فيروس كورونا: ما هو النظام الغذائي الأمثل خلال الحظر المنزلي؟
الأخبار التي كانت تتابعها فاديا بانتظام حول مدى خطورة وسرعة انتشار فيروس كورونا، ومتابعة تجارب وتفاعل الناس حول العالم مع الوباء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دفع بالشابة الثلاثينية، التي تعيش مع زوجها وابنتها في لندن، إلى تغيير سلوكها ونمط حياتها هي وأفراد أسرتها في الحجر المنزلي، من أجل تفادي مشاكل صحية من نوع آخر مثل ارتخاء العضلات وزيادة الوزن وضعف المناعة.
اطلعنا على تجارب وهموم شخصية لأفراد وأسر خلال الحجر المنزلي. معظم الشكاوى كانت من زيادة الوزن بسبب حالة الإغلاق العام والملل والضغط النفسي من التغيير المفاجئ في نمط الحياة اليومية.
إلا أن البعض نجح في إنقاص وزنه عن طريق اتباع خطوات وعادات جديدة في غاية البساطة وبإمكان أي شخص القيام بها إذا ما أمتلك القليل من الإرادة وبذل جهداً بسيطاً .
وعلى ضوء هذه التجارب، تقدم أخصائية التغذية نصائح مهمة للحفاظ على الصحة العامة والوزن المثالي أثناء الحجر المنزلي.
تعيش فاديا مثل معظم الناس، حالة من العزلة الذاتية مع طفلتها البالغة من العمر أربع سنوات وزوجها الذي أصبح عاطلاً عن العمل منذ الإغلاق العام في المملكة المتحدة.
وتقول: "اعتدت أن أصنع أصنافاً مختلفة من الحلويات الغربية والشرقية إلى جانب طهي الطعام الطازج يومياً، كما اعتدت على أخذ ابنتي إلى حديقة الألعاب لمدة لا تقل عن ساعتين يومياً، عدا عن زيارة صديقاتي والتسوق والقيام بالأعمال المنزلية اليومية، ولكن، فجأة تغير كل شيء".
تغيير جذري
تداركت فاديا الأمر وخططت لكيفية العيش في ظل الحجر المنزلي الذي قد يطول لأشهر، وتقول إن العزلة في المنزل أحدث تغييراً جذرياً في نمط حياتها الصحية، وحققت نتائج لم تكن تظن أنها قادرة على إنجازها.
"في البداية، قمت بتقليل عدد المرات التي أطهو فيها خلال الأسبوع ، مرتين بدلاً من ستة، لأن الطعام الطازج يدفعنا إلى تناوله بكميات أكبر، كما أنني أقلعت عن صنع الحلويات يومياً واختصرته إلى يوم واحد فقط وبكمية قليلة جداً".
وتتابع: "شجعت زوجي على مشاركتي في أسلوب الحياة الجديد في الحجر المنزلي، للتخلص من حالة التوتر والضغط النفسي. وكانت البداية في تغيير السلوك الغذائي المعتاد وإضافة عادات جديدة مثل الالتزام بشرب كميات كبيرة من الماء والأعشاب التي تعطي شعوراً بالشبع وتجنبنا الإصابة بأمراض مثل الإمساك أو التهابات المسالك البولية.
كما عدّلنا قائمة مشتريات الطعام المعتادة لتطغى عليها الخضروات بدلاً من اللحوم والمعجنات، واستبدال السكر بالعسل في تحلية الشاي والتوقف عن تناول الآيس كريم والعصائر إلا إذا كانت طازجة ومصنوعة في المنزل".
أدت هذه التغييرات البسيطة والعادات الجديدة إلى فقدانها لـ 5 كيلو غراما من وزنها خلال أسبوعين في الحجر المنزلي، كما خسر زوجها ثلاثة كيلو غرامات خلال المدة نفسها.
الحفاظ على التوازن
إلا أن اختصاصية التغذية آيسون كفانج تقول: "إذا كنت تريد الحفاظ على وزن صحي ومثالي لفترة طويلة، من الضروري الموازنة بين العناصر الغذائية التي تتناولها وعدم التخلي عن أي منها بشكل مفاجئ لأنك ستفرط في تناولها بعد فترة قصيرة، مما يؤدي إلى زيادة وزنك بسرعة أيضاً".
وتوضح: "يُنصح بقراءة ما تنشره المواقع الصحية المعتمدة والمصادر الموثوقة وعدم إتباع أنظمة الحمية المنشورة على الانترنت لأن تلك الأنظمة مصممة بحسب حالة كل شخص".
