العزل المنزلي عذاب للطفل المصاب بفرط الحركة.. نصائح لاستيعاب سلوكه
يشهد العالم ضغوطا نفسية شديدة خلال فترة جائحة كوفيد-19، لا سيما أسر الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، فبعد أن كانت الأنشطة الرياضية هي سبيلهم للسيطرة على سلوكيات أطفالهم قبل انتشار فيروس كورونا، بات عليهم التكيف مع التعامل مع فرط الحركة داخل المنزل، مما يعرض تلك الأسر لضغوط صحية ونفسية جمة بسبب طبيعة أطفالهم المختلفة، لكن استيعاب طفل مصاب بفرط الحركة داخل المنزل ليس مستحيلا إذا اتبعنا مجموعة من القواعد والحيل أحيانا.
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
هو اضطراب عصبي بيولوجي بسبب اختلال كيميائي في الناقلات العصبية بالفص الجبهي، والتي تسهل على الخلايا تنفيذ عملها للتواصل بينها وبين أطراف الدماغ.
قد يُتهم الطفل بسوء التربية وتقصير الأبوين في تهذيبه، وهو ما قد يعرضه للتوبيخ والعنف ومشكلات نفسية أكثر تعقيدا، لذلك يجب على الأم اللجوء فورا لأرقام الطوارئ النفسية المتوفرة في بلادها، حال شعورها بفقدانها السيطرة واحتياجها الضروري للدعم النفسي.
اضطراب "نقص الانتباه وفرط الحركة" هو الأكثر شيوعا بين الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، وفقا لدراسة أجراها مارك ماهون ومارسا دنكلا، الباحثان بكلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، إذ إن "نسبة الأطفال المصابين به، في الفئة العمرية ما بين 4 و17 عاما، تبلغ 5% على مستوى العالم".
يعاني الأطفال المصابون بهذا الاضطراب من صعوبة كبيرة في الحفاظ على التركيز، وغالبا ما تشكو الأم من أنه يبدو ناظرا إليها لكنه لا يستمع لها بعقله، حيث يجد الأطفال صعوبة بالغة في التركيز، ولا يكترثون بالتفاصيل، وقد يجدون صعوبة كبيرة في اتباع التعليمات والتوجيهات، لا سيما التوجيهات المركبة التي تحوي على العديد من الأوامر، مثل "رتب حجرتك واستحم ثم جهز نفسك للفطور"، وفي هذه الحالة يجب أن يتم التواصل من خلال تقسيم تلك الجملة إلى أوامر بسيطة جدا، تبدأ برتب الفراش، وبعد الانتهاء منها تذهب الأم للفقرة التالية، وتلك الطريقة هي الأفضل من حيث التواصل معهم لأنهم أيضا يعانون من النسيان السريع.
يبدو على هؤلاء الأطفال ملامح الشقاوة والتخريب، ولكن يأتي كل ذلك من منطلق عدم قدرتهم على البقاء جالسين في مكان واحد لمدة طويلة، فهم يهوون التسلق والركض والحركة، وبما أنهم سريعو الملل، يصبح المنزل في الحجر الصحي المطبق بسبب الجائحة بمثابة حصة تعذيب.
مهام منزلية ضرورية
يعد الحفاظ على الصحة العقلية للأم والطفل في العزل الصحي أمرا ضروريا، ولكن العقدة تأتي من صعوبة الالتزام بأنشطة خارج المنزل أو توفير مناخ يسمح بالحركة والركض، وهي حاجة أساسية لكل طفل مصاب بهذا الاضطراب.
يجب أن يستخدم الأهل إستراتيجيات جديدة وغير معتادة فيما يتعلق باللعب والأنشطة المنزلية، كما ينبغي أن تحتوي تلك الإتراتيجيات على الحركة والتفاعل.
- يمكن توفير عجلة ثابتة أو "ترامبولين" (نطاط)، أو السماح لهم لبعض الوقت بالقفز من أعلى الأسرة.
