جنوب أفريقيا.. مشروع موسيقي ينتشل الشباب من عالم الجريمة
عادة ما يكون ظهر يوم الخميس في منطقة سكوتسدين على المشارف الشرقية لمدينة كيب تاون الساحلية بجنوب أفريقيا، مضطربا بين أعضاء العصابات الذين يراقبون أطفال المدارس والعمال وهم في طريقهم إلى منازلهم.
في الماضي القريب، كان هذا هو الوقت الذي تنطلق فيه الطلقات النارية في كثير من الأحيان من بين شوارع وأزقة المنطقة، إلا أنك تسمع الآن بدلا من العيارات النارية أصوات القيثارات الموسيقية والطبول فوق أسطح منازل الطبقة العاملة المتواضعة، في مشروع جديد تحت اسم "انضم إلى الفرق الموسيقية بدلا من العصابات".
فرق موسيقية بدل العصابات
بدأ البرنامج على يد الملحنة والموسيقية كارين دي وال، لإشغال الأطفال ومراهقي الحي وتعويض الملل بدروس الموسيقى بعد المدرسة، ومن ثم تحول إلى مشروع أدى إلى تحقيق الانسجام بين العصابات المتنافسة وزرع الهدوء الذي فقده سكان الحي منذ مدة بحسب القائمين عليه.
"انضم إلى فرق موسيقية بدلا من العصابات" هي منظمة غير ربحية تعمل على تجهيز وتدريب شباب "المجتمعات المعرضة للخطر" في أحياء كيب تاون على الموسيقى، كوسيلة لمساعدتهم على تجنب الوقوع في فخ المخدرات والانضمام للعصابات، من خلال توفير الأدوات والوصول إلى برامج الموسيقى والمعلمين، محاولين ملء الفجوة التاريخية والحاجة المتزايدة إلى التعليم الإبداعي في المناطق المحرومة في المدينة.
تقول منسقة البرنامج نيكولين بوتا -في حديثها للجزيرة نت- "ابني فابيان واحد من الشباب الذين لم تكن لديهم سوى القليل من الفرص للالتحاق بالجامعة أو العمل بعد الانتهاء من الدراسة الثانوية، وهذه هي الفئة التي تستقطبها العصابات وتقدم لهم وسيلة لكسب المال والشعور بالانتماء والقوة".
وتضيف بوتا "كان فابيان أول عضو في هذا المشروع الموسيقي، وبسببه رأيت التغيير في منزلي. ابني ليس رجل عصابات، لقد غيّر هذا المشروع حياته كلها ومنذ ذلك الحين أصبح إنسانا أفضل".
نجاح سكوتسدين
تقدم المنظمة العديد من ورشات العمل في المناطق الضعيفة الموارد والمعرضة للجرائم في كيب تاون، إلا أن أثره الأعلى جاء في منطقة سكوتسدين بانضمام بعض أعضاء العصابات إلى الفرق الموسيقية لأول مرة.
تقول بوتا إن اختيارهم للعمل مع العصابات جاء واعيا، فقد قررت المنظمة الاتصال بأعضاء العصابات للانضمام، مضيفة "كنت أعمل في المدرسة الثانوية، وكنت أعرف هؤلاء الشباب من المدرسة ومن المجتمع المحلي، لذلك يحترمونني، وبدأ بعضهم يطرق باب منزلي لعزف المزيد من الموسيقى أو لطلب استعارة قيثارة أو اثنتين".
ويعتمد مشروع "انضم إلى فرق موسيقية بدلا من العصابات" -مثل العديد من المشاريع المجتمعية- على التبرعات، حيث يجمع الأعضاء القيثارات القديمة بعد أن يتم تنظيف الأدوات النحاسية وتزييت الصمامات، لتكون جاهزة لإعادة الاستخدام مرة أخرى.
وتقول كارين دي وال "لقد طلبنا تبرعات من الكنائس والمدارس ومن أي شخص يستطيع التخلي عن الأدوات الموسيقية التي لا يستخدمها، نحن نعتمد بشدة على الأدوات، لذلك نأخذ كل ما يمكننا الحصول عليه".
من أخطر مدن العالم
يذكر أن مدينة كيب تاون قد صنفت كتاسع أخطر مدينة في العالم، حيث تم تسجيل حوالي 66 حالة قتل لكل مئة ألف من السكان، في إحصائية صدرت مؤخرا عن الأمم المتحدة.
فيما أشارت أحدث إحصائية نشرها جهاز الشرطة الجنوب أفريقي إلى أن عدد جرائم القتل في جنوب أفريقيا قد ارتفع إلى أعلى مستوى في هذا العقد على الأقل، حيث تكافح الشرطة للسيطرة على الجرائم العنيفة.
وقالت الشرطة في تقريرها السنوي لإحصاءات الجريمة الصادر في البرلمان في كيب تاون، إن عدد جرائم القتل في جنوب أفريقيا ارتفع بنسبة 3.4% في الأشهر الـ12 الماضية، بمعدل 58 حالة في اليوم، وهذا المعدل أعلى ست مرات من المعدل في الولايات المتحدة.