كيف يمكن حماية مرضى الربو من العدوى بفيروس كورونا؟
أثبت فيروس كورونا أن لا أحد ولا مكان في هذا العالم بمنأى عن هذا الخطر الداهم الذي حوّل الكرة الأرضية برمتها إلى قرية معزولة وجعل كبرى الدول تقف عاجزة أمام خطورة وسرعة تفشيه. وتتسابق كبرى شركات ومخابر الأدوية في العالم إلى إنتاج اللقاح المناسب بالتزامن مع تسريع اكتشافات الكشف عن هذا الفيروس الغامض الذي بات ينتقل من أشخاص يحملونه قبل أن تظهر عليهم أي أعراض أو بدون أن تظهر عليهم أي أعراض للإصابة به على الإطلاق.
وكشفت عديد التقارير بأن مناعة الإنسان هي الفيصل الأساسي في محاربة هذا العدو الخفي. ولعل التساؤل الأهم الذي يؤرق شرائح عديدة هو مدى زيادة خطورة العدوى بهذا الفيروس لدى مرضى الربو مقارنة بالأشخاص العاديين وما هي أساليب الوقاية الإضافية؟
زيادة الخطورة
يرى د. عبد العزيز مثلوثي، الأخصائي التونسي في أمراض الجهاز التنفسي، في حديثه لـ "القدس العربي” أن مخاوف مرضى الربو والأطباء المباشرين لهم من حدوث أي عدوى بفيروس كورونا مشروعة ومفهومة نظرا لعديد النقاط والعوامل لعل أهمها أن نسبة مرضى الربو عبر العالم ليست بالهينة وتتراوح من 7 إلى 10 في المئة من بلد إلى آخر. موضحا بأن مرض الربو في حالاته القوية والخارجة عن التحكم يضعف المناعة ويضعف دفاعات الجهاز التنفسي في مواجهة الالتهابات والاحتقانات. مشيرا إلى أن الفيروسات بجميع أنواعها تستطيع أن تحدث تشنج الربو وتزيد في حدة أعراضه وعلاماته.
وأوضح أن علاج الربو يرتكز في أغلب الحالات على أدوية موضعية مثل البخاخ وتحتوي في معظمها على مادة الكورتيزون ومادة الكورتيزون معروفة بأنها تضعف مناعة الإنسان عندما تؤخذ لفترة طويلة. لكن هذا التأثير السلبي متأكد فقط عندما يؤخذ الكورتيزون عن طريق حبوب أو عن طريق الحقن. أما بالنسبة للعلاج الموضعي للربو فلم يتبين بأنه يضعف دفاعات الجهاز التنفسي أو أنه يضعف مناعة الشخص بل بالعكس، فهو ييسر استقرار الربو والتحكم فيه ويزيل التهابات القصبات الهوائية الناجمة على الحساسية والربو.
وحسب محدثنا فإن انتشار فيروس كورونا في هذه الفترة أي في فصل الربيع يتزامن مع ازدياد حالات الحساسية والربو المتأتية من لقاح الزهور، وهناك أعراض وعلامات مشتركة مع كورونا كالسعال الجاف، وضيق التنفس، والعطاس والرشح، ما يحدث نوعا من الخلط وشيئا من الهلع عند مرضى الربو وحتى لدى الأطباء المشرفين عليهم.
كيفية الوقاية
أما عن النصائح التي يقدمها الأخصائي التونسي لمرضى الربو للوقاية من فيروس كورونا وأساليب الوقاية الإضافية التي يجب ان يلتزم بها مرضى الربو فيوضح بالقول: "يجب على مريض الربو أن يتبع النصائح ويتخذ كل الإجراءات الوقائية المعمول بها لعامة الأشخاص. وكذلك عدم التوقف عن العلاج حتى وأن كان الربو متحكما فيه وأي تغيير في طريقة العلاج يجب ان تكون باستشارة الطبيب المباشر. فعندما يكون الربو مستقرا تكون دفاعات الجهاز التنفسي على ما يرام لمجابهة أي طارئ أو أي التهاب ناجم عن الفيروس. وكما أشرنا في السابق فان الكورتيزون الموضعي لا يخل بتوازن دفاعات الجهاز التنفسي أو بجهاز المناعة”.
وشدد مثلوثي على ضرورة التوقف عن العمل والتقيد التام بالحجر الصحي عندما يكون الربو غير متحكم فيه أو حالات الربو التي تعالج بحبوب أو أبر الكورتيزون وعند خروج الشخص من المنزل لأي سبب ومهما كانت المسافة التي سيقطعها أو الفترة التي سيقضيها خارج المنزل، يجب على مريض الربو أن يضع الكمامة الواقية وعدم لمس أي شيء. إضافة إلى غسل اليدين بالصابون عدة مرات وعدم لمس الوجه إذا كانت الأيدي غير معقمة.
وعن النظام الغذائي الأمثل لمرضى الربو أجاب: "ليس هناك غذاء معينا، لكن المفروض أن يكون الغذاء متوازنا وأن يمتنع مريض الربو عن التدخين وعن كل ما من شأنه أن يضر بالمعدة كالمأكولات الحارة، وأن يتناول عصائر توفر له الفيتامينات وخاصة الفيتامين ج مثل تناول عصير البرتقال أو حبة فيتامين "ج” بعد فطور الصباح. كذلك يجب أن يتجنب المريض كل ما من شأنه أن يساهم في تهيج الربو مثل الاستعمال المفرط في المواد المطهرة الكيميائية، والابتعاد عن الغبار، والمجاري الهوائية. وشدد على ضرورة الانتباه لكل العوارض والعلامات التي تظهر وإعارة الأهمية لكل عارض غير معتاد. إذ أن مريض الربو عادة ما يتعرف على علامات تهيج الربو الذي يلازمه منذ فترة ويجب أن ينتبه لكل علامة جديدة وغير معهودة ويمتنع عن تناول أي دواء إضافي قبل استشارة طبيبه المباشر.
وحول أهمية استمرار التواصل والتشاور مع الطبيب المباشر أوضح محدثنا: "أدعو الأخوة الأطباء إلى مزيد من الرأفة بالمرضى ومدهم بكل روابط الاتصال بهم (رقم الهاتف، شبكات التواصل الاجتماعي، العنوان الالكتروني…) وعدم التباطؤ في الرد عليهم”.
ويشير مثلوثي إلى أنه حسب ما اتضح من الدراسات والملاحظات الأولية منذ ظهور وباء فيروس كورونا المستجد، فإن نسبة الوفيات من بين المصابين بالربو لا تفوق بشكل واضح النسبة العامة للوفيات. وتبقى أقل من نسبة الوفيات عند الحاملين لأمراض مزمنة أخرى والمصابين بفيروس كورونا مثل السكري غير المنتظم، التهاب القصبات الهوائية المزمن، وقصور القلب وغيره.وكالات