الصحة و اليونيسف تحذران من أثر تعطيل التطعيم على صحة الأطفال
-بينما ينتظر العالم بشدة لقاح لكوفيد-19، تستمر الجائحة بالانتشار في جميع أنحاء العالم. وبحسب بيان صادر عن اليونيسف، يواجه ملايين الأطفال خطر فقدان اللقاحات المنقذة للحياة ضد الحصبة والدفتيريا وشلل الأطفال بسبب توقف عمليات التحصين. هذا ما حذرت منه أيضا منظمة الصحة العالمية مع بداية أسبوع التمنيع العالمي.
وفي آخر إحصاء، علقت معظم البلدان حملات واسعة النطاق ضد شلل الأطفال، وأجّلت 25 دولة حملات تطعيم جماعية ضد الحصبة.
وتوضح الوكالة الأممية المعنية بالصحة أنه عندما تتعطّل خدمات التمنيع أثناء حالات الطوارئ، حتى وإن كان ذلك لفترات قصيرة، "يزداد خطر حدوث فاشيات الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، مثل الحصبة وشلل الأطفال”.
وعلى سبيل المثال فإن فاشية مرض الحصبة الفتاك التي شهدتها جمهورية الكونغو الديمقراطية العام الماضي، والتي أودت بحياة أكثر من 6000 شخص في بلد يواجه أصلا أكبر فاشية من فاشيات مرض فيروس إيبولا، تبرز أهمية الحفاظ على الخدمات الصحية الأساسية، مثل التمنيع، في حالات الطوارئ.
وتؤكد منظمتا اليونيسف والصحة العالمية أن حدوث المزيد من فاشيات الأمراض سيؤدي إلى إرهاق النظم الصحية التي تتصدى بالفعل لآثار جائحة كوفيد-19.
وتوضح منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنه حتى قبل جائحة كوفيد-19، كانت الحصبة وشلل الأطفال وغيرها من اللقاحات بعيدة المنال لـ 20 مليون طفل دون عام من العمر، كل عام.
وقال روبين ناندي، المستشار الرئيسي لليونيسف ورئيس قسم التحصين، "إن المخاطر لم تكن أعلى من ذلك قط. ومع استمرار انتشار كوفيد-19 على الصعيد العالمي، فإن عملنا المنقذ للحياة القاضي بتزويد الأطفال باللقاحات أمر بالغ الأهمية”، مشددا على أن اضطرابات خدمات التحصين بسبب الجائحة تعلق مصائر الملايين من الشباب الصغار.
وفي بيانها أشارت اليونيسف إلى أن أكثر من 13 مليون طفل دون عام من العمر، على مستوى العالم، لم يتلقوا أي لقاحات على الإطلاق في عام 2018، ويعيش العديد منهم في بلدان ذات أنظمة صحية ضعيفة.
وتثير فاشيات شلل الأطفال والخناق والحمى الصفراء قلقا بالغا، لاسيما في البلدان الأقل قدرة على الاستجابة بشكل سريع وحاسم للفاشيات المستجدة، كما حدث أثناء طوارئ سابقة، مثل فاشية شلل الأطفال التي شهدتها سوريا في عام 2013.
وبالنظر إلى الاضطرابات الحالية، يمكن أن يسهل هذا حالات تفشٍ وخيمة في عام 2020 وما بعده.
وتعمل منظمة الصحة العالمية مع الشركاء في العالم أجمع من أجل تسريع وتيرة البحث لاستحداث لقاح مأمون وفعال وضمان إتاحته على نحو منصف لمليارات الأشخاص الذين سيحتاجون إليه.
ولكن مهما تمّ تسريع عملية تطوير لقاح ضد مرض كوفيد-19، فإنها ستستغرق وقتا طويلا. ومن الضروري أن نتخذ الآن تدابير وقائية لحماية أنفسنا من الأمراض، بما فيها الأمراض التي تتوفر لها لقاحات تجعل الأطفال والبالغين في مأمن منها.
وفي هذا السياق، قال الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إنه عندما تتوفر لدينا لقاحات مأمونة وفعالة كفيلة بحمايتنا ضد فاشيات الأمراض، يجب ألا تشكل هذه الأخيرة تهديدا على صحتنا.
وأضاف قائلا: "بينما يسعى العالم جاهدًا إلى استحداث لقاح جديد ضد مرض كوفيد-19 في وقت قياسي، يجب ألا نجازف بخسارة المعركة التي نخوضها من أجل حماية الجميع في كل مكان ضد الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات. فهذه الأمراض ستظهر من جديد إذا توقّفنا عن التطعيم.”
وأفاد تحليل صادر عن اليونيسف أن ما يقدر بنحو 182 مليون طفل فقدوا الجرعة الأولى من لقاح الحصبة بين عامي 2010 و2018، أو 20.3 مليون طفل سنويا في المتوسط. وذلك لأن التغطية العالمية للجرعة الأولى من الحصبة تبلغ 86 في المائة فقط، أي أقل بكثير من 95 في المائة اللازمة لمنع تفشي الحصبة.
وقد أدى اتساع رقعة المناطق التي تخلف فيها الأطفال عن التحصين إلى تفشي مرض الحصبة في عام 2019، بما في ذلك في البلدان ذات الدخل المرتفع مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.
ويعد شلل الأطفال أحد الأمراض التي تم القضاء عليها بشكل كامل تقريبا في العالم. وهو موجود فقط في باكستان وأفغانستان، حيث يعمل العاملون الصحيون بجد لتلقيح أكبر عدد ممكن من الأطفال.
وزار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش باكستان في شباط/فبراير 2020 حيث أشاد بجهود الحكومة في التطعيم، مطلقا رسميا حملة شلل الأطفال على المستوى الوطني من مدرسة في لاهور.
وقال الأمين العام إن "شلل الأطفال هو أحد الأمراض القليلة التي يمكننا القضاء عليها في العالم في السنوات القليلة المقبلة”.
ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، تلعب اللقاحات دورا محوريا في القضاء على وفيات الأطفال التي يمكن الوقاية منها ويمكن أن تنقذ ملايين الأرواح.
مع تسابق العالم لتطوير واختبار لقاح جديد لكوفيد-19، تدعو اليونيسف وشركاؤها في مبادرة الحصبة والحصبة الألمانية وغافي، تحالف اللقاحات، الحكومات والجهات المانحة إلى:
الحفاظ على خدمات التحصين في ظل الحفاظ على سلامة العاملين الصحيين والمجتمعات المحلية؛البدء بالتخطيط لزيادة التطعيمات لكل طفل تخلف عنها، عند انتهاء الجائحة؛تجديد غافي بالكامل، إذ إن يدعم التحالف برامج التحصين في المستقبل؛تأكد من أنه عندما يتوفر لقاح كوفيد-19، أن يصل إلى من هم في أمس الحاجة إليه.
وشدد د. سيث بيركلي، الرئيس التنفيذي لشركة غافي، تحالف اللقاحات، على أنه"لا ينبغي للأطفال الذين يتخلفون عن اللقاحات الآن أن يمضوا حياتهم كلها دون حماية من المرض”، مضيفا أنه يجب ألا يتضمن إرث كوفيد-19 عودة ظهور "القتلة الآخرين” مثل الحصبة وشلل الأطفال.