وتركنا الصحراء، وحينما تم إلغاء خدمة العلم والتجنيد الإجباري أصبح أبناؤنا يرتدون البنطال الساحل وشعرهم أضحى مسامير من جلٍ مستورد، عشائريتنا أحبتي هي عزنا ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا فلنحافظ عليها، وأين هي من برنامج الحكومة!!
أتحدث بإسم المحافظات المنكوبة من جراء قضايا البورصة وضحاياها الذين تجاوز عددهم بشكل مباشر( 117 ) ألف مواطن .. أين وصلت قضيتهم، أين ذهبت أموالهم، من هم المجرمون الذين حطموا مستقبلهم واستفادوا من أموالهم.. هل من أحد في حكومتنا يجروء أن يجيب على هذه التساؤلات؟
أتحدث بإسم مئات الألوف من أبناءنا ضحايا محافظات الشمال المنكوبة جراء التلوث البيئي وإرتفاع الأسعار الحياتية في كل شيء بسبب نزوح ما يزيد عن 600 ألف شقيق سوري، الذين تنزف قلوبنا قبل عيوننا دما على مأساتهم.. هربوا من جحيم البطش والقتل والإرهاب، والذين ندفع فاتورة إرهاب نظام دموي وبطش ثوار تحولت بوصلة ثورتهم من الحرية إلى دمار وطن بأكمله، ندفع فاتورة أجندات صهيو-أمريكية تنفذ مؤامرة "الفوضى الخلاقة" بأموال عربية ودماء زكية طاهرة بريئة من أبناء أمتنا.. نعم نحن دولة المهاجرين والأنصار التي لا يحق لأحد أن يزاود عليها.. ولكن في ذات الوقت على الدول الراعية والممولة والتي ستجنى ثمار دمارها للشقيقة سوريا، عليها أن تدفع الفاتورة ولا تكون على حساب قوت أبنائنا وأمن مجتمعنا وإقتصادنا المنهك.
أتحدث بإسم الحراك المسؤول الراشد الذي ساهم وما زال يساهم في الإشارة إلى مواطن الخلل وتجفيف منابع الفساد ورفع سقف الحريات العامة والإسراع في تنفيذ الإصلاحات السياسية المطلوبة، ولكن بحرص على دم الأردني وسلامة أراضيه، فعلينا أن نفرق بين هذا الحراك المطلوب والذي يشكل رديفا هاما لبرلمان ظل وحكومة ظل وبين الحراك ذو الأجندات التدميرية الذي حول حرية التعبير عن الرأي إلى الشتائم والقدح والإبتزاز والتطاول على ثوابت الوطن وقواتنا وأجهزتنا الأمنية نيلا لمصالح فردية أو تحقيقا لمؤامرة خارجية تدميرية تمحق الأخضر واليابس، فالحراك الراشد وهم الأغلبية العظمى من القوى المطالبة بالإصلاح يتطلب الحماية والرعاية والتعامل معه بإحترام وحرفية، وما دون ذلك من حراك الشتائم والدمار فالأمن الخشن قليل عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وتتضمن فتوى وحلول النائب الشيخ:
أولا: حافظ على القليل الذي نملك وتأكد من أن نهر الفساد المتدفق قد توقف، بالرقابة والمحاسبة الصارمة من الآن فصاعدا، بالفعل لا بالقول.
ثانيا: إتبع المثل الشعبي "على قد فراشك مد إجريك".. فدعونا نعيش بثوبنا لا بثوب غيرنا، وأن لا يكون نمط حياتنا خليجي المظهر، فنحن لسنا دولة نفطية في الوقت الحالي، بل لنتعايش مع واقع قدرات إقتصادنا المحلي وعدم البذخ بأموال المعونات والمنح والقروض العربية والدولية، وعلينا أن نتوقف تماما عن إستجداء المعونات الخارجية التي ترهن قرارنا السياسي بتوجيهات الممول، فنحن نعيش بجلباب غيرنا.
ثالثا: أن تعاد أموال البلاد المنهوبة من لصوص المال العام وقضايا الفساد وأن تضرب بيد من حديد على كافة المفسدين الذين عاثوا في الأرض فسادا وتعاد المؤسسات المخصخصة المنهوبة إلى حاضنة الوطن، فقد بيع الوطن.
رابعا: إستكشاف مقدرات وخيرات الوطن من نفط وصخر زيتي وغاز طبيعي، ومعادن نفيسة كالنحاس واليورانيوم وغيرها.