- وعلى رأس نصائح المساعدة في تلك الحالات، هناك الخروج والسير في الهواء الطلق لدقائق يوميا، ولتعذر ذلك ينصح موقع "فاميلي بلس" الكندي بتوفير حمام استحمام ساخن مليء بفقاعات الصابون مرة، ومرة أخرى يمكن استبدال الفقاعات بألوان الطعام الآمنة بلون الطفل المفضل، وبذلك يمكنه اللعب في المياه دون ملل بين الفقاعات والألوان المتنوعة في كل مرة.
- ينبغي إعادة ترتيب المنزل بطريقة تسمح للطفل بحرية حركة أفضل، والحفاظ عليه من الصدمات، وينصح بتنظيم المساحات أمام عينيه بتقليل عدد القطع والأدوات التي تقع عليها عيناه، حتى لا تزيد من تشتته وتوتره.
- يحب الأطفال الصخب، وقليل من الموسيقى الصاخبة والرقص عليها يسمح بالحركة ولو لبعض الوقت.
- يمكن محاولة زراعة بعض النباتات في المنزل سواء باستخدام بذور من الخارج أو باستخدام بذور الخضار الموجودة من المنزل. هذا النشاط يتطلب من الطفل رش المياه يوميا والعناية بالنباتات لدقائق معدودة، ولا يحتاج لانتباه شديد، ولكنه نشاط جيد جدا لصحته النفسية وقضاء وقت مفيد.
من أهم النصائح الذهبية الأساسية التي يقدمها الخبراء للتعامل مع جميع الأطفال، الحفاظ على الروتين، وهو تماما الأمر الذي تفعله المدارس بانتظام من خلال وضع جدول التدريس والأنشطة، يمكن للأم تنظيم روتين أقصر قليلا للطفل بين 15 و20 دقيقة لعمل نشاط تلوين أو قص أو أي نشاط آخر، وعلى الأم تقبل فكرة أن طفلها يملّ سريعا ولن يصمد أمام أي نشاط مدة طويلة.
ويكمن الحل في توفير أنشطة مختلفة، ولكن ينبغي إخفاؤها بحيث لا تكون متاحة طوال الوقت في مجال رؤية الطفل، وذلك للحفاظ على تركيزه على نشاط واحد من خلال أن تقترح الأم النشاط وتقدمه للطفل وتأخذ الأدوات كاملة بعد الانتهاء، ثم تبدأ في نشاط جديد، كما يمكن عمل نشاط من وعاء واحد وأوراق كارتون بحيث يقترح الطفل العديد من الأنشطة ويكتبها في كروت، ثم توضع في الوعاء ويقوم باختيار نشاط منها لممارسته. وبعد الوقت المحدد، على الأم أن تسبق طفلها قبل وصوله للملل لتقديم النشاط الجديد.
ينبغي أن تدرك الأم، ومدرسة الطفل أيضا، أن متابعة الطفل للدروس اليومية في التعليم عن بعد أمر شديد الصعوبة، لذا يجب أن تتفهم إدارة مدرسته أنه لن يستطيع الجلوس لساعات عدة لمتابعة الدروس اليومية في ظل وجوده في أجواء المنزل. لذلك ستساعد الأم في زيادة فترات المتابعة اليومية للدروس تدريجيا عبر الإنترنت.
كما يجب أن يتفهم المحيطون أن هذا الطفل لم يختر لنفسه هذا الاضطراب، ولم يقصر والداه في تقويم سلوكه، وفي الوقت نفسه هو طفل طبيعي ولا يقل ذكاء عن أقرانه، لكنه لا يستطيع الدخول في القالب ذاته الذي يتكيف معه معظم الأطفال النموذجيين، فلا داعي لإجباره على أمور ضد طبيعته قد تتسبب في تعرضه لأزمة نفسية مدمرة.