من يدفع تكلفة الحجر الصحي؟
جو 24 :
المصدر : الجزيرة
من يتحمل تكاليف الحجر الصحي للمصابين بفيروس كورونا؟ هذا الأمر بات يشغل عددا من دول العالم مع تفشي الوباء، بعد أن أصبح ثلثا سكان العالم رهن الحجر المنزلي، بينما لا توجد أرقام دقيقة حول نزلاء الحجر الصحي في المرافق المخصصة له.
في ظل هذه الأجواء، تشغل تكلفة الحجر الصحي -فضلا عن سعته وجاهزيته- الكثير من الدول، فقليل منها يتكفل بهذا الإجراء ويقدمه مجانا للجميع دون تمييز، لكن هناك دولا أخرى قررت تحميل تلك الكلفة للوافدين الخاضعين لهذا النوع من الحجر، ودولا تفكر في أن تحذو حذوها، في وقت تتصاعد فيه أصوات الشكوى من تلك التكلفة تمهيدا للأخذ بتلك الخطوة.
وإجراء الحجر الصحي الذي يتردد كثيرا في ظل جائحة فيروس كورونا ليس جديدا على العالم، ويتم عادةً عند انتشار مرض معدٍ، وحينئذ يطلب من المعرضين للإصابة بالعدوى البقاء في المنزل أو في مكان آخر محدد، لمنع انتشار المرض للآخرين، ويخضع الأشخاص المطبق عليهم الحجر الصحي لمراقبة أية أعراض مرضية قد تظهر عليهم، ويتم تحديد مدة الحجر الصحي بناء على فترة حضانة المرض.
والمحجر الصحي (الكرنتينة أو الكورنتينة) هو مكان يعزل فيه أشخاص قد يحملون خطر العدوى. وتتوقف مدة الحجر الصحي على الوقت الضروري لتوفير الحماية، في مواجهة خطر انتشار أمراض بعينها. ويشير الحجر الصحي في سياق الرعاية الصحية إلى مختلف الإجراءات الطبية المتبعة لإحباط انتشار العدوى التي قد تتفشى بالمستشفيات.
وتميز منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الصحية بين الحجر الصحي والعزل الصحي، فالعزل الصحي يتم تطبيقه على المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بالمرض المعدي، وفي هذه الحالة يتم عزلهم عن باقي الأصحاء.
من بكين إلى جوبا
وكما بدأ ظهور الفيروس في الصين بدأت إجراءات العزل والحجر الصحي هناك أيضا، وما إن كادت حدة الإصابات الجديدة بالمرض تتراجع هناك حتى طالبت العديد من المدن والمقاطعات الصينية الـ26، التي تفرض الحجر الصحي على الوافدين، أن يتحمل الخاضعون للحجر الصحي تكاليف الحجر بأنفسهم.
وكما بدأ ظهور الفيروس في الصين بدأت إجراءات العزل والحجر الصحي هناك أيضا، وما إن كادت حدة الإصابات الجديدة بالمرض تتراجع هناك حتى طالبت العديد من المدن والمقاطعات الصينية الـ26، التي تفرض الحجر الصحي على الوافدين، أن يتحمل الخاضعون للحجر الصحي تكاليف الحجر بأنفسهم.
أما ولاية هاواي الأميركية الواقعة في المحيط الهادي والتي تعد قبلة سياحية لمواطني الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم، فتمهد لفرض الحجر الصحي لمدة 14 يوما على القادمين من الخارج، على أن يتحملوا هم دفع النفقات.
وفي كوريا الجنوبية تفكر الحكومة في إعادة النظر في سياستها الصحية تجاه المصابين بالفيروس، بعد أن كانت تغطي نفقات الحجر الصحي حتى للأجانب، في ظل الشكاوى والانتقادات الموجهة للحكومة الكورية من أن تلك السياسة قد تضع عبئا على خزينة الدولة.
وألمح مسؤول في وزارة الخارجية الكورية مطلع الأسبوع الجاري إلى إمكانية تغيير تلك السياسة، قائلا: "نحن نراقب عن كثب تحركات ومواقف الدول، وأعتقد أنه سيتعين علينا تحديد موقفنا بناءً على قراءتنا لتلك المواقف".