خامسا: أقدم للحكومة الجلية مبادرة (مكتوبة) تحت عنوان "صندوق المبادرة الوطنية للإنقاذ الإقتصادي النيابية" لحث أغنياء الوطن على رفد خزينة الدولة، وبدائل أخرى تحتاج إلى رعايتكم حتى ترى النور وتساهم في حل معضلة رفع الكهرباء.
وتاليا نص كلمة النائب الشيخ كما وصلت لــ جو24.
" رب إشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي الحبيب الذي إصطفى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ - الأعراف 85
معالي الرئيس .. الزملاء والزميلات نواب الأمة:
أقدم عظيم التقدير للجهد الكبير الذي بذلته اللجنة المالية والإقتصادية النيابية في تقريرها المفصل الذي قدمته لمجلسنا الكريم، وشخصت واقع الحال الإقتصادي، واسهبت بتدوين ملاحظاتها وتوصياتها على الموازنة العامة لعامي 2012 و 2013 وموازنة الوحدات الحكومية لعام 2013، والتي أتفق مع أغلبية ما جاء فيها.. لذا سأكتفي بتقرير اللجنة الموقر وسأركز في مداخلتي هذه على جزئية هامة تقلق الشارع الأردني وهي قضية رفع الأسعار، إلتزاما مني بالوقت المخصص.
بالأمس القريب منحت ثقة مشروطة للحكومة الحالية، وعللت ذلك بأنها لعيون الوطن وليست لعيون أحد سوى الوطن، دون طمع بمغنم أو مكسب، آخذا بعين الإعتبار التحديات الخارجية وسط إقليم ملتهب لا يحتمل إحداث أي فراغ سياسي يؤدي إلى إضعاف الجبهة الداخلية في بلادنا.
إن أهم شرط قرن بثقتي كان تعهد الحكومة بعدم المساس بجيب المواطن الذي قلت أنه خط أحمر.. وعدم الإقدام على رفع أسعار الكهرباء أو السلع الأساسية، لأن المواطن بإختصار أصبح منهكا غير قادر على الإطلاق لتحمل أي أعباء إضافية، وفي حال إستنفاذ كافة البدائل، كما إشترطت، فعليها – أي الحكومة- أن تتشاور وتتوافق معنا، وأن تلتزم بقرار مجلس النواب الموقر، لا أن تمتطينا لنكون شهود زور على جريمة العصر.
أما اليوم، وفي لحظات تقترب الحكومة فيها من ساعة الصفر لإعلان قرارها المشؤوم غير الشعبي برفع أسعار الكهرباء، وعدم الأخذ بعين الإعتبار بالصوت العالي لمجلسنا الكريم الذي أجمع على رفضه المطلق لأي قرار بهذا الشأن .. فإنني أقول بملء فيّ آخذا بعين الإعتبار التبعات الأمنية والإجتماعية لقرار رفع الأسعار محذرا من أنه قد يكون الشرارة التي ستلهب الشارع، لا قدر الله، وتمنح المتربصين بالوطن فرصتهم الذهبية المنتظرة، والتي عجزوا عن إيصالنا اليها بسبب وعي أبناء شعبنا وإلتصاقه بقيادته الحكيمة، للإنقضاض على الوطن وتحويله إلى ساحة جديدة من ساحات الدمار العربي.. أقول: هذه المرة .. لعيون المواطن .. لا ومليون لا لرفع أسعار الكهرباء أو أي سلع أخرى وعلى رأسها الطحين والخبز، حفاظا على الأمن والسلم الإجتماعي الداخلي للوطن الذي منحنا الثقة من أجل عيونه.. وبالتالي فإن تصويتي سيكون رافضا لإقرار مشاريع القوانين المؤقتة المنظورة أمامنا اليوم، لأنها تقر ضمنا رفع اسعار الكهرباء.
وإذا ما سؤلنا ما هي البدائل لتغطية عجز الموازنة المتراكم بالمليارات.. فأقول بأنها أي شيء أخر سوى جيب المواطن والإبتعاد عن ما يخالف شرعنا الإسلامي الحنيف، سيكون بديلا مناسبا ومقبولا لنا.
ودعني أحيلكم أيها السادة الكرام إلى قصة الفتوى الشهيرة والجريئة لسلطان العلماء العالم الجليل العز بن عبد السلام، حينما كان سيف الدين قطز يتربع على عرش مصر عام 658 هـ، وهو واحد من أهم الشخصيات العسكرية في التاريخ الإسلامي، وكان التتار على أبواب مصر من جهة غزة، وكانت بلاده تمر بأزمة إقتصادية طاحنة، وكان لا بدّ من تجهيز الجيش المسلم، وإعداد التموين اللازم له، وإصلاح الجسور والقلاع والحصون، وإعداد العدة اللازمة للحرب، وتخزين ما يكفي للشعب في حال الحصار، وليس هناك وقت لخطة خمسية أو عشرية.. والتتار على الأبواب، ولا أموال تذكر في خزينة الدولة.
ماذا يفعل قطز ؟! وماذا يفعل النسور
جمع قطز رحمه الله مجلسه الاستشاري، ودعا إليه ـ إلى جانب الأمراء والقادة ـ العلماء والفقهاء، وعلى رأسهم سلطان العلماء الشيخ العز بن عبد السلام رحمه الله.. وبدءوا يفكرون في حلّ للأزمة الاقتصادية الطاحنة، وكيف يوفرون الدعم الكافي لتجهيز الجيش الكبير الخارج لملاقاة التتار..
واقترح قطز رحمه الله أن تفرض على الناس ضرائب لدعم الجيش، وهذا قرار يحتاج إلى فتوى شرعية، لأن المسلمين في دولة الإسلام لا يدفعون سوى الزكاة، ولا يدفعها إلا القادر عليها، وبشروط الزكاة المعروفة، أما فرض الضرائب فوق الزكاة فهذا لا يكون إلا في ظروف خاصة جداً، ومؤقتة جداً، ولابدّ من وجود سند شرعي يبيح ذلك.. وإلا صارت الضرائب مكوساً، وفارض الضرائب بغير حق عقابه أليم عند الله..
عن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ".
يقول الإمام النووي رحمه الله تعليقاً على هذا الحديث: "إن المكس من أقبح المعاصي، ومن الذنوب الموبقات، وذلك لكثرة مطالبات الناس له وظلاماتهم عنده، وأخذ أموالهم بغير حقها، وصرفها في غير وجهها"..
فقطز رحمه الله يقترح الأمر، وينتظر رأي العلماء في هذه القضية..
ومع أن الغاية نبيلة، والمال المطلوب سوف يجهّز به جيش للقتال في سبيل الله، إلا أن الشيخ العزّ بن عبد السلام كان عنده تحفظ خطير على هذا القرار، فلم يوافق عليه إلا بشرطين.. والشرطان عسيران جداً!!
فتوى العزّ بن عبد السلام
قال الشيخ العزّ بن عبد السلام رحمه الله":
إذا طرق العدو البلاد وجب على العالم كلهم قتالهم (أي العالم الإسلامي)، وجاز أن يؤخذ من الرعية ما يستعان به على جهازهم (أي فوق الزكاة) بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء (هذا هو الشرط الأول).
أما الشرط الثاني فكان أصعب!.. قال الشيخ العزّ بن عبد السلام رحمه الله: "وأن تبيعوا ما لكم من الممتلكات والآلات (أي يبيع الحكام والأمراء والوزراء ما يمتلكون)، ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه، وتتساووا في ذلك أنتم والعامة، وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا!!"..
فتوى في منتهى الجرأة!!..
يقول الشيخ العزّ بن عبد السلام لقطز رحمه الله إنه لا يجوز فرض ضرائب إلا بعد أن يتساوى الوزراء والأمراء مع العامة في الممتلكات، ويجهز الجيش بأموال الأمراء والوزراء، فإن لم تكف هذه الأموال جاز هنا فرض الضرائب على الشعب بالقدر الذي يكفي لتجهيز الجيش، وليس أكثر من ذلك..
لقد قبل قطز رحمه الله كلام الشيخ العز بن عبد السلام ببساطة!.. وبدأ بنفسه، فباع كل ما يملك، وأمر الوزراء والأمراء أن يفعلوا ذلك!.. فانصاع الجميع، وتم تجهيز الجيش المسلم بالطريقة الشرعية.. واكتشف المسلمون في مصر اكتشافاً عجيباً.. لقد اكتشفوا أن مصر غنية جداً، وأن البلد به أموال ضخمة برغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة، فقد امتلأت جيوب كثير من الوزراء والأمراء بأموال البلد الهائلة.. وأصبحت ثروات بعضهم تساوي ميزانيات بعض الدول.. لقد كانت ثروات بعضهم تكفي لسداد الديون المتراكمة على البلد.. وكانت ثروات بعضهم تكفي لسد حاجة الفقراء والمساكين.. وتكفي لإصلاح الوضع الاقتصادي.
