العائدون من مواجهة كورونا.. متعافون يروون تجربتهم من الإصابة إلى الشفاء
جو 24 :
"لقد فعلتها". كتبها مات سويدر على تويتر، السائح الأميركي الذي زار معبد أبو سمبل في أسوان (جنوبي مصر). وكانت تلك آخر تغريداته قبل تحول زيارته السعيدة بشكل مفاجئ، ونقله في طائرة عسكرية لمستشفى بالقاهرة بعد تسجيل إصابته بفيروس كورونا، إلى جانب عدد من السائحين على متن باخرة نيلية.
ظل سويدر يشارك أخباره مع العالم على تويتر، بداية من دخوله المستشفى وأثناء تناول البطاطس المقلية، وسؤال متابعيه عن ترجمة "ورق المرحاض" (Toilet roll)، وتعلمه كلمة "مناديل"، ثم سعيه لنقل سريره بجوار النافذة لمعاناته من ضيق التنفس، أحد أشهر أعراض مرض كورونا، حتى كانت آخر تغريداته منذ يومين، وهو سعيد بنتيجته السلبية في اختبار الفيروس الوبائي، مع صورته وسط الأطباء والممرضين في مصر.
حملت تجربة سويدر كثيرا من التفاؤل والمرح اليومي، لكن الإصابة بفيروس كورونا لم تكن هينة عليه ولا على الآلاف الذين أصيبوا به في الأسابيع الأخيرة.
صعوبة التنفس
أجرى كونور ريد أكثر من حوار مباشر للإعلام، ظهر في كل مرة شاردا ومذهولا، كأنه ما زال يرى الموت أمامه.
وكونور شاب بريطاني، يبلغ 25 عاما، كان يعمل بمدينة ووهان الصينية عندما أصيب بالفيروس التاجي أواخر عام 2019. وعانى من أعراض شائعة مثل البرد، التي انتهت به وهو يكافح من أجل استنشاق بعض الهواء.
اعلان
وصف كونور الأعراض الأولى بأنها مثل نزلة البرد العادية، تماما كالتي تصيب أي شخص في أي يوم، ثم شعر بأنه تحسن، وباشر حياته بشكل طبيعي، قبل أن يتحول الأمر للأسوأ.
انتقل كونور من البرد للإنفلونزا، وكانت أسوأ إنفلونزا واجهها في حياته، حتى شفي منها هي الأخرى، لتلحق به أعراض الالتهاب الرئوي بعد ذلك.
بهذه الحالة انتقل كونور للمستشفى. وفي وقت لم تكن فيه السلطات الصينية على علم تام بحجم تفشي الفيروس الجديد، وهناك تأكد كونور من إصابته بفيروس كورونا.
وتضاعفت الأعراض التي باتت تهدد حياته، وشعر كأنه لا يسعه سوى استنشاق نصف سعة رئتيه من الهواء، وكل نفس كان يأخذه لم يكن يكفيه، وبدا كأنه يتنفس من كيس ورقي، وأن هناك أثقالا في رئتيه لن تتزحزح.
في هذا الوقت تزايدت الأعداد التي تلجأ للمستشفيات وهي تواجه الأعراض الخطيرة نفسها، ولأنه شاب ومناعته قوية، رأت إدارة المستشفى أن ترسله لمنزله واستكمال علاجه هناك حتى تمام الشفاء، لاستقبال حالات حرجة أخرى.
ما زال كونور يعيش في ووهان تحت الحجر الصحي، ويتمنى لو ينتهي ليتابع حياته بشكل طبيعي، لكن ليس كما اعتاد، فيرى أنه من الأفضل أن يكون الشخص حذرا بشكل مفرط من ألا يكون حذرا بما فيه الكفاية في مواجهة هذا الفيروس، وأن كل سلوكياته يجب أن تتغير؛ بداية من طريقته في التسوق، وشراء الخضار، والأكل في المطاعم، وحتى في تنظيف منزله.
مع علمه أن الجميع سيأخذ وقتا حتى يدرك ذلك ويعدل سلوكه، في وقت لن يمكننا الاعتماد على حكوماتنا وحدها.
ابقوا في منازلكم
تسيطر على إليزابيث شنايدر مشاعر نبيلة رغم مواجهتها فيروس فتاك؛ فهي أميركية، تعيش في مدينة سياتل، المصنفة كأكبر مدينة شهدت وفيات في الولايات المتحدة الأميركية بسبب فيروس كورونا.
تبلغ إليزابيث 37 عاما، حاصلة على دكتوراه في الهندسة الحيوية، وعلى عكس الكثير كانت لقاءاتها بعد الشفاء مصدرا للأمل.
