وفاة الطبيب اللبناني سامي رضا بعد اصابته بكورونا في فرنسا... هذا ما كشفته زوجته
جو 24 :
استيقظ اللبنانيون على خبر حزين بعد الإعلان عن وفاة الطبيب اللبناني سامي رضا في فرنسا جرّاء إصابته بفيروس #كورونا يوم الخميس في 26 آذار. لم يكن الوقت حليف رضا، الطبيب الذي يبلغ الـ63 من العمر، اكتشف إصابته الأسبوع الفائت، فدخل يوم الاثنين إلى المستشفى ليتلقى الإنعاش قبل أن يغلق عينيه إلى الأبد بعد 3 أيام. غدره الموت بعد أن كان يعطي الحياة للمرضى، الحياة غير عادلة لا سيما في مسألة الموت، أسئلة كثيرة لن نجد لها أجوبة، وسيبقى الحزن الشاهد الحيّ على هذه المأساة التي تدفع ثمنها كل البشرية.
عندما تسمع وتقرأ كل ما كُتب عنه، تدرك أن العالم ولبنان خسر شخصاً مميزاً وإنسانياً بالدرجة الأولى. وفاتُه خلّفت وراءها فراغاً وحزناً كبيرين. كلمات مؤثرة وتعازٍ لعائلته وأحبائه وزملائه. رحل عبد الرضا وترك أعماله وخدماته الجميلة تتحدث عنه.
ليس سهلاً أن تخسر شريك حياتك في غمضة عين. ما تعيشه زوجته هدى يصعب تحمله، لكن عليها أن تبقى قوية من أجل أولادهما. تسترجع كل التفاصيل قبل وفاته قائلةً لـ"النهار": "كان يعمل في المستشفى والتقط العدوى من مريضة كان يعاينها من دون علمه بإصابتها بالفيروس. عاد إلى منزله، وبعد يومين بدأ يعاني من حرارة مرتفعة، ظن بداية أنه مجرد رشح عادي، ولكن بعد 5 أيام تفاقمت أعراضه فقرر إجراء فحص الكورونا، وعند المساء اتصلوا بنا وأعلموننا أن النتيجة إيجابية. كنتُ أتابع حالته في المنزل، كانت نسبة الأوكيسجين تنخفض، فتوجهنا فوراً إلى المستشفى. كانت حالته تسوء يوماً بعد يوم، وبالرغم من الإنعاش إلا أنه لم يتحسن، فتم وضعه على جهاز التنفس الصناعي ولكن بعد مرور 3 أيام اتصل بي الطبيب ليخبرني أن "ليس هناك أمل، سأسمح لك بالقدوم لتوديعه، في العادة لا يسمحون لأحد".
توفي في الليلة ذاتها، تبيّن أن قلبه أصبح يعاني من التهابات. تقول هدى: "لقد رحل بسرعة، كان كل شيء سريعاً. رحل دون أن نتمكن من استيعاب ما جرى. موته كان قاسياً جداً والأصعب أنه علينا أن نقاوم لأننا أُصبنا أيضاً بالفيروس أنا وولديّ. نحن نعاني من حرارة وسعال، فهو كان معنا في المنزل قبل أن نعرف أنه مصاب بالكورونا. أتمنى أن تمرّ هذه المرحلة وينتهي كل شيء بسرعة، عليّ أن أكون قوية من أجل ولديّ ( 12 و13 عاماً). ما نواجهه صعب للغاية، لا يمكنني ملامستهما أو احتضانهما، ويجدان صعوبة في فهم ما يحصل".
من جهته، يروي طبيب الأطفال الذي يعمل في أحد المستشفيات في باريس، الدكتور حيدر هرموش لـ"النهار" أن "خسارة الطبيب سامي الرضا تُعتبر خسارة وطنية وعالمية، لقد فقدنا إنساناً رائعاً ومتواضعاً وخدوماً قبل أن نخسر طبيباً رسالته خدمة البشرية وإنقاذ الناس. وجعنا كبير وخسارته مؤلمة، لقد كان في الصفوف الأمامية يواجه هذا الفيروس الذي يفتك بالبشرية. اليوم سأتحدث عن تجربتي الشخصية، بعيداً من كل التعليقات والأحاديث الإيجابية والرائعة التي تحدثت عن عطاءاته، سأعود إلى يوم لقائي به وتلك اللحظة التي غيّرت حياتي المهنية".