وهنا دعني أقدم فتوى من النائب الشيخ إلى أبو زهير:
إذا ما أفتى العز بن عبد السلام لقطز أن يغطي عجز الموازنة من أموال الأغنياء ومساواة الأمراء والوزراء مع العامة في الممتلكات.. ففتواي الإقتصادية، ليس بالضرورة أن تقوم بما قام به قطز.. ولكن ما عليك سوى إتباع الوصفة التالية بعد أن يكون لديك مجلسا إستشاريا أو مطبخا إقتصاديا وسياسيا مؤهلا من الأكفاء لإعانتك بمهمتك.. وأعتقد أن أكبر معضلة لديك هي بضعف أو بالأحرى غياب الفريق الإقتصادي للدولة الأردنية القادر على إجتراح الحلول :
أولا: حافظ على القليل الذي نملك وتأكد من أن نهر الفساد المتدفق قد توقف، بالرقابة والمحاسبة الصارمة من الآن فصاعدا، بالفعل لا بالقول.
ثانيا: إتبع المثل الشعبي "على قد فراشك مد إجريك".. فدعونا نعيش بثوبنا لا بثوب غيرنا، وأن لا يكون نمط حياتنا خليجي المظهر، فنحن لسنا دولة نفطية في الوقت الحالي، بل لنتعايش مع واقع قدرات إقتصادنا المحلي وعدم البذخ بأموال المعونات والمنح والقروض العربية والدولية، وعلينا أن نتوقف تماما عن إستجداء المعونات الخارجية التي ترهن قرارنا السياسي بتوجيهات الممول، فنحن نعيش بجلباب غيرنا.
ثالثا: أن تعاد أموال البلاد المنهوبة من لصوص المال العام وقضايا الفساد وأن تضرب بيد من حديد على كافة المفسدين الذين عاثوا في الأرض فسادا وتعاد المؤسسات المخصخصة المنهوبة إلى حاضنة الوطن، فقد بيع الوطن.
رابعا: إستكشاف مقدرات وخيرات الوطن من نفط وصخر زيتي وغاز طبيعي، ومعادن نفيسة كالنحاس واليورانيوم وغيرها.
خامسا: أقدم للحكومة الجلية مبادرة (مكتوبة) تحت عنوان "صندوق المبادرة الوطنية للإنقاذ الإقتصادي النيابية" لحث أغنياء الوطن على رفد خزينة الدولة، وبدائل أخرى تحتاج إلى رعايتكم حتى ترى النور وتساهم في حل معضلة رفع الكهرباء.
ونحن نناقش اليوم القانون المؤقت لقانون الموازنة العامة لسنة 2012 و 2013، والقانون المؤقت لموازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2013 ، وملحق قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2012 فلا بد لنا أن نؤكد على الثوابت التالية:
إن معضلة البلاد المركزية هي إقتصادية بإمتياز توجت بعجز تراكمي إجمالي في الميزانية تجاوز 17 مليار دينار، وإعتمدت تلك الميزانية بشكل كبير على القروض والمساعدات والمنح الدولية ما يجعل دائما قرارنا السياسي مرهونا بضغوطات الجهات الممولة وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وللأسف أصبحت حتى المنح والمعونات والقروض الخليجية ترهن دعمها المالي للأردن بمدى مطابقته لمعايير وشروط الجهات الدولية المانحة.
دعونا نتفق بداية بأن مشكلة إقتصادنا ومديونيتنا هي مشكلة تراكمية ناجمة عن ترحيل الآزمات من حكومة إلى حكومة، ومن سنة إلى سنة، سببه ضعف الجرأة لدى الأغلبية الساحقة من الحكومات المتعاقبة من أن "تبط الدمل" بحثا عن الشعبية أو تجنبا لتحمل المسؤولية، ولم تواجه الخطر مرة واحدة بل فضلت تلك الحكومات أن تختبيء دوما بين الحفر، وغضت الطرف كذلك عن الفاسدين ممن سرقوا قوت المواطن إن لم يكن هم الفاسدون ذاتهم أو من يلف بفلكهم.
إذن .. التحدي الأكبر الذي يواجهه الأردن اليوم هو تحدي الإصلاح الإقتصادي، وما يترتب على الفشل بمواجهته من تبعات خطيرة وآفات مجتمعية وإنفلات أخلاقي.. الأمر الذي يتطلب القيام بجملة إصلاحات إقتصادية مؤلمة تؤدي إلى إعادة عربة الإقتصاد الوطني ووضعها على سكة الوطن لتسير بالإتجاه الصحيح موجهة ببوصلة وطنية تتجاذب عقاربها طاقة تنبعث من ضمائر حية وأصحاب أيدي نظيفة وجباه ساجدة لربها، متهجدة بليلها رايتهم (رهبان الليل فرسان النهار).
إن إعادة إقتصاد إلى الطريق الصحيح هو مدخل الحل للمعضلات الإجتماعية والأخلاقية، كما أن الإقتصاد القوي يمنح المحور السياسي قوة ومنعة.
معالي الرئيس .. الزملاء والزميلات نواب الأمة:
أتحدث اليوم بصفتي نائب وطن، كما أتحدث كوني فردا من أفراد شعبنا الذي عانى الفقر والحرمان كما عانى العديد من فقراء الأردن ونحت مستقبله من الصخر بأظافره وجهده وعرق جبينه دون واسطة أو ظهر مسؤول.. كما أنه جدول راتب والده وأسرته من تقاعده العسكري بـ "الكرته" ليتمكن من النفاذ إلى الشهر الذي يليه ولكن بمعجزات حقيقية وبقصص عذاب عديدة.. هذا المواطن الأردني الحراث الفلاح .. لا يقتصر عشقه فقط لثرى ترابه الأردني الهاشمي التليد، بل دمه ودم أبناءه وبناته، وماله وكل ما يملك رخيصة في سبيل وطنه الأردن، ليبقى آمنا مستقرا، ليعيش به بكرامه دون تمييز أو إجحاف.. وبذات الوقت أفخر بأصلي.. لم ولن أنسى مسقط رأسي "بيت فجار" في فلسطين السليبة الحبيبة، أتمنى ألا يشكك يوما بولائي وصدق حبي لوطني وحقي بالمواطنة الكاملة غير المنقوصة، أتمنى ألا أصحو يوما، كما افاق العديد من أبناء جلدتي بلا هوية تبكي على أطلال رقمها الوطني المسلوب بموجب تعليمات جائرة من موظف أو موظفة تقرر من هو الأردني؟ فهل فكرت الحكومة بمبدأ العدالة والمساواة بين كافة الأردنيين.. فالعدل أساس الملك.
وبهذه الصفات سأتحدث بلسان حال ذلك العجوز المقهور في بلدة قطر بعد غور المزرعة وليس قطر الدولة، وبإسم الختيارة بقرية عقربا المطحونة، والنقع وكفرالما، وخشافية الدبايبة، والكوم الأحمر وعمراوة وجديتا ، سأتحدث بإسم أقضية رحاب وبلعما والأزرق الذي تنكر أصحاب القرار الحكومي لهم بترفيعهم إلى ألوية وتخاذلوا عن تنفيذ توجيهات جلالة الملك لهم.. أتحدث بإسم القادسية والعين البيضا وكثرربة والفيحاء في مادبا وماعين ولب ومليح.. سأتحدث بإسم أبنائنا المتعطلين عن العمل في معان، الحسينية، وحتى بسطة وبصيرة .. وأتسائل أين الشركات الكبرى في جنوب البلاد عن دورها في تنمية المجتمع المحلي وتوفير فرص العمل لأبناءه وبناته، وهي – أي تلك الشركات- التي تستخرج خيرات تلك المحافظات وتصدرها للخارج وحرمان أهلها تلك الخيرات.
