ماذا قدمت الحكومات العربية؟
جو 24 :
يختلف العمال العرب في جنسياتهم شرقا وغربا، لكنهم يتفقون في حاجتهم للدعم أمام أزمة انتشار فيروس كورونا، وإعلان الدول حظر التجول وإغلاق أماكن العمل؛ مما فاقم معاناتهم.
وتفاوت الاستجابة الرسمية في الدول العربية من المغرب إلى الأردن مرورا بالجزائر وتونس ومصر والسودان وفلسطين والعراق ولبنان، بين تقديم الدعم المالي المباشر، والطرود الغذائية ووعود بإيجاد حلول.
المغرب.. دعم مالي لقطاع هش
قالت مراسلة الجزيرة نت في المغرب إن إلزامية الحجر الصحي أظهرت عدم قدرة فئات عمالية واسعة على البقاء بالمنازل لارتباط معيشهم اليومي بالعمل، منهم العاملون بالصالونات والمقاهي والمطاعم وعمال البناء والتنظيف والحراسة ومحلات الملابس ودور الإيواء وغيرها.
ويساهم قطاع العاملين غير النظاميين بما يزيد على 11.5% من الناتج الداخلي، وتبلغ عدد وحدات الإنتاج غير المهيكلة 1.68 مليون وحدة، ويوظف القطاع غير المهيكل حوالي 2.4 مليون شخص، يشكلون 36% من العاملين في المملكة، باستثناء قطاع الزراعة.
وقرر المغرب تقديم دعم مالي مؤقت للأسر العاملة في هذا القطاع المتضررة من انتشار فيروس كورونا، وفق المراسلة.
وسيتم منحها من موارد صندوق محاربة جائحة كورونا، وتراوحت قيمة الدعم بين 800-1200 درهم (الدولار يعادل 10.2 دراهم) وتوزع ابتداء من الاثنين القادم.
وأكد رئيس الوزراء سعد الدين العثماني وعي حكومته بضرورة إيجاد حلول مستعجلة لمن توقف عن عمله بسبب ظروف انتشار فيروس كورونا.
ونقلت مراسلة الجزيرة نت عن رئيس لجنة المالية بالبرلمان عبد الله بوانو قوله إن هذا القطاع هو الأكثر هشاشة والأكثر تضررا "ونحاول استهداف أربعة ملايين شخص متضرر بالدعم".
وتابع أن الدعم الأولي سيكون من خلال المواد العينية، حتى يتم استكمال الإجراءات التقنية لإمكانية صرف المعونات المالية.
الجزائر..لا إجراءات واضحة
مراسلة الجزيرة نت قالت إن بؤرة الخوف من فيروس كورونا في الجزائر تتمركز في ولاية البليدة (جنوب) وفق السلطات هناك، وأضافت أن معاناة العائلات تزداد مع تمديد الحجر المنزلي.
وتعهد الرئيس عبد المجيد تبون بالتكفل بأصحاب الدخل اليومي وغير المؤمّنين اجتماعيا، وقال "هذا عهد مني".
وأمام الأزمة المعيشية المتصاعدة خاصة عمال الدخل اليومي والحرفيين، مازالت الحكومة تقدم تطمينات بأنها متحكمة في الوضع، دون وجود آليات واضحة لمعالجة الأزمة.
وتزامنت أزمة انتشار الكورونا مع تراجع أسعار النفط العالمية، مما صعّب من الظروف المالية للبلاد.
ورغم ذلك قال رئيس الوزراء عبد العزيز جراد خلال زيارته لولاية البليدة "إننا لن نتخلى عن أي أسرة جزائرية مهما كان مكانها في الجبال أو المدن أو القرى أو الصحراء".
ورغم أن جراد لم يقدم توضيحات عن آليات دعم هذه الشريحة، فإن الحكومة أعلنت الأربعاء الماضي عن فتح حسابين لتلقي مساهمات المواطنين لدعم الجهود الوطنية لمكافحة فيروس كورونا وتداعياته.
ووفق مراقبين فإن عدم اتخاذ أي إجراءات جدية من الحكومة بتخصيص إعانات مالية لأصحاب الدخل اليومي قد يرفع من درجة الاحتقان والصدام مع الجهات الرسمية، بحكم أن هذه الفئة ستكون مجبرة على الخروج للبحث عن قوت يومها وإعالة عائلاتها.
تونس.. دعم باتجاهين
أفاد مراسل الجزيرة نت بوجود خطة حكومية لدعم العمال المتضررين من انتشار فيروس كورونا، ودعم للمؤسسات الاقتصادية، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها وأصحاب المهن الحرة.
فبالنسبة للأفراد، أقرت الحكومة حزمة إجراءات استثنائية تبلغ قيمتها 2500 مليون دينار (850 مليون دولار) لحماية الأفراد والمؤسسات من أجل التخفيف من التأثيرات السلبية لتفشي وباء كورونا.
ومن ضمن الحزمة أيضا فتح خط تمويل بقيمة ثلاثمئة مليون دينار مساعدات لفائدة العمال المحالين على البطالة الفنية، وتخصيص اعتمادات مالية استثنائية بقيمة 150 مليون لفائدة الفئات المهمشة ومحدودي الدخل وذوي الاحتياجات الخاصة.
وستوزع مساعدة نقدية استثنائية مباشرة بقيمة مئتي دينار لفائدة 623 ألف عائلة محدودة الدخل، ومساعدة نقدية استثنائية مباشرة إلى 260 ألف عائلة معوزة لشهر مارس/آذار2020 والمقدرة بمبلغ 180 دينارا.
كما ستمنح مساعدة نقدية لفائدة الأسر المتكفلة بكبار السن الفاقدين للسّند بقيمة مئتي دينار، ومثلها مساعدة للأسر الحاضنة لأطفال فاقدين للسند في إطار الإيداع العائلي بمقيمة مئتي دينار أيضا والأسر الحاضنة لأشخاص ذوي إعاقة.
ونقل المراسل عن هشام اللومي نائب رئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية قوله إنه كلما تواصل صراع البلاد ضد كورونا ارتفعت حالات الإفلاس بين الشركات والبطالة، مما ستكون له تأثيرات سلبية خاصة على الفئات ضعيفة الدخل والمهمشة.
ويبلغ عدد عمال القطاع الخاص حوالي 1.5 مليون عامل بينهم نحو ستمئة ألف في إقليم تونس الكبرى.
مصر.. مزيد من الفقراء
نقل مراسل الجزيرة نت عن خبراء قولهم إن تداعيات أزمة كورونا الاقتصادية أكثر كارثية، خاصة وأن غالبية المتضررين هم العاملون بالقطاع الخاص خارج المنشآت، ولا يرتبطون بعقود مع صاحب عمل.
وتشكل هذه الفئة الغالبة من العاملين في البلاد، إذ تصل نسبتهم إلى الإجمالي 46.1%، أي نحو 12 مليون عامل تقريبا، وهم مهددون بفقد رواتبهم أو اقتطاعها أو تسريحهم.
ويبلغ عدد المشتغلين بالقطاع الخاص عشرين مليونا، منهم ثمانية ملايين داخل المنشآت و12 مليونا خارجها، وأقل من مليون في قطاعات أخرى، وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2018.
وزارة القوى العاملة دعت المتضررين إلى تسجيل بياناتهم على موقعها الإلكتروني من أجل صرف منحة مالية بواقع خمسمئة جنيه (32 دولارا) دون إيضاح إن كانت ستصرف لمرة واحدة أم شهريا.
لكن وفق مراسل الجزيرة نت لم يسجل حتى الآن سوى نصف مليون منهم، ويرجع ذلك إما لأن غالبية هذه الشريحة لا يجيدون القراءة أو لا يملكون الإنترنت، أو حواسيب للتسجيل معلوماتهم.
يقول الخبير الاقتصادي مصطفى شاهين إن أكثر المتضررين من العمالة غير المنتظمة بالقطاع الخاص من خارج المنشآت، حيث لا يتمتعون بأجور ثابتة أو تأمينات اجتماعية أو صحية، مما يهدد باتساع رقعة الفقر وقلاقل اجتماعية وسياسية في حال استمرت الأزمة طويلا.
السودان.. أزمة بجانب أزمات
نقلت مراسلة الجزيرة نت عن مختصين قولهم إن الحكومة المنهكة اقتصاديا لا يبدو أن لديها أية خطط على الأرض لدعم العدد الكبير من ممتهني الأعمال اليومية، في وقت تطالبهم بالبقاء في المنازل للحد من تفشي جائحة كورونا.
لكن العدد الضخم لهذه الفئات غير المنظمة أجبر الحكومة فيما يبدو على تركيز دعمها المفترض لقطاعات بعينها ممثلة في بائعات الشاي والأطعمة، حيث تعمل مئات من النسوة في الأوقات المسائية بالأماكن العامة.
وأبدى وزير المالية إبراهيم البدوي -حسب مراسلة الجزيرة نت- استعداد الحكومة لتقديم دعم نقدي مباشر للمواطنين خلال فترة حظر التجوال الشامل.
قال البدوي: اعتمدنا دفع ستة آلاف جنيه (الدولار يساوي 55.3 جنيها) شهريا إلى 36 ألف سيدة يعملن بائعات شاي في العاصمة، لكنها ستنقص لإدخال مهن هامشية أخرى.
ونقلت مراسلة الجزيرة عن عضو مجلس السيادة صديق تاور قوله إن الحكومة شكلت لجانا تعمل بشكل منسق لمساعدة المتأثرين بقرارات حظر التجوال من أصحاب المهن غير المشمولة بالضمان الاجتماعي.
في المقابل، يشكك المحلل الاقتصادي خالد التجاني النور بوجود خطة لدى الحكومة لمساعدة الشرائح الضعيفة، كما أنها لا تضع سياسة واضحة للتعامل مع الآثار الاقتصادية المترتبة على معاش الناس عموما.
وتابع أن الحكومة تتحدث عن أن 27 مليون نسمة في دائرة الفقر، وبالتالي هناك فشل لمساعي الحكومة لإبقاء الناس في المنازل، وذلك لتزايد حاجتهم للكسب اليومي.
فلسطين.. كل شيء مختلف
ينقل مراسل الجزيرة نت عن مختصين أن العامل الفلسطيني يختلف عن باقي عمال العالم، لأنه يعيش تحت الاحتلال وبالتالي لا توجد ركائز للاقتصاد الفلسطيني، ولا منظومة اقتصادية تساعده في حال امتدت الأزمة، ولا قانون للتعويضات.
ولمواجهة آثار انتشار فيروس كورونا، وقعت الحكومة اتفاقية مع اتحاد نقابات العمال والقطاع الخاص تقضي بدفع 50% عن رواتب مارس/آذار وأبريل/نيسان للعاملين بالقطاع الخاص، على أن يستكمل باقي الراتب عند انتهاء الأزمة.
وكذلك -يقول مراسل الجزيرة نت- تشكيل صندوق يجمع الحكومة ونقابات العمال والقطاع الخاص بهدف دفع مبالغ مالية من كل جهة، لتقديم مساعدات للعمال اليوميين والعمال الذين تضرروا على شكل مساعدات عينية او مالية، وفق آلية سيتم الاتفاق عليها خلال الفترة القريبة، من خلال إيجاد نظام إلكتروني للتسجيل من قبل العمال الذين تضرروا.
أما القطاع الحكومي فليس بأفضل حال، حيث قال الأمين العام لاتحاد نقابات العمال شاهد سعد للجزيرة نت إن العامل مضطر للمخاطرة بحياته في بحثه عن مصدر رزقه، وذلك بالدخول إلى إسرائيل، والعمل هناك لتحصيل قوت يومه على حساب صحته وصحة عائلته.
وأضاف الأمين العام أن هناك مئتي ألف عامل في القطاع الحكومي وعدت الحكومة بانتظام رواتبهم خلال الأزمة.
العراق.. شكاوى وحلول حكومية
أفاد مراسل الجزيرة نت بأن إجراءات الحكومة لمكافحة فيروس كورونا، عبر إغلاق المراكز التجارية والمحلات، وفرض حظر شامل للتجول في عموم العراق؛ ألحقت الضرر بأكثر من عشرة ملايين شخص يعملون خارج أي تأمين اجتماعي، ويتقاضون أجورا يومية.
ويقول جاسم الربيع -الذي يعمل سائق شاحنة- للجزيرة نت إن "إجراءات الحكومة الأخيرة أغلقت البلاد أمامنا وعطلت مصالحنا، من دون أن تتخذ حلولا سريعة نستطيع بها إعالة عائلاتنا".
ويضيف أن "الحكومة لا تفكر في الفقير (...)، كأننا لسنا أبناء البلد، ولا ندفع التزاماتنا من رسوم وضرائب".
ونقل المراسل عن رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق ستار دنبوس براك قوله إن إجراءات الدولة العراقية لمواجهة كورونا ستزيد نسبة الفقراء، مشيرا إلى أن الاتحاد العام لنقابات العمال يواصل مباحثاته مع الدولة لإيجاد حلول تنقذ الذين فقدوا وظائفهم خلال هذه الأزمة.
من جهة أخرى، قال المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة الدكتور عبد الحسين الهنين، في حديثه للجزيرة نت، إن رئيس الحكومة شكل لجنة لمعالجة المشاكل التي تواجه الأشخاص الذين تضرروا بسبب فيروس كورونا وفقدوا وظائفهم، مشيرا إلى أن الحكومة بصدد إصدار قرار يتضمن منح مبلغ ثلاثين ألف دينار (24 دولارا) لكل شخص لا يمتلك راتبا من الحكومة.
