كيف تقنع أسرتك بأن فيروس كورونا ليس مؤامرة؟
لست الوحيد الذي قضى أسبوعه الماضي في إقناع والديه بالبقاء في المنزل والابتعاد عن الأقارب والجيران خوفا من إصابتهم بفيروس كورونا، وبالتأكيد واجهت كثيرا من المبررات لرفض طلبك بشكل قاطع، وهوما صور لك عددا من السيناريوهات المخيفة، والتي نتابع مثلها في صراع إيطاليا مع الفيروس.
يتبادل البشر عادة معلومات غير دقيقة حول ما يخيفهم، كآلية للبقاء في حال شعورهم بالتهديد منه، وذلك من قبيل أن فيروس كورونا يشبه نزلات البرد، أو أنه تم تخليقه في معمل أميركي مرة وصيني مرة أخرى، والآلاف من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تحارب قرارات حظر التجول. ووسط كل هذا، لا يهمنا سوى سلامة من نحبهم، لذا عليك الاستعداد لتلك المعركة الفكرية.
تسلح بالمعلومات
1- عليك أولا قراءة التقارير التي تنشرها منظمة الصحة العالمية على موقعها، كما أنها تقدم خدمة رسائل الواتساب للاطلاع على آخر الأخبار وإحصاءات الإصابات والوفيات في بلدك وحول العالم، وقواعد الحماية من الفيروس.
فالمؤمنون بنظرية المؤامرة وغير المهتمين بالأمر لن يذهبوا من تلقاء أنفسهم للقراءة عن الفيروس مهما طلبت منهم ذلك، لذا عليك استخلاص الإحصاءات التي تريدها -دون تهويل أو تخويف- وقل لهم ما تعتقد أنه سيلقى صدى لديهم بحسب سنهم ودرجة قرابتك منهم، كالجد والأب والأم والعمة والجيران.
2- استعد لمواجهة إيمانهم القوي بأغرب الشائعات حول فيروس كورونا، مثل إمكانية القضاء عليه بتناول الثوم والبصل وعصير الليمون. لا تهزأ أبدا من تفكيرهم، بل انتقد الشائعة نفسها، ويمكنك أيضا استخدام البيانات والأرقام لتوضيح الفرق بين عدد إصابات ووفيات الإنفلونزا الموسمية وعدد وفيات فيروس كورونا في الأشهر القليلة الماضية وسرعة انتشاره.
مؤامرات دولية
3- إذا كانوا يعزون سبب تفشي فيروس كورونا إلى الخلافات السياسية أو الحروب الاقتصادية بين أميركا وروسيا والصين، أو نظريات المؤامرة المختلفة، أو أية أسباب فكرية، وكانت هذه أسبابهم في عدم اتخاذ الاحتياطات والإصرار على الخروج من المنزل؛ فلا تتراجع عن محاورتهم.
كن مستعدا لنقاش قد يمتد ساعات طويلة، كلما أقنعتهم بنقطة سيواجهونك بأخرى، وبما قاله لهم البقال أو زعيم أحد الأحزاب أو مشاهير فيسبوك. استمر في الحوار وأشر للذين يثقون بهم ويتعاملون مع المرض بجدية، سواء كان إعلاميا أو نجما سينمائيا أو قريبا أو طبيب الأسرة.
4- حاول توجيه الحوار بعيدا عن السياسة قدر المستطاع، ولا تجادلهم في قناعاتهم بتقصير الحكومة والقرارات المتسرعة، واستمع لاقتراحاتهم لحل الأزمة لكي يشعروا بقيمة آرائهم. وبعد ذلك يمكنك سريعا تحويل النقاش لعرض إحصاءات، ومواقع إخبارية موثوق بها لمتابعة الوضع.
5- لا تكرر أمامهم كلمات مثل "كبار السن" و"مرضى القلب والسكر" و"الأطفال"، ولا تتخذهم نموذجا لمصاب ومتوفى محتمل لتخويفهم، وبدلا من ذلك اصنع من تلك الصفات والإحصاءات أشخاصا يحبونهم ليرونهم أمامهم.
دلل على ذلك بما يحدث في الصين وإيطاليا، فمعدل الوفيات بين كبار السن يصل إلى 15-18%، أي واحد من كل ستة أفراد تقريبا. وحتى من هم في سن الخمسين كانوا عرضة أكثر للوفاة من الذين في الأربعينيات بثلاثة أضعاف العدد.
تجارب تاريخية مؤلمة
6- لا تعامل والديك وأفراد أسرتك من كبار السن على أنهم أطفال مجانين، فهؤلاء شاهدوا بأعينهم آثار الحرب العالمية الثانية، وتتابعت عليهم الدول المحتلة، وعاشوا سنوات من الفقر، حتى ظنوا أن الأسوأ لن يحدث أبدا.
وهم أنفسهم من يرفضون تصديق أنهم باتوا في سن حرجة، وأن فيروس كورونا يهدد شريحتهم العمرية لضعفهم وعجزهم، ويعتبرون تذكيرهم بعمرهم إهانة.
لذا فإن أسوأ طريقة لإقناعهم بعدم الخروج من المنزل هي الصراخ عليهم في الهاتف، أو اتهامهم بأنهم سيكونون سببا في قتلك وقتل أنفسهم.
وأخبرهم بما يحدث من تعليق للمباريات وإغلاق للمحلات والمدارس وإيقاف للصلوات، وهو ما لم يحدث منذ تفشي مرض شلل الأطفال في الخمسينيات، فربما تذكيرهم بتلك الأيام يعيد لهم خطورة الموقف.
مساعدة صديق
8- إذا استمر العناد، الجأ لصديق يأخذون كلامه على محمل الجد، واطلب منه مساعدتك في إقناعهم بالبقاء في المنزل، وأن جميع الفئات العمرية ستواجه سويا الملل والضيق من أجل سلامة المجتمع بكل أعماره.
9 -أكد على أن جزءا من إمكانية العيش لفترة أطول هو اتخاذ قرارات لا تعرض حياتنا للخطر، وأنك تريدهم أن يبقوا لقضاء أطول وقت مع أحفادهم أو أبنائهم وأي شخص يجلب لهم السعادة بوجوده.
وإذا فشلت في إقناعهم تماما، اتصل بهم وأخبرهم بأنك لا تستطيع زيارتهم في الفترة القادمة، وأنك تسعى لحمايتهم وحماية أطفالك، وأنك تحبهم كثيرا، لكنك تنفذ ما أوصى به الخبراء لتجاوز أزمة انتشار الفيروس.