أتحدث بإسم أهلي في الكورة الذين بح صوت 140 ألف بني آدم منهم مناشدين العدالة بتخصيص مقعدين إنتخابيين لهم بدلا من مقعد واحد أتحدث بإسم 650 ألف مواطن "مسخمط" من أهالي الرصيفة الذين يطالبون بالعدالة الاجتماعية، فهم والله لهم الحق أن يعبروا عن آلمهم وأن يمثلوا بأكثر من مقعدين في البرلمان ويرفعوا الصوت هم وابناء الزرقاء من سوء النظافة والخدمات ويقولون نحن من الفئة المظلومة!! أتحدث بإسم أبناء العقبة الذين يعانون في محافظة بدل شعارها من: لننثر الرمال ذهبا .. إلى: لننثر البلاد فسادا وحرمانا لأبناء الشامية والشلالة والمنطقة العاشرة وغيرها، فخيرهم لغيرهم، فأصبحوا غرباء في مدينتهم.. أتحدث بإسم الموقر والقويرة وقريقرة والظليل والدرة وبإسم أبناء البادية والريف والقرى المنسية .. كما أتحدث بإسم أبناء وبنات المخيمات الأربعة عشر المقهورين من ضيق ذات الحال وتدني مستوى الخدمات، فنكبتهم في فلسطين لا تقل آلما عن نكبتهم بظروفهم المعيشية وإهمالهم.
كما أتحدث بصفتي العشائرية، إبن عشيرة الشيخ، وهي إحدى أفخاذ عشائر الطقاطقة الكريمة الممتدة من شرقي النهر إلى غربيه فأنا إبن الأردن وإبن فلسطين الحريص على الحفاظ على القيم العشائرية التي يحفر لها الحافرون ويمكر لها الماكرون الدسائس، فحينما تركنا البادية وبدأنا نقلم من العشائرية ودورها الرائد في إصلاح ذات البين، وتركنا الصحراء، وحينما تم إلغاء خدمة العلم والتجنيد الإجباري أصبح أبناؤنا يرتدون البنطال الساحل وشعرهم أضحى مسامير من جلٍ مستورد، عشائريتنا أحبتي هي عزنا ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا فلنحافظ عليها، وأين هي من برنامج الحكومة!!
أتحدث بإسم المحافظات المنكوبة من جراء قضايا البورصة وضحاياها الذين تجاوز عددهم بشكل مباشر( 117 ) ألف مواطن .. أين وصلت قضيتهم، أين ذهبت أموالهم، من هم المجرمون الذين حطموا مستقبلهم واستفادوا من أموالهم.. هل من أحد في حكومتنا يجروء أن يجيب على هذه التساؤلات؟
أتحدث بإسم مئات الألوف من أبناءنا ضحايا محافظات الشمال المنكوبة جراء التلوث البيئي وإرتفاع الأسعار الحياتية في كل شيء بسبب نزوح ما يزيد عن 600 ألف شقيق سوري، الذين تنزف قلوبنا قبل عيوننا دما على مأساتهم.. هربوا من جحيم البطش والقتل والإرهاب، والذين ندفع فاتورة إرهاب نظام دموي وبطش ثوار تحولت بوصلة ثورتهم من الحرية إلى دمار وطن بأكمله، ندفع فاتورة أجندات صهيو-أمريكية تنفذ مؤامرة "الفوضى الخلاقة" بأموال عربية ودماء زكية طاهرة بريئة من أبناء أمتنا.. نعم نحن دولة المهاجرين والأنصار التي لا يحق لأحد أن يزاود عليها.. ولكن في ذات الوقت على الدول الراعية والممولة والتي ستجنى ثمار دمارها للشقيقة سوريا، عليها أن تدفع الفاتورة ولا تكون على حساب قوت أبنائنا وأمن مجتمعنا وإقتصادنا المنهك.
أتحدث بإسم الحراك المسؤول الراشد الذي ساهم وما زال يساهم في الإشارة إلى مواطن الخلل وتجفيف منابع الفساد ورفع سقف الحريات العامة والإسراع في تنفيذ الإصلاحات السياسية المطلوبة، ولكن بحرص على دم الأردني وسلامة أراضيه، فعلينا أن نفرق بين هذا الحراك المطلوب والذي يشكل رديفا هاما لبرلمان ظل وحكومة ظل وبين الحراك ذو الأجندات التدميرية الذي حول حرية التعبير عن الرأي إلى الشتائم والقدح والإبتزاز والتطاول على ثوابت الوطن وقواتنا وأجهزتنا الأمنية نيلا لمصالح فردية أو تحقيقا لمؤامرة خارجية تدميرية تمحق الأخضر واليابس، فالحراك الراشد وهم الأغلبية العظمى من القوى المطالبة بالإصلاح يتطلب الحماية والرعاية والتعامل معه بإحترام وحرفية، وما دون ذلك من حراك الشتائم والدمار فالأمن الخشن قليل عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته