2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

بين مسؤولية الأبناء والمرضى.. كيف يمر رمضان على الأمهات العاملات بالمجال الصحي؟

بين مسؤولية الأبناء والمرضى.. كيف يمر رمضان على الأمهات العاملات بالمجال الصحي؟
جو 24 :

بينما تحضّر أمٌّ طعام الإفطار لعائلتها في البيت، تقدم أخرى مصل الدواء لمريضها في المستشفى، وفي الوقت الذي تنظم أمٌ زينة رمضان مع أطفالها، تنظم أخرى فعاليات ترفيهية للمرضى الذين أنهكهم الألم وأبعدهم عن أحبابهم.

أمهات يقمن بدورهن أينما وجدن، لكن شهر رمضان الحالي مرّ ثقيلا على أخريات يعملن في المجال الصحي بعيدا عن عائلاتهن، والسبب فيروس كورونا.

"التمريض ليست مجرد مهنة، إنها حياة لي ولغيري". هكذا أجابت جمان القواسمي (27 عاما) من القدس المحتلة حين اقترح عليها البعض ترك مهنتها للبقاء مع طفلها زهير (عامان) إثر انتشار جائحة كورونا في المدينة.

تعمل القواسمي ممرضة في مشفى "شعاريه تصيدق" بالقدس منذ خمس سنوات، وتترك طفلها في عهدة والدتها يومين في الأسبوع، بواقع 12 ساعة عمل متواصلة في كل منهما، حيث كثف المشفى –بعد كورونا- ساعات العمل في أيام معينة لتقليل تنقل العاملين بين المشفى وبيوتهم.

 تعمل جمان القواسمي ممرضة في مشفى
تعمل جمان القواسمي ممرضة في مشفى "شعاريه تصيدق" منذ خمس سنوات(الجزيرة)
تعقيم لا ينتهي
تطول ساعات البعد تلك، فيجب على القواسمي أن تخوض إجراءات تعقيم طويلة عند الدخول والخروج من البيت والمشفى والسيارة، وأكثر ما يؤلمها هو تجنبها لطفلها الذي يفتح ذراعيه راكضا إليها حين تدخل البيت، فعملية التعقيم لم تنتهِ بعد.

تقول القواسمي للجزيرة نت "لا يعي طفلي ما هو كورونا، اعتاد أن يودعني راضيا وأنا أرتدي لباس التمريض الأبيض، لكنه حين تغيرت ألوان ملابسنا بسبب حالة الطوارئ يصرّ على مرافقتي، فأبرز له بطاقة التمريض ليفهم، ثم يلوح لي بكفيه الصغيرتين عبر النافذة حتى أغيب عن ناظريه".

أقبل رمضان على الممرضة وطفلها بعد فترة منهكة كانت وما زالت تحارب فيها بأكثر الأماكن عرضة لانتقال الفيروس، حيث تعيش في قلق مستمر من أن تصاب به أو تنقله لأحد.

فقد أخذت عينة قبل أيام من مريض مشكوك في إصابته بفيروس كورونا، ورفضت أن تعود إلى بيتها حتى تظهر نتيجة الفحص، وقفزت من الفرحة عندما علمت أنها سلبية.

توتر آخر أكبر استمر 14 يوما، حين خالطت القواسمي ممرضة في المشفى تبين إصابتها بالفيروس لاحقا، حيث تحتم على الأولى البقاء في الحجر المنزلي هي وطفلها أسبوعين.

كان الحجر فرصة لا تعوض للبقاء مع طفلها، لكن جزءا منه كان عصيبا بعد إصابة الابن بالإنفلونزا وخوف والدته من أن يكون كورونا هو السبب، ثم ما لبثت أنانتهت أربعة أيام من القلق بفرحة النتيجة السلبية.

 جمان وطفلها في الحجر المنزلي 14 يوما بعد مخالطتها ممرضة مصابة بكورونا، حيث جاء الفريق الطبي إلى بيتها وأجرى فحص كورونا لها ولطفلها(الجزيرة)
جمان وطفلها في الحجر المنزلي 14 يوما بعد مخالطتها ممرضة مصابة بكورونا، حيث جاء الفريق الطبي إلى بيتها وأجرى فحص كورونا لها ولطفلها(الجزيرة)
لا أذان أو أجواء رمضانية
تبدأ وردية القواسمي قبل أذان المغرب بوقت قصير أو تنتهي بعده، فتجد نفسها مضطرة تارة للإفطار في المشفى بعد الأذان بوقت بسبب تستلمها العمل والترتيبات المرافقة لذلك، أو تضطر تارة أخرى إلى تأجيل إفطارها ساعة كاملة حتى تصل إلى البيت وتنتهي من التعقيم.

يُمنع الاجتماع للإفطار أو الصلاة في المشفى، فيفطر ويصلي الصائمون فرادى متفرقين، وحدثتنا القواسمي عن ذلك وهي تحضر أكلة الكفتة بالطحينة.

فقد كان دورها هو تجهيز الإفطار لزميلاتها من الممرضات اللواتي يحاولن استشعار أجواء رمضان في المشفى قدر الإمكان.