ومن خلال تجربتها مع العدوى، والتي عالجتها بنفسها في منزلها، ترى إليزابيث أنه لا داعي للقلق، ولكن علينا التفكير في الأشخاص الأكثر عرضة للخطر، من مسنين أو مرضى يعانون من حالات صحية معينة كالسكري ومرضى القلب والرئة، وأنه على الجميع البقاء في المنزل قدر الإمكان حتى مرور الخطر.
حكت إليزابيث تجربتها الفريدة، فقد علمت متأخرا بنبأ ظهور خمسة إصابات من بين مجموعة أفراد التقتهم على مدار ثلاثة أيام. حتى استيقظت في يوم وهي تشعر بتعب لم تشعر به من قبل، ولم تقدر على النهوض من فراشها، وبحلول منتصف النهار أصابها صداع شديد، وبدأت درجة حرارتها في الارتفاع، وآلام جسدها تزداد.
غفت إليزابيث قليلا وعندما استيقظت وجدت أن درجة حرارتها بلغت 39.4، وبدأت تشعر بوخز في أطرافها ورعشة تشمل كل جسدها، مما دفعها للجوء إلى أدوية الإنفلونزا المعتادة، والاتصال بصديقتها لمتابعتها في حالة الحاجة إلى نقلها للطوارئ.
تم خداع إليزابيث بعد يومين، فدرجة حرارتها بدأت الانخفاض، وتابعت أخبار انتشار الفيروس التاجي في واشنطن، حتى أصبحت بؤرة للمرض، لكنها ظلت مطمئنة لأنها لم تكن تعاني السعال الجاف أو ضيق التنفس، وهما العرضان الأكثر شهرة لكورونا. وتابعت حالة زملائها الذين ذهبوا للطبيب بالأعراض نفسها ولم يتم تصنيفهم كمصابي كورونا لأنهم لا يسعلون.
مع انتشار الأخبار وخشيتها من الخروج من المنزل، قررت إليزابيث مخاطبة مركز بحث للإنفلونزا، وأرسلوا لها مساحات للأنف للفحص، وأرسلتها لهم ثانية، ليأتيها الرد بأنها مصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19)، وأخذت وقتا لاستيعاب ذلك، خاصة أن الأعراض بدأت الخفوت.
تواصلت إليزابيت مع السلطات المحلية، وأرسلوا لها أدوية برد، وأمروها بالبقاء في المنزل ثلاثة أيام بعد الشعور بالتحسن، وبعد مرور أسبوع عادت إليزابيث للخروج وأداء مهماتها، لكنها ما زالت تتجنب التجمعات الكبيرة.
تسعى إليزابيث الآن لنشر نصيحتها للعالم، فإذا لم تكن أعراضك تهدد حياتك، فما عليك سوى البقاء في المنزل، والتداوي بالأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، وشرب الكثير من الماء، والحصول على الكثير من الراحة، ومشاهدة التلفزيون.
كابوس كورونا يقترب
يعيش كيم سينو في مدينة جينغتشو الصينية، وهو طالب كاميروني، يبلغ من العمر 21 عاما. كانت أمامه فرصة للعودة للكاميرون منذ اكتشافه إصابته، لكنه فضل البقاء 14 يوما في الحجر الصحي، كي لا ينشر المرض في أفريقيا.
في الأيام الأولى شعر سينو بارتفاع درجة حرارته، وعانى من السعال الجاف وأعراض تشبه أعراض الإنفلونزا. أدرك على الفور ما أصابه، وتذكر أياما قاسية من طفولته في الكاميرون عندما أصابته الملاريا، وتوقع الأسوأ مع كورونا، حسب بي بي سي.
مع بداية ظهور الأعراض، ذهب سينو إلى المستشفى للمرة الأولى وهو يفكر في وفاته، ويتخيل شعوره لحظة الموت، وكيف سينتقل جثمانه لأهله في الكاميرون.
ولمدة 13 يوما بقي معزولا في مستشفى صيني محلي، وخلال تلك المدة خضع للعلاج بالأدوية المستخدمة عادة لعلاج مرضي فيروس نقص المناعة البشرية. وبعد أسبوعين من الرعاية ظهرت عليه علامات التعافي، ولم تظهر الأشعة المقطعية (CT) أية آثار للمرض.
اليوم أصبح سينو أول شخص أفريقي معروف بإصابته بالفيروس التاجي القاتل، وأول شخص يتعافى منه، ورغم نجاته ما زال يفضل العيش في بلد يتفشى فيه وباء قاتل، ولا يريد العودة لبلده إلا بعد الانتهاء من دراسته، خاصة أن الحكومة الصينية تكلفت برسوم علاجه كاملة كأنه أحد مواطنيها.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية