من هونغ كونغ إلى نيويورك.. صور توثق الروابط البشرية في عصر جائحة فيروس كورونا
- بينما كان يمشي في شوارع نيويورك بالولايات المتحدة، لاحظ المصور آشلي غيلبرتسون شابة تقف في زاوية في الجدار وهي تمد رقبتها للنظر حولها عدة مرات قبل خروجها وهي تمسك بذراع رجل مسن. واصطحبت الشابة الرجل، الذي كان يحمل عصا بيضاء يستخدمها المكفوفين أو ضعاف البصر، بعيداً عن الأنظار.
وتأثر غيلبرتسون بالمشهد أمامه، فحرص على التقاط بضعة صور. ومع أنه عادةً يبدأ محادثة مع الأشخاص الذي يلتقط صورهم، إلا أنه امتنع من ذلك هذه المرة، وذلك نتيجة تفشّي فيروس كورونا المستجد، وضرورة ممارسة التباعد الاجتماعي.
أثر فيروس كورونا المستجد على العديد من الأشخاص ومنهم المصورين.
وفي مقابلة عبر الهاتف من منزله في نيويورك، قال المصور إن "عدم التفاعل مع الأشخاص الذي أصورهمهو أصعب جزء بالنسبة لي في هذا الموضوع بأكمله".
ويُعد غيلبرتسون واحداً من العديد من المصورين في أنحاء العالم الذي يواجهون تأثير جائحة فيروس كورونا على عملهم.
قال غيلبرتسون إن التباعد الاجتماعي غيّر الطريقة التي يتفاعل بها مع الأشخاص الذي يقوم بتصويرهم.
وبالنسبة لبعض المصورين، تُعد السلامة الشخصية والخوف من المساهمة في نشر الفيروس أمراً حقيقياً، وبالنسبة للمصورين الآخرين الذين يعملون بشكل مستقل، تُعدحقيقة فقدانهم لمصدر رزقهم جانبامقلقا للغاية.
قامت المصورة المقيمة في لندن، سوزان بلونكيت، بالتقاط هذه الصورة لابنه صديقتها أثناء حضورها درس باليه عبر الإنترنت.
ويولّد الأمر العديد من الأسئلة، مثل: كيف يوثق المصورونإحدى أهم التجارب البشرية المشتركة في تاريخنا الحديث أثناء خلو الشوارع، واختباء الأشخاص في منازلهم؟ وكيف يمكنهم عكس الروابط البشرية في الوقت الذي يجب فيه الالتزام بمسافة معينة عن بعضنا البعض؟
وفي الشهر الماضي، أطلق المدير المشارك لمنصة التصوير الفوتوغرافي "Public Source"، جيمس ريجلي، موقعاً على الإنترنت يُدعى "أرشيف كوفيد-19" (Covid-19 Archive).
التقط المصور جيريمي تشيونغ هذه الصورة لامرأة في هونغ كونغ أمام كمية كبيرة من ورق المرحاض المعروض للبيع في فبراير/شباط.
ويبني ريجلي مع جوناثان توملينسون، وهما مقيمان في شمال إنجلترا، أرشيفاً رقمياً من صور تتعلق بالحياة أثناء فترة تفشّي فيروس كورونا.
وتلقت منصتهم حتّى الآن مشاركات من أكثر من 30 مصورا حول العالم.
وقال ريجلي في مقابلة عبر الهاتف: "هذا أكبر أمر يحدث في جيلنا"، ولذلك، فهو أراد تكوين شيء يمكنه توفير نظرة إلى الماضي".
صورة أخذتها المصورة كاميلا فيراري لنفسها بين البخار بعد الاستحمام.
وتختلف تجربة كل مصور عن الآخر، وقام جيريمي تشيونغ، وهو مصور في هونغ كونغ، بتوثيق الموجة الأولى من تفشي الفيروس في المدينة في يناير/كانون الثاني.
صورة التقطتها المصورة غيل ألبرت هالابان في إيطاليا قبل تفشّي فيروس كورونا المستجد.
وهو يشهد الآن المرحلة الثانية من الأزمة بعد الارتفاع الأخير في الحالات الجديدة.
وشهد تشيونغ تفشّي مرض "سارس" قبل 17 عاماً،وفي مقابلة عبر البريد الإلكتروني، قال المصور إن العديد من سكان المدينة استجابوا بشكل سريع لتفشّي فيروس كورونا، كما أنه أشار إلى حس التضامن الذي شعر به بعد دخول الجميع في "وضعية القتال" بعد تعلمهم من تجاربهم السابقة.
وأثناء هذه الموجة الجديدة من الإصابات في هونغ كونغ، يحاول تشيونغ التصوير بعدسة طويلة، كما أنه لا يخرج من منزله كثيراً الآن.
وفي منازلهم، قام بعض المصورين بتوجيه كاميراتهم إلى أنفسهم وعائلاتهم أثناء عيشهم معاً في ظل حالات الإغلاق.
وتُعرف المصورة غيل ألبرت هالابان بالفعل بتصويرها للأشخاص من منازلهم.
وتُظهر صور هالابان أشخاصاً من مختلف مدن العالم وهم في منازلهم قبل فترة طويلة من تفشّي فيروس كورونا.
والآن، تبدو صورها ذات صلة وثيقة لما يجري الآن.
وترى المصورة أن النافذة عبارة عن المكان الذي يقوم به الأشخاص بخلق العديد من روابطهم، ولا سيما الذين يعيشون في المدن.
وقالت هالابان: "إذا نظرت عبر نافذة جيرانك، فسترى أنهم يقومون بالأشياء ذاتها التي تقوم بها.. وأثناء عزلتنا الإجتماعية، من المطمئن حقاً رؤية أن الشخص في الشارع المقابل لك يمارسالتعليم المنزلي أيضاً، ويحضرون قهوتهم، أو يقرأون قصص ما قبل النوم".
ويرى ريجلي أن الأمر لا يتمحور حول الجائحة، بل بالسلوكيات التي تنشأ عبر المدن، والحدود، كما أنه أضاف: "يُظهر الأمر أننا في القارب ذاته".
CNN