نقل البيانات بسرعة الضوء.. باحثة مصرية تحل مسألة عمرها 50 عاما في الفيزياء
تمكّن فريق بحثي أوروبي مشترك من هولندا وألمانيا والنمسا، بمشاركة رئيسية من باحثة مصرية، من إعادة هيكلة ذرات السيليكون والجيرمانيوم المستخدمة في الشرائح الإلكترونية بحيث تكتسب خواص ضوئية، ما يمكّن من استخدامها في تطبيقات إرسال واستقبال البيانات بسرعة الضوء مع استهلاك أقل للطاقة.
تقول إلهام فضالي، الباحثة في جامعة أيندهوفن التقنية بهولندا والمؤلفة الرئيسية المشاركة مناصفة في هذه الدراسة، في تصريح للجزيرة نت "أحد العوامل الرئيسية المحددة لقدرات الشرائح الإلكترونية هو الحرارة الناتجة عن المقاومة التي تواجهها الإلكترونات عند السفر عبر الخطوط النحاسية التي تربط الترانزستورات المثبتة عليها".
توجد تلك الشرائح الإلكترونية في معالجات كل الحواسيب التي نعرفها، بداية من هاتفك الذكي وحاسوبك المحمول، ووصولا إلى الأجهزة الأكثر دقة والتي تدير المصانع ومحطات الطاقة وبيانات المستخدمين على وسائل التواصل.
وأوضحت فضالي عبر اتصال مع الجزيرة نت أن تلك الشرائح تتكوّن بالأساس من شرائح السيليكون والجيرمانيوم التي ترتبط معا بوصلات نحاسية، وتتميز تلك المواد بأنها متوفرة ورخيصة نسبيا، كذلك فإن صناعة الإلكترونيات أصبحت أكثر خبرة ودقة في التعامل معها.
إرسال البيانات بسرعة الضوء بدلا من النقل المعدني يرفع قدرات الشرائح أكثر من ألف مرة مع الحفاظ على درجة الحرارة(بيكسابي) |
لكن المشكلة كانت دائما الحاجة إلى تطوير تلك الشرائح لتمتلك خصائص ضوئية، وبذلك يمكن تطوير تكنولوجيا ليزرية خاصة بها بحيث تنقل البيانات، لا عبر الأسلاك النحاسية ولكن كإشارات ضوئية، الأمر الذي يمكن أن يسهم في التخلص من مشكلات الحرارة والتكاليف المحيطة بها.
وكانت هناك نظرية سابقة عمرها أكثر من 50 عاما في الفيزياء تشير إلى أن شرائح السيليكون والجيرمانيوم، التي تتخذ بنية مكعبة الشكل، يمكن أن تكتسب خصائص ضوئية إذا أعيد بناؤها لتكون سداسية الشكل.
الأمر الذي عمل هذا الفريق البحثي على تطويره بداية من عام 2015، وتمكّن بالفعل من ذلك، كما جاء في نتائج دراستهم التي صدرت يوم 8 أبريل/نيسان الجاري بالدورية المرموقة "نيتشر".
تقدم كبير
وتقول فضالي إن إرسال البيانات بسرعة الضوء بدلا من النقل المعدني، يرفع قدرات الشرائح أكثر من ألف مرة مع الحفاظ على درجة الحرارة، وتضيف أن هذا الأمر يفتح الباب لتقدم كبير في معالجة البيانات مع رفع الكفاءة وانخفاض التكاليف.
وتوضح أنه على سبيل المثال يمكن أن يساهم ذلك في تطوير المستشعرات البيولوجية الموجودة في الاختبارات المعملية بحيث تكتسب خصائص ضوئية، الأمر الذي يمكن بدوره أن يطوّر من هذا النطاق.
من جهة أخرى، يسهم هذا التطوير الأخير في إضافة مهمة لتقنيات "الليدار" (Lidar)، التي تشبه تقنيات الرادار اللاقط لحركات السيارات على الطرق، لكن مع استبدال الموجات الصوتية بأخرى ضوئية، الأمر الذي سيطور تلك الخدمات في مستقبل توجد فيه أعداد أكبر من السيارات ذاتية القيادة.
وعلى مدى عقود طويلة، كان إكساب السيليكون خصائص ضوئية بمثابة المعجزة في صناعة الإلكترونيات الدقيقة، وتأمل فضالي ورفاقها من جامعة أيندهوفن أن تساعد تلك النتائج الجديدة الخاصة بهم في قفزات مستقبلية مهمة لعالم الحوسبة.
ثم انتقلت فضالي حديثا لتصبح طالبة دكتوراه في السنة النهائية في جامعة أيندهوفن، وهذه هي ثالث أوراقها البحثية المحكمة دوليا.