وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ
د. نبيل الكوفحي
جو 24 :
رمضانيات 23
العيد
..
يشمل الدين وينظم حياة الانسان فردا وجماعة، وتبرز أهمية بعض تعاليمه دون غيرها أحيانا اذا تعلقت بمجموع الامة، او شكلت سمة خاصة بهذا الدين وأتباعه. قال تعالى في سورة الحج (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) وقد جاءت في سياق ذكر بعض أعمال الحج وعن الانعام والاضحية تحديدا، ثم مرة أخرى في الآية ( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ...(36).
فما الحكمة في ذكر الاضاحي على انها من شعائر الله؟ إنها عبادة خاصة بالمؤمنين المسلمين دون غيرهم، تم ذكرها وتعظيم شأنها، نقدمها لله ونذكر عليها اسمه صافية خالصة له ( فاذكروا اسم الله عليها صواف)، والهدف الكبير تعظيم شعائر الله وارتفاع التقوى، والهدف القريب الظاهر(فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ). ثم جاءت للحديث ايضا عن السعي في الحج في سورة البقرة (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّه (158). ذكر صاحب التفسير الميسر: هما من معالم دين الله الظاهرة التي تعبَّد الله عباده بالسعي بينهما. قال بعض العلماء في مفهوم الشعائر: منها الشعائر المكانية كالمسجد الحرام (عند المشعر الحرام) والمسجد النبوي والاقصى، والمساجد بشكلٍ عامٍ، لذا كان فعله صلى الله عليه وسلم اول قدومه المدينة المنورة بناء المسجد، ومنها الشعائر الزمانية كشهر رمضان (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ)، ويوم الجمعة، قال النبي عليه الصلاة والسلام عنه (خيرُ يومٍ طلَعت فيهِ الشَّمسُ يومُ الجمعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ،...).
من الشعائر المهمة أيضا العيدان، ولئن جاءت الآيات متعلقة بأيام النحر، عيد الاضحى، لكن دلالتها عامة تشمل عيد الفطر. فالعيد في الاسلام عبادة ابتداءً، تستوجب الذكر والشكر، يشرع فيه التكبير بصوت مرتفع اظهارا لهذه الشعيرة (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، فحرم صيامهما، ويستحب فيهما الفرح واظهار الزينة، وقد شرعت زكاة الفطر، ويجب اخراجها قبل صلاة العيد، لإظهار التكافل والفرح الجماعي، جاء في الحديث (أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم).
والاذان من شعائر الاسلام، قال صلى الله عليه وسلم (إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم)، قال النووي في شرح صحيح مسلم: ذكر العلماء في حكمة الأذان خمسة أشياء، وعد منها: إظهار شعائر الإسلام وكلمة التوحيد، لذلك اتفق الفقهاء على أنه لو اتفق أهل بلد على تركه قوتلوا. والحجاب إضافة كونه واجب على نساء المسلمين، فهو أيضا شعيرة للمسلمات والمجتمع المسلم ( ذلك أدنى أن يعرفن).
أيام معدودات تفصلنا عن عيد الفطر المبارك، والبلاد من فضل الله ليس فيها وباء، وإنما اصابات محدودة معروفة مسيطر عليها، فهلا أدرك من يعطلون حياة الناس تذرعا بكورونا: أن الواجب علينا أن نعبد الله في العيد كما أمر كمجتمع- لا كما يريدون-. فلا طعم ولا معنى للعيد في البيوت، وأن نفرح بهذا العيد فنصل أرحامنا، وبعض المواطنين مضى عليه اكثر من شهرين لم يستطع زيارة والديه، ونزور بعضنا، ونتذكر من رحلوا عنا