بطلة تيك توك في قبضة الأمن المصري.. أزمة مشاهير التواصل مع القيم
قبل عشر سنوات من الآن، لم يكن لصناع المحتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذا القدر من الشهرة وإثارة الجدل، لكن اليوم وبعد أن حقق بعضهم شهرة كبيرة ومكاسب مادية فاقت التوقعات، بات هؤلاء أمرا واقعا، حتى لو لم يقدموا محتوى حقيقيا، لا سيما أن متابعيهم يتجاوزون الملايين، فأصبح ظهورهم مؤثرا، وأخبارهم تحدث ضجة عبر مواقع التواصل.
تزامنا مع العزل المنزلي، وتحديدا في أبريل/نيسان الجاري، انتشرت مقاطع فيديو لطالبة جامعية عبر تطبيق تيك توك، لم تكن الفتاة سوى واحدة من ملايين المستخدمين حول العالم، لكنها نجحت في إثارة الجدل حول ما يقدمه المؤثرون وصناع المحتوى عبر الشبكات الاجتماعية، إذ كان المحتوى أكثر استفزازا للمتابعين.
حنين حسام، طالبة بكلية الآثار جامعة القاهرة، من مواليد عام 2000، من رواد موقع ميوزيكلي قديما الذي اشتراه موقع تيك توك فيما بعد، وكانت واحدة من مستخدميه وحظيت بشهرة واسعة من خلال التطبيق الذي زادت شهرته منذ بداية الحجر المنزلي إثر فيروس كورونا.
يتابع حنين أكثر من مليون شخص، وتصف نفسها ممن حملوا التطبيق على أكتافهم على مدار السنوات الأربع الماضية، حتى أصبحت من المشاهير، إذ تصف نفسها "هرم مصر الرابع".
تخاطب حنين المراهقين والشباب بمقاطع فيديو قصيرة تقدم الأغاني والرقص، وأحيانا تتطوع بتقديم معلومات عامة وتاريخية التي تحمل الكثير من الأخطاء، وحسب منتقديها، فإنها ربما تتحدث عن جهل بتلك الموضوعات، أو أنها تتعمد ذلك لإثارة الجدل وبحثا عن الشهرة، لا سيما أن تلك الأخطاء كانت سببا في شهرتها بين جمهور فيسبوك وإنستغرام خلال الشهور الأخيرة.
لكن هناك جانب آخر لا يمكن إغفاله عن فتاة شابة بدأت علاقتها مع التواصل الاجتماعي أثناء فترة مراهقتها، وهو الصورة التي تظهر بها، فبحسب منتقديها هي فتاة محجبة تتعمد الإغراء والظهور بصورة مثيرة في الملابس والحركات والأداء أمام الكاميرا.
بدأت الأزمة حينما نشرت حنين عبر حسابها على موقع إنستغرام دعوة للفتيات للربح من المنزل أثناء فترة العزل المنزل، عن طريق وكالة افتتحتها على أحد المواقع، تستهدف فتيات تزيد أعمارهن على 18 عاما من خلال هذه الوكالة عن طريق فتح غرف محادثة مع المستخدمين، على أن تصبح الفتاة مذيعة من منزلها.
بحسب حنين، فإن المكاسب المادية ستبدأ من 36 دولارا وقد تصل إلى ثلاثة آلاف دولار، وأكدت أن المذيعة المنزلية ستقدم محتوى وصورة محترمة لجمهورها المتوقع، وتكوين صداقات معهم.
بعد هذه الدعوة نشرت فتاة أخرى تدعى أميرة المغربي مقطع فيديو عبر قناتها على موقع يوتيوب بعنوان "دعارة حلال"، تحدثت فيه عن التطبيقات والمواقع التي تدعو لها حنين، وأنها تعرضت لها منذ فترة واكتشفت أن الأمر أقرب إلى الدعارة وأنها تركت هذه التطبيقات على الفور، واتهمت حنين بمحاولة تسهيل الدعارة.
عقب هذا الفيديو بأسابيع قليلة أحالت جامعة القاهرة حنين إلى التحقيق، وهو التحقيق الذي جرى تحويله للنيابة العامة وما زالت التحقيقات جارية حتى اللحظة، عقب تجديد حبسها لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات، واتهامها بالاعتداء على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري، وإنشائها وإدارتها واستخدامها مواقع وحسابات خاصة عبر تطبيقات للتواصل الاجتماعي بشبكة المعلومات الدولية بهدف ارتكاب وتسهيل ارتكاب تلك الجريمة.
ليست الأولى
لم تكن حنين حسام هي الأولى من باحثي الشهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تثير ضجة كبيرة، فقبل حادثتها بأيام جرى القبض على مجموعة من مشاهير تطبيق تيك توك أبرزهم فتاة تدعى مودة الأدهم، وذلك لاختراقها قرار حظر التجول الذي فرض بغرض الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، وكانت التهمة الموجهة لها هي خرق قرار حظر التجوال، والدعوة للنزول وقت الحظر عن طريق تصوير فيديوهات خلال أوقات الحظر بالشارع.
وخلال العام الماضي أثيرت ضجة كبيرة بسبب الثنائي أحمد حسن وزوجته زينب محمد بعد أن عرضا فيديوهات لطفلتهما الرضيعة، واتهمهما الكثيرون باستغلال ابنتهما لغرض الشهرة وبقصد كسب الأموال من خلال هذا الأمر، في الوقت الذي أعلن فيه أحمد حسن بأن دخله الشهري من نشر الفيديوهات لا يقل عن 35 ألف دولار شهريا إلى جانب أرباح الحملات الإعلانية، وبالنهاية رفعت دعوى قضائية ضدهما بتهمة نشر الفسق والفجور والفعل الفاضح العلني، مما اضطر الثنائي للهرب من مصر والإقامة بإحدى الدول الخليجية.
الحدود السيبرانية
وحتى الآن ما زال التحقيق مستمرا في قضية حنين حسام، إلا أن النيابة العامة في مصر أصدرت بيانا حول التحقيقات، مؤكدة أنها "استحدثت لمصر حدودا رابعة خلاف البرية والجوية والبحرية وتؤدي بنا حتما إلى تغييرات جذرية في سياسة التشريع والضبطيات الإدارية والقضائية، حيث أصبحنا أمام حدود جديدة سيبرانية مجالها المواقع الإلكترونية، مما يحتاج إلى ردع واحتراز تام لحراستها كغيرها من الحدود".
ووجهت النيابة في بيانها الخطاب لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من الشباب والبالغين، أن يسهموا بدورهم الفاعل في معاونة أجهزة الضبط القضائية والإدارية لحراسة تلك الحدود المستحدثة التي تضم ملايين المواقع، مما لا يتسنى حصر الضار منها وما فيه من شرور، ورفع للقيود، وتستر وراء شخوص مستعارة وحقائق مزيفة، إلا بوعي شامل وتفاعل متكامل من كافة طوائف المجتمع.
ما زالت قضية حنين حسام بين يدي القضاء المصري، لتصبح نسخة مكررة لمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين يثيرون الجدل دون محتوى حقيقي. لتصنع الخلاف بين الجمهور هل هي مراهقة لا تدرك ما تقوم به؟ أم باحثة عن الشهرة بطرق غير مشروعة وقد أخذت الجزاء المناسب؟