وتؤكد القواسمي أنها تضطر للاتصال بوالدتها للتأكد من رفع أذان الفجر أو المغرب، فلا مسجد داخل أو قرب المشفى الإسرائيلي الذي تعمل فيه.

تتجول القواسمي بين غرف المرضى مرتدية زيها الأصفر والأزرق وكمامة وقفازات ملازمة، ولا تنكر أن ساعات العمل المكثفة والصيام منهكان جدا، لذلك تحرص على انتقاء أوقات العمل الليلية.

 تقولالقواسمي إنها تبكي أحيانا من شدة التعب، حتى أنها ذات مرة اضطرت لإجراء عملية إنعاش استمرت ثلاث ساعات بعد 11 ساعة عمل متواصلة.
 ممرضات في قسم غسيل الكلى بمشفى المطلع بالقدس المحتلة(الجزيرة)
ممرضات في قسم غسيل الكلى بمشفى المطلع بالقدس المحتلة(الجزيرة)
المكالمات المرئية هي البلسم
تضيف الممرضة الأمالقواسمي "أعود إلى البيت أحيانا ولا أستطيع اللعب مع طفلي من التعب، وأثناء عملي أتحدث معه عبر مكالمة مرئية أو يرسل لي تسجيلات صوتية، وحين أشتاق له في وردية الليل أخاف أن أوقظه فأكتفي بالنظر إلى صوره وإخبار زميلاتي عن شوقنا".
 
المكالمات المرئية والصوتية هي وسيلة التواصل الوحيدة أيضا بين رند شرباتي (28 عاما) وطفليها هشام (10 أعوام) وليث (6 أعوام)، فهي تعمل اختصاصية نفسية في مشفى المطلع (أوغستا فكتوريا) بالقدس المحتلة منذ أربع سنوات، وكانت هذه السنة هي الأقسى بينها.
 
تقدم شرباتي الإرشاد النفسي لنحو 150 مريضا في قسم غسيل الكلى، ويمتد عملها لثماني ساعات على مدى خمسة أيام أسبوعيا، لكنها تتضاعف أحيانا بسبب حالة الطوارئ إثر كورونا، حتى وصلت إلى مكوثهافي المشفى 14 يوما متواصلة من دون العودة إلى بيتها.
 رند شرباتي اختصاصية نفسية بمشفى المطلع بالقدس منذ 4 سنوات(الجزيرة)
رند شرباتي اختصاصية نفسية بمشفى المطلع بالقدس منذ 4 سنوات(الجزيرة)
14 يوما بعيدة عن أطفالها
تقول رند شرباتي للجزيرة نت إنها كانت تهيئ طفليها منذ بداية الجائحة وتحدثهم عن الفيروس وتجهزهم لأي احتمال.

وفي صباح 9 أبريل/نيسان الماضي حدث ما كانت تخشاه، حيث سُجلت خمس إصابات بمرض كورونا في مشفى المطلع، وبقيت شرباتي فيه 14 يوما، كي لا تنقل المرض لطفليها، ولا تترك المرضى في هذا الظرف العصيب.

لم تكن فترة حجر وراحة بالنسبة لشرباتي، بل كانت على رأس عملها حتى دخل عليها شهر رمضان وهي كذلك.

لا تنكر شرباتي أن طلبات طفليها من قبيل "ماما غادري واتركي العمل لغيرك، اهربي حين ينام الجميع"، جعلتها تفكر في أخذ إجازة طويلة، ولكن شيئا ما في عيون المرضى كان يمنعها، إضافة إلى أنها كانت تريد أن يراها طفلاها نموذجا للانتماء والعطاء، ويقتديان بها مستقبلا.

"بداية رمضان كانت صعبة، كنت ألهي نفسي وأحاول نسيان أنني في رمضان بعيدة عن مائدة إفطارعائلتي، حتى أنني كنت أتجنب السحور كي لا أستذكر كيف كنت أوقظ زوجي وطفليّ"، تشرح شرباتي حالة الهروب التي اتبعتها وتبيّن أنها حرصت على تشجيع طفلها الأكبر على الصيام والصلاةبرفقة والده، الذي كان وعائلته أكثر داعمين لها ولطفليها في الجائحة.

انتهى الأسبوعان بعودة شرباتي إلى بيتها، لكنها لم تستطع ضم طفليها وتخفيف شوقها، فقد كان عليها أن تلبث في حجر منزلي بعيدا عنهما حتى تظهر نتيجة فحص كورونا الخاص بها.

 وتصف لحظة الإعلان عن نتيجة الفحص السلبية قائلة "ركضت إلى غرفتهم صباحا، أيقظتهم وضممتهم عن أسابيع طويلة، صرخ طفلي الصغير فرحا معلنا للجميع (ماما ما معها كورونا)".

حسب نظام المشفى ستستريح شرباتي أسبوعين من رمضان في بيتها، حيث تستغل كل دقيقة مع عائلتها، وتختم "أجواء لا توصف؛ نزين ونصنع الحلويات سويا، حتى أننا كسرنا بعد القواعد لأعوضهم، أتمنى أن أبقى بينهم مطولا، لكن مواقف كثيرة تجذبني للعمل، كجملة قالتها لي مريضة باضطراب الصمت الاختياري (أنا أثق بك، ديري بالك علينا)".

المصدر : الجزيرة

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير