وكُلُوا واشربوا ولا تسرفوا
د. نبيل الكوفحي
جو 24 :
...
ليست الحكمة من الصيام الجوع والعطش والحرمان من الملذات، ولكنها كانت التقوى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ).
من يعوض صيام نهاره بالإسراف بالطعام والشراب؛ فقد فاتته تلك الحكمة، وفي ذلك مخالفة صريحة للتوجيه الرباني ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾. لنتذكر اولا حكمة الصيام، ثم لنتذكر الفقراء والمساكين والمحرومين والمشردين؛ فكم هم بحاجة لمثل ذلك الطعام الزائد.
الاعتدال هو الأصل، وشكر النعم يكون بالحفاظ عليها، وأداء حق الله فيها بالزكاة والصدقة، خاصة في مثل هذا الشهر، الذي وصف فيه سيدنا ( ... وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وأجود ما يكون في رمضان). تلك الفريضة التي ربطت في فريضة الصلاة في معظم آيات القران الكريم (واقيموا الصلاة واتوا الزكاة).
واذا كان لدينا احيانا ما يستدعي التنويع والزيادة - كدعوة افطار- فلنعلم ان هناك من هم بحاجة لمثل هذا الطعام، فلا ترميه "بالزبالة" وكثيرة هي الجمعيات. والأشخاص الذين يتولون مهمة إيصال الطعام للمحتاجين، فابحث عنهم واتصل بهم ولك الاجر ان شاء الله.
هذه دعوة لنا جميعا: بتوفير الموارد المحدودة وخاصة الغذاء، فالموارد لنا جميعا،
وهي تذكير بحرمة التبذير ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِين ),
وهي نصيحة بعدم تصوير موائد الطعام ونشرها على وسائل التواصل، فهناك أطفال لا يجدون فتات بعض الموائد
وهي رسالة ايضا لأصحاب المطاعم (التي ستفتح) بالتنسيق مع الجمعيات في توزيع فائض وجباتهم التي غالبا تذهب للإتلاف،
وهي دعوة للشباب في كل حي وبلدة للقيام بأنشطة عمل الخير في توزيع الطعام للمحتاجين، فتعود عليهم بالأجر. هذه ذكرى ( وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين)
وتقبل الله صيامكم وصدقاتكم وبارك لكم في أرزاقكم.