ويؤكد الهنين أن هذه المنحة الطارئة ستُمنح شهريا حتى انتهاء الأزمة لعشرة ملايين شخص تضرروا خلال الفترة الحالية، مبينا أن الحكومة ستنشئ صندوق التكافل الاجتماعي.
ويلفت الهنين إلى أن هناك إعفاءات ستصدر للمواطنين؛ مثل إعفاء أجور المياه والكهرباء والمستشفيات.
الأردن.. صناديق تبرعات
قال مراسل الجزيرة نت إن معاناة العاملين بنظام المياومة (اليومية) في تأمين قوت عيالهم ونفقاتهم المعيشية ومصاريفهم الشخصية زادت مع انتشار فيروس كورونا.
وأضاف أن الحكومة قررت إنشاء صندوق "همة وطن" لجمع التبرعات المالية من داخل وخارج المملكة لمعالجة الأثر الاقتصادي والاجتماعي لأزمة الفيروس، خاصة على الأسر المتضررة بشكل مباشر والعمال المياومين الذين فقدوا مصدر دخلهم الرئيسي.
وأطلقت مؤسسة الضمان الاجتماعي (حكومية) منصة إلكترونية لتسجيل عمال المياومة، ومن لا يتمتعون براتب ثابت، ومن يعيلون كبار السن، وذلك بهدف الحصول على طرود غذائية لعائلاتهم.
وأفاد المراسل بأن أكثر من 150 ألف مواطن بادروا للتسجيل عبر هذه المنصة، حيث ستقوم مؤسسة الضمان بفرز وتدقيق معلومات المتقدمين بتوزيع إما طرود غذائية لكبار السن، أو بطاقات إعانة غذائية مدفوعة الثمن يحصلون بموجبها على مواد غذائية وسلع بالتنسيق مع المؤسسة العسكرية، وفق تصريحات مدير الإعلام بمؤسسة الضمان موسى الصبيحي للجزيرة نت.
وأمام هذا الواقع -يقول مراسل الجزيرة نت- انطلقت مبادرات مجتمعية لتوزيع الطرود الغذائية وتأمين الأدوية والعلاجات الطبية وتوفير دعم مالي للفقراء والعمال المتضررين بهذا الواقع.
ونقل المراسل عن الخبير أحمد عوض وصفه الإجراءات الحكومية تجاه هذه الشريحة بـ "الخطوات الخجولة" ودعا لتقديم دعم مالي مناسب لهذه الفئة محذرا من اتساع رقعة الفقر بينهم بسبب وقف العمل.
لبنان.. عمالة هشة
نقل مراسل الجزيرة نت عن رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين كاسترو عبد الله قوله إن العاملين خارج التغطية الاجتماعية أو خارج الاقتصاد المنظم يعتبرون من العمالة الرائجة في البلاد.
وأضاف للجزيرة نت أن هذه الفئة من الناس تعيش اليوم أوضاعا سيئة جدا، خاصة وأنهم الأكثر فقرا ويعتبرون عمالة هشة تفتقد الاستمرارية.
ورأى عبد الله أن الحكومة التي اتخذت قرار التعبئة العامة لم تلتفت إلى احتياجات هذه الفئة بمسألة المساعدات، خاصة وأنهم يعيشون اليوم على المساعدات الغذائية من بعض الجمعيات، وهم بحاجة للاستشفاء ومساعدات مالية مباشرة لتسديد نفقات أخرى.
وحذر من تفاقم مشكلات هذه الفئة والوصول لانفجار اجتماعي وتحركات بالشارع، مؤكدا أن إعلان الحكومة اعتزامها تقديم مساعدات اجتماعية لا يزال وعودا.
مسؤول الحماية الاجتماعية بمنظمة العمل الدولية لوكا بيليرانو قال إن الانكماش في الاقتصاد بعد هذه الأزمة سيعرّض الوظائف في لبنان للخطر، ويضعف من فرص العمل على المدى المتوسط.
وأضاف بيليرانو أن العاملين غير الخاضعين للتأمينات هم الفئة الأكثر تأثرا بالأزمة مشيرا إلى أن توفير المساعدة للعاملين خارج الاقتصاد المنظم ليس سهلا كونهم غير مسجلين في صناديق الضمان والتأمين، ولانعدام وجود معلومات كاملة عنهم، إضافة إلى تعذر وضع آليات واضحة وشفافة لتقديم المساعدة إليهم.
المصدر : الجزيرة