يقول هرموش: "إلتقيتُ بالدكتور رضا في أحد المؤتمرات، تناولتُ معه الغذاء وتحدثنا عن عملي وشاركته حقيقة مشاعري وأمنيتي في تغيير مكان عملي. أسئلة كثيرة عملية ومهنية طرحها عليّ، لديه أسلوبه الخاص، وبعد ساعة من الحديث ومعرفة تفاصيل عملي وقدراتي المهنية، عرض علي الانتقال إلى المستشفى الذي يعمل فيها، قائلاً لي: "تذكر أن لك أخاً هنا (ويقصد بذلك أنه بمثابة أخ لي في الغربة)".
وأشار إلى أن "الطبيب رضا كان في الدرجة الأولى إنساناً خدوماً ومتواضعاً وكريماً، هو ملاك وليس طبيباً. لقد علمت من بعض الأصدقاء أنه لم يكن يتقاضى بدل أتعابه من فريق جوكرز للهوكي على الجليد في فرنسا. كان يقدم خدماته كمتطوع تشجيعاً للرياضة، وحتى في مجال عمله الطبي، كان يساعد دائماً ويُجيب على كل سؤال، كان خدوماً إلى أقصى حدود. كان يتميز بهذه الصفات التي لا تجدها كثيراً في هذا المجال، كانت شخصيته فريدة من نوعها وأكبر دليل على ذلك ما كُتب وقيل عنه بعد وفاته المؤلمة".
في رأي هرموش أن "الطبيب رضا كان في الصفوف الأمامية لمعالجة المرضى من فيروس كورونا، حاله كحال كل الأطباء الذين يخوضون اليوم معركة طبية مع هذا الفيروس. جميعنا معنيون في خوض هذه الحرب مع كورونا، فأنا كطبيب أطفال أعمل صباحاً على إعطاء اللقاحات الإلزامية، وبعد الظهر أعاين الحالات المشتبه فيها وتشخيصها، في حين كان رضا يحتكّ بالمرضى وهو على تماس معهم نتيجة عمله كطبيب طوارئ، ومعالجته للحالات الصعبة والحرجة. لقد خسرنا شخصاً رائعاً وطبيباً مواظباً على مهنته وأميناً على مرضاه".
شكّلت وفاة الطبيب رضا صدمة عند فريق الجوكرز للهوكي على الجليد ومستشفى L'isle-Adam الذي يعمل فيه. وفق ما ذكرت صحيفة le Parisien الفرنسية، توفي رضا بعد أن تبين أنه مصاب بالكورونا الأسبوع الماضي. أُدخل إلى المستشفى ليتلقى الإنعاش، حيث يدفع الأطباء ثمناً في معركتهم مع هذا الوباء.
وفق الصحيفة، عمل رضا في السنوات الأخيرة في مستشفى L'Isle-Adam-Parmain في قسم الحالات الصعبة. "لقد كان متواجداً وقريباً من مرضاه والطاقم الطبي، وبأفكاره القيمة التي كان يطرحها خلال الاجتماعات المخصصة لأزمة كورونا. شكّلت وفاته صدمة عند محبيه وزملائه في العمل، وسنفتقد جداً ضحكته وإيجابيته وتواضعه في العمل".
رضا هو أب لأربعة أولاد (من زواجين)، كان أيضاً طبيب فريق الجوكرز للهوكي على الجليد حيث كان يقدّم خدماته الطبية بشكل مجاني. وفاته تركت فراغاً كبيراً وصدمة لدى الفريق. يقول كريستوف كوزين، رئيس فريق الجوكرز: "هذا ليس عدلاً، ما زلنا تحت وقع الصدمة، حدث كل ذلك بسرعة. كان رضا طبيباً متطوعاً للفريق لمدة 4 سنوات. كان حاضراً في كل المباريات، لسوء الحظ لن نتمكن من حضور الجنازة لكن حين ينتهي الحجر سوف نخلد ذكراه كما يستحق لأنه كان شخصاً رائعاً".