وتضيف: "هناك قواعد مشتركة بإمكان معظم الناس الالتزام بها دون أي خطر على أوزانهم وصحتهم ما لم تكن لديهم أمراض تحول دون ذلك".
"فمثلاً، لا أنصح بالتخلي عن الكربوهيدرات التي تتوفر في الخبز والمعجنات ولا عن اللحوم الحمراء لأنها مصدر هام للبروتين ولا عن الحلويات لئلا يؤدي الحرمان منها إلى تناولها بكميات مفرطة بعد وقت قصير".
وتتابع: "إن السر في الحفاظ على وزن مثالي دون التخلي عن أي طبق مفضل لديك هو البدء بتقليل الكمية التي اعتدت على تناولها إلى النصف، ومضغه ببطء لأن ذلك يشعرك بالشبع، وما أن اعتدت على ذلك، استبدل بعض الأطباق الغنية بالسعرات الحرارية بأخرى أقل سعرات كاستبدال الآيس كريم والحلويات الشرقية مثلاً بالفواكه المجففة والمكسرات والعصائر الطازجة، وتجنب الجلوس مطولاً أمام التلفاز أو شاشات الكمبيوتر أو اللعب على أجهزة الموبايل، بل ابتكار طرق رياضية تبقيهم في نشاط مستمر يحافظ على مزاج العائلة ككل".
قليل من الجهد كثير من المكاسب
أما سارة البالغة من العمر 55 عاماً، ومدرّسة الرياضة السابقة فتقول: "الأمر في غاية البساطة وبإمكاننا بقليل من الجهد ضمان سلامة وصحة الأسرة جميعاً".
وتضيف:"لا أستثني أي طعام نرغب بتناوله أنا وأسرتي، وأقوم بطهي جميع أنواع الأطعمة بما في ذلك المعجنات والحلويات، لكنني لا أسمح لابنتَي المراهقتين أن يتقاعسا عن الحركة في ظل الإغلاق العام، بل نخرج جميعاً معاً ونمارس رياضة المشي السريع أو الهرولة لمدة ساعة كل يوم لحرق السعرات الفائضة عن حاجة أجسامنا وللحفاظ على لياقتنا وصحتنا، عدا عن ألعاب ابتكرناها ونمارسها كأسرة داخل المنزل والتي من شأنها تقوية العلاقات الأسرية والصحة العامة لنا".
وتشرح سارة عدة طرق يستطيع فيها المرء حرق السعرات الحرارية دون الحاجة للخروج من المنزل مثل، صعود السلالم والهبوط منها لمدة 10 دقائق، ومكافأة الفائز، ثم زيادة المدة بإضافة دقيقة واحدة كل يوم إلى أن تصبح نصف ساعة. أو حمل أي شيء ذو وزن عدة مرات بدلاً من الأثقال في الصالات الرياضية، أو القيام بأي تمرين جهد يزيد من ضربات القلب لبناء العضلات وتقوية نظام المناعة.
كما أن إلغاء متابعة صفحات الطبخ وصناعة الحلويات والمعجنات على انستغرام وفيسبوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي واستبدالها بأخرى تحث على ممارسة أنواع مختلفة من التمارين الرياضية، وخاصة المنزلية منها شيء حان الوقت للعمل به.
وهناك طرق ووسائل سهلة وبسيطة لا تحصى على موقع يوتيوب تشرح التمارين المخصصة لكل جزء من أجزاء الجسم.
أهداف معقولة
إن الأهداف الواقعية والقابلة للتحقيق تعزز ثقة الأشخاص في قدرتهم على الاستمرار في إنقاص أوزانهم وبالتالي نجاحهم في تحقيق ذلك.
ووفقاً لخدمة الصحة الوطنية البريطانية، فإن خسارة ما بين 500 -900 غرام أسبوعياً، هو هدف صحي وآمن وقابل للتحقيق ويبعد احتمال الإصابة بأمراض كارتفاع ضغط الدم ومرض السكري من الدرجة الثانية.
ولا يُنصح بفقدان أكثر من ذلك خلال أسبوع واحد لضمان السلامة والصحة العامة.
هدف اجتماعي
وتوضح أختصاصية التغذية آيسون كفانج، إنه عادة لا يُقبل الناس على الالتزام بخطط إنقاص أوزانهم من أجل أهداف بعيدة المدى (الصحة العامة)، لذلك، لا بد من الاهتمام بالعامل النفسي وحث الذات وإقناعها بأن ما يقومون به هو لتحقيق هدف آخر، مثل عدم الشعور بضيق التنفس أثناء صعود السلالم، أو اللعب مع أطفالهم أطول فترة ممكنة لئلا يستسلموا ويقلعوا عن تلك الممارسات لاحقاً.