وما تفكر فيه كوريا الجنوبية طبقته بالفعل دولة جنوب السودان، أحدث دول العالم وإحدى أفقر دوله وأقلها إمكانيات. فقد أعلنت حكوماتها السبت الماضي أن الذين يدخلون أراضيها قادمين من الدول التي تفشى فيها فيروس كورونا الجديد، سيتم عزلهم لمدة 14 يوما على نفقتهم الخاصة.
وقال وكيل وزارة الصحة ماكور كوريوم إن كل من يدخل جنوب السودان من الدول المتضررة من فيروس كورونا الجديد سيخضعون للفحص في نقاط الدخول، ثم يتم نقلهم إلى مراكز الحجر الصحي لمدة 14 يوما، قائلا إن الركاب سيدفعون تكاليف الحجر الصحي، لكنه لم يحدد قيمة تلك التكلفة.
تقديرات أردنية
ما سكت عن تحديده المسؤول الصحي في جنوب السودان أفاض وزير الصحة الأردني سعد جابر في تفصيله، فقال في مقابلة تلفزيونية قبل أسبوعين إن كلفة اليوم الواحد للفرد الواحد في الحجر الصحي تتراوح ما بين 120 إلى 180 دينارا (170 إلى 253 دولارا).
ما سكت عن تحديده المسؤول الصحي في جنوب السودان أفاض وزير الصحة الأردني سعد جابر في تفصيله، فقال في مقابلة تلفزيونية قبل أسبوعين إن كلفة اليوم الواحد للفرد الواحد في الحجر الصحي تتراوح ما بين 120 إلى 180 دينارا (170 إلى 253 دولارا).
وأوضح أن هذه الكلفة تدخل فيها "الإقامة والطعام والتنظيف والفرق الطبية والفرق الأمنية التي تمنع خروجهم وتمنع الآخرين من زيارتهم"، أما كلفة مريض العزل الصحي -بحسب ما قال الوزير الأردني-فتبلغ 1200 دينار في اليوم الواحد (1690 دولارا).
تصريحات الوزير الأردني قوبلت بانتقادات وحالة من عدم الرضا، أظهرتها نتيجة استطلاع للرأي أجرته إحدى المحطات التلفزيونية حول ما إن كان المشاركون يقتنعون بكلام الوزير بشأن تكلفة الشخص في الحجر الصحي، وبينت النتائج أن 13% قالوا: نعم، بينما 87% قالوا: لا.
واعتبر خبير التكاليف الطبية الدكتور عماد الحطبة أن "الحديث عن تكاليف الحجر ليست من اختصاص وزير الصحة، فاختصاصه يصب فقط في الحديث عن السياسات وما تقدمه من كوادر طبية، للتعامل مع الكورونا"، مضيفا أن وزير الصحة "خانته الدقة في الحديث عن تكاليف الحجر".
ولاحتواء اللغط حول هذا الأمر، أصدرت وزارة الصحة الأردنية بيانا قالت فيه إن ذكر الكلفة المادية للحجر والعزل الصحي لمرضى كورونا "جاء لطلبها من قبل بعض الجهات المختصة، التي تطلب أرقاما لقياس العبء الاقتصادي على الدولة بسبب الفيروس، والمساعدة في اتخاذ القرارات بشكل أكثر فعالية، مما يسمح بالاستفادة من كافة الموارد لحماية المواطنين".
وذكر بيان الوزارة أن "تكلفة المريض تقاس بالأطباء والتمريض والعلاجات والأجهزة والمستلزمات الطبّية ومواد العزل والألبسة الخاصّة للحماية وغيرها، وهذه الأرقام لا تدفع ماليا ولكن هي الكلفة الإجماليّة، لغايات تقدير الإنفاق وتعويض الناقص، ودعم الكوادر والكثير من المصروفات غير المنظورة".
وفي ظل حديث الكلفة والأرقام المتعلقة بها، تنبه أصوات كثيرة إلى حساسية هذا الأمر، وضرورة عدم المبالغة فيه، وتقديم الاعتبارات الإنسانية على الاعتبارات المادية، خصوصا أن المشتبه بإصابته ولا يستطيع تحمل تكاليف الحجر الصحي، قد يضطر إلى إخفاء حالته والاندماج بين الناس، وهنا يصبح الخطر أكبر والكلفة أكثر.