jo24_banner
jo24_banner

إصلاح منظومة الضمان الإجتماعي حتى لا يصبح خيارًا مُرّا

إصلاح منظومة الضمان الإجتماعي حتى لا يصبح خيارًا مُرّا
جو 24 :
كتب أنس ضمرة - لا يختلف اثنان في الحديث عن محركات الاقتصاد وتنشيط بيئة الأعمال أن تخفيض كلف الإنتاج هي واحد من أهم محفزات النمو والاستثمار في أي بلد حول العالم، هذه التكاليف تبدأ بمدخلات الإنتاج والرسوم والضرائب ولا تنتهى بتكاليف العمالة والتشغيل.

في الأردن وفق اخر تعديل لقانون الضمان الإجتماعي والذي جاء برفع نسبة الاقتطاع من العامل وصاحب العمل على مدار السنوات (2015،2016،2017) لتصل النسبة اليوم إلى 21.75% بحيث تتكفل المؤسسة بدفع ما نسبته 14.25% من راتب العامل، ويتكفل العامل بدفع ما نسبته 7.50% كرسم اشتراك شهري للضمان الإجتماعي.

من المتفق عليه ايضا ان الضمان الاجتماعي هي مؤسسة وطنية وتقوم بدور مهم في توفير الحماية الاجتماعية للأردنيين، سواء في التعطل عن العمل او اجازة الامومة او التقاعد، لكن نسب الاشتراك المرتفعة هذه تجعل التهرب من الاشتراك في الضمان الاجتماعي سبيل لتخفيض التكاليف وخاصة على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والمهن المساندة، او العاملون لحسابهم الخاص، او حتى العاملون بشكل مستقل.

لم تنجح محاولات مؤسسة الضمان التاريخية بإقناع الاردنيين في الانضمام تحت مظلتها، وهذا تبين في الأزمة الأخيرة بعد اشتراط حصول الموظفين على تصريح تنقل بأن يكونوا مسجلين في الضمان الاجتماعي، هذا يعني ان عدد كبير من العمال في الأردن غير مشتركين، ولا ينوون الأشتراك.

الحكومة اليوم قررت إصلاح قطاع العمل غير المنظم - وهذا مطلوب - في وقت يعاني فيه العمال من ازمة استثنائية سلبت مدخراتهم، لكن التوقيت الذي اختارته الحكومة اليوم يؤشر على عجزها والحكومات السابقة عن اقناع العاملين او أصحاب العمل بالاشتراك في مظلة الضمان الاجتماعي بشكل طوعي، أو حتى بان يكون مقرون في الحصول على التراخيص للمهن بالحصول على تسجيل - ولو بشكل مؤقت او بفترة سماح - في الضمان الاجتماعي.

المطلوب اليوم هو إعادة النظر بنسب اقتطاع الضمان الإجتماعي، لما يشكله من ضغط كبير على أجور العمال، لا سيما مع قانون ضريبة الدخل الجديد، والذي رفع نسبة اقتطاعه ايضا من الموظفين، وبالتالي تأكل جزء كبير من الأجور، وضغط على المؤسسات المشغلّة بنسبة اقتطاع 14.25% من أجر العامل.

هذا التخفيض من شأنه ان يخفض تكاليف التشغيل أولا، ويحفز القطاعات المشغلة للعمالة للتوسع في تشغيل العمال والحد أيضا من المخالفات المتعلقة بعدم شمول العمال بمظلة الضمان الإجتماعي.

وفقا لدائرة الإحصاءات العامة فإن معدلات الرواتب في الاردن تبلغ بحدود الـ 500 دينار، هذا يعني أن الشركة تدفع عن العامل لصالح اشتراكه بالضمان الاجتماعي 855 دينار سنويا، ويدفع العامل 450 دينار، ما يميز هذا الاقتطاع بأنه نسبة مقطوعة على كافة الأجور دون وجود شرائح، فيدفع صاحب الحد الادنى من الاجور نفس النسبة الذي يدفعها موظف براتب 3 الاف دينار.

إن إضافة نظام الشرائح بحيث يتم تخفيض نسب الاقتطاع على الأجور بثلاث شرائح مثلا من شأن ذلك تخفيض التكاليف على المشاريع الناشئة أو المصانع والشركات التي تحتاج لعمالة بعدد كبير او الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، وهذا من شأنه تحفيز الإنتاج والنمو في الاقتصاد الوطني، كما أنه يساهم في هدف المؤسسة بتوفير الحماية الاجتماعية بعدالة.

المشكلة في الممارسات الخاصة بأنشطة ممارسة الأعمال في الأردن بانها لا تنظر لبيئة الأعمال بشمولية، لم تقدم الحكومات المتعاقبة حزمة شاملة لتحفيز نمو الشركات بتعديلات شملت كافة المعطيات مثل نسب اشتراك الضمان الاجتماعي أو قانون ضريبة الدخل، او الرسوم والجمارك أو مدخلات هذه الشركات، بينما تأتي المحفزات بالقطعة، وقد تتعارض مع بعضها في كثير من الأحيان.
ومؤسسة الضمان الإجتماعي ايضا مطالبة بإعادة النظر في المزايا التامينية الخاصة بالمشتركين تحت مظلتها، وخاصة بند التعطل عن العمل الذي يحكمه عدد من الشروط يجعل الاستفادة منه في حدود متوسطة، سواء بعدد الاشتراكات او بالاجر الذي تصرفه المؤسسة للمتعطل عن العمل.

واذا ما نوت الحكومة إصلاح منظومة الضمان الإجتماعي يجب عليها التأكد من قدرة المؤسسة على الاستمرارية والوفاء بالتزاماتها مستقبلا وان لا تساهم هذه الأصلاحات في تعثر المؤسسة، بحيث يجب اعادة النظر في الية احتساب الرواتب التقاعدية وصندوق الاستثمار، إلى جانب نسب الاقتطاع من المؤسسات والعمال، لضمان بقاء مؤسسة وطنية تقدم حماية اجتماعية حصرية للعمال في الأردن.

بعد جائحة كورونا يجب النظر لبيئة الأعمال في الأردن بعين شمولية جديدة للحفاظ على استقرارها وعدم تضخم أرقام البطالة التي وصلت إلى 19.2% قبل جائحة الكورونا، وهذا السبيل الوحيد، بإعتبار أن الحكومة لن تتمكن من توظيف المتعطلين عن العمل وحدها، والقطاع الخاص شريك أساسي في هذه العملية مما يستوجب حتما تقديم هذا النوع من الدعم المستحق للقطاعات المشغلّة للعمالة.

 
تابعو الأردن 24 على google news