الحكم على الحكومة الجديدة مرهون بأدائها
لاقى تكليف دولة الدكتور عبدالله النسور بتشكيل الحكومة التي تشرف على إجراء الانتخابات المبكرة ارتياحاً إلى حد كبير، ويكمن مبعث الارتياح إلى المواقف والأفكار التي يتبناها طوال السنتين الماضيتين، وهما عمر المجلس النيابي المنحل. وللتذكير ببعض مواقفه الوطنية الشجاعة نذكر منها:
- حجب الثقة عن الحكومات التي تشكلت إبان المجلس المنحل.
- مناقشة الموازنات السنوية، والتوقف عند الهدر في النفقات، ومحاولة توجيهها لما يعود بالخير على الشعب.
- رفض قانون الانتخاب، وخاصة لتضمنه واعتماده على «الصوت الواحد» المجزوء.
- رفض قانون المطبوعات والنشر بالتعديلات التي أجريت عليه.
- الإشارة إلى مواضيع الفساد بأشكاله والدعوة إلى محاربته.
- دعوته إلى ضرورة عدم إقصاء أي حزب أو اتجاه سياسي؛ لأن الجميع هم أبناء الوطن، وهذا يفسر اتصاله الدائم مع كافة القوى السياسية، والمعارضة جزء منها.
هذه المواقف ربما هي التي عززت فرص تكليفه برئاسة الحكومة في مرحلة صعبة يمر بها الوطن؛ جراء عدم السير في الإصلاح السياسي بما يحقق تطلعات وأهداف الغالبية العظمى من الشعب الأردني، بمكوناته السياسية والحزبية والفكرية والإعلامية والحقوقية والشعبية.
والآن فإن الدكتور عبدالله النسور وحكومته أمام تحديات كبرى ومنها:
أولاً: هل سيكون بإمكانه قيادة الدولة الأردنية بمؤسساتها وأجهزتها بما فيها الأمنية، حيث كان يدعو رؤساء الوزراء السابقين إلى أن يقودوا الأجهزة الأمنية لا أن تقودهم، وبكلمات أخرى أي ممارسة ولايته الكاملة وصلاحياته حتى وإن اختلفت مع الرؤيا ووجهة النظر للأجهزة الأمنية؟
ثانياً: هل سيكون بمقدوره كسب ثقة أحزاب المعارضة خاصة، وبالتالي اقناعها بالمشاركة في الانتخابات القادمة؟ وعلى أي قاعدة هل وفقاً لقانون الانتخاب الذي هو عارضه، عدا عن معارضة قوى سياسية وحزبية وشعبية، حيث إن قانون الانتخاب الحالي ينسف مبدأ تعزيز دور الأحزاب، وينسف مبدأ المواطنة أساس قوة ومنعة الجبهة الداخلية.
أم محاولة اللجوء إلى تعديل قانون الانتخاب، وهذا يتطلب سن قانون الدفاع؛ أي فرض الطوارئ، بحيث يتمكن من إصدار قانون انتخاب مؤقت، يلقى توافقاً سياسياً وشعبياً دون إقصاء لأي كان.
ثالثاً: كيف سيتم التعامل مع الحق الأساسي للأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والحراكات الشعبية بالتعبير والتجمع السلمي؟ وكيف سيواجه محاولة استدراج بعض مكونات القوى السياسية والمجتمعية للصدام والمواجهة، كما كاد أن يحدث خلال التحضير لفعالية 5/10؟ أو ليس من واجب الحكومة حماية المسيرات والاعتصامات وفقاً لقانون الاجتماعات العامة، وهذا يعني عدم الموافقة لأي حزب أو جماعة على تنظيم أي فعالية مناهضة في نفس المكان والزمان؛ درءاً للفتنة والمواجهة؟
رابعاً: هل سينجح في إدارة حوار حقيقي للحصول على نتائج، بدلاً من الحوار من أجل الحوار؟ وهل سيكون بإمكانه تهدئة الحراكات الحزبية والحراكات الشعبية ولو لفترة الشهور الأربعة القادمة تحت عنوان امنحونا فرصة، وهل ستنطلي هذه المبررات على الأحزاب المعارضة، وخاصة الإسلامية منها؟
خامساً: كيف له أن يواجه المطالب المعيشية للشعب الأردني الذي يئن 78% تحت خط الفقر؛ حيث إن الدخل لهؤلاء يقل عن أربعمائة دينار؟ وكيف سيكون بإمكانه تبرير إلغاء الدعم، بينما في الواقع هو فرض مزيد من الضرائب؟ لذلك فإنني أعتقد أن الحكم على حكومة د.عبدالله النسور وحكومته سيكون وفقاً لسياسته وأدائه العملي والواقعي، وليس وفقاً للوعود والكلمات والشعارات المعسولة. وأكاد أجزم بأن تاريخه الماضي بإيجابياته لن يشفع له إذا ما فشل في التحديات السابقة، إضافة إلى عدم ثقة الشعب بنزاهة الانتخابات الحقيقية فعلى الرغم من أن القانون يحسم النتائج سلفاً! وعندئذ فإنه سيواجه بمسيرات ومقالات واعتصامات تطالب برحيل حكومته، وعندئذ ستتعمق الأزمة، وربما تشير إلى ما لا تحمد عقباها، ولا يتمنى ذلك أحد.
السيبل