ولا يساعد تغيير نوع وكمية الطعام المتناول في إنقاص الوزن فحسب، بل يحسن المزاج العام والصحة العامة وخاصة في ظل تفشي فيروس كورونا الذي أدى إلى تجنب الناس الذهاب إلى المراكز الصحية خوفاً من العدوى.
الوصول الى نظام غذائي صحي
- حدد مسبقاً ما ستتناوله خلال اليوم أو الأسبوع ودوّنها في قائمة التسوق.
- إبدأ يومك بإفطار صحي وخفيف ولا تتخلى عنه. تناول ثلاث وجبات منتظمة ومتوازنة في اليوم وراقب الكمية. ولا تتناول ما بين الوجبات إلا إذا شعرت أنك جائع حقاً.
- تناول الفاكهة والخضروات بدلاً من قطع الحلويات التي يدخل في صنعها الكثير من السكر والسمنة.
- ليكن نصف طبقك مكوناً من السلطات والقسم الآخر إما قطعة لحم أو سمك أو بيض أو فول مع كمية أقل من الأطعمة النشوية مثل البطاطس أو الأرز أو المعكرونة أو الخبز.
- تخفيف كمية تناولك للعصائر أو الكحول لأنها تحتوي على سعرات حرارية عالية.
- عدم تناول الطعام في نفس الوقت الذي تقرأ فيه أو تشاهد التلفاز، لأن ذلك يؤدي إلى التهام الطعام بكميات أكبر.
- امضغ الطعام ببطء، وركز على شعورك بمذاقه، واشرب لترين من السوائل يومياً، وتجنب الكافايين والمياه الغازية قدر المستطاع.
- وأخيراً، يحتاج عقلك إلى بعض الوقت حتى يدرك أن معدتك باتت ممتلئة، لذلك انتظر مدة تتراواح ما بين 15 إلى 20 دقيقة على الأقل قبل أن تقرر أنك بحاجة إلى المزيد من الطعام.
هذه نصائح عامة من هيئة الصحة الوطنية البريطانية حول كيفية مراقبة وزنك وصحتك.
حان الوقت لتغيير عاداتك
تنصح سارة وكفانج بتغيير النشاطات اليومية نحو الأفضل ولكن بشرط أن يتم ذلك على مراحل لتجنب إيذاء جسدك إلى أن يصبح ركناً من برنامجك اليومي.
كما أن استبدال عاداتك السابقة بأخرى أكثر صحية، مثل الوقوف بدلاً من الجلوس أثناء المكالمات الهاتفية، والصعود على السلالم بدلاً من المصعد الكهربائي.
وتوضح أن مراقبة الأشخاص لأوزانهم عن طريق تدوين ما حققوه كل أسبوع ينبههم ويحثهم على الاستمرار.
وتحذر كفانج من الانزلاق نحو تناول الطعام بشراهة في المناسبات الاجتماعية بالقول: " لا تعد إلى عاداتك القديمة ولا تضيع ما حققت من إنجازات بسبب مناسبة عابرة، بل تذكر الجهد الذي بذلته من قبل لتحقيق النتيجة المرجوة واستمر في ذلك".
وقد تساعد كتابة ملصقات تذكيرية ووضعها في أماكن وجود الطعام البعض في التحكم بكمية الطعام والمقبلات التي يتناولونها، كأن تضع ملصقاً على الثلاجة تقول – لا تأكل بل أشرب – أو عليك حرق السعرات التي تناولتها الآن – أو أي نصيحة قد تذكر صاحبها وتردعه عن الإقبال على تناول الطعام بشكل عشوائي.
وتذكر أن صحتك خط أحمر، ولا تجعل نفسك تحت تأثير الأصدقاء الذين يحثونك على تناول المزيد من الطعام في المناسبات الاجتماعية، وحدد من يمكنه مساعدتك وتواصل معهم.
وأخيراً، يعتبر اعتماد هدف إنقاص الوزن كأسلوب حياة ناجحاً أكثر من أن يكون مجرد هدف عابر لمرحلة مؤقتة أو مناسبة معينة.
وتنصح كفانج الأمهات والآباء بأن يكونوا قدوة يقتدى بهم الأبناء للحفاظ على صحتهم وصحة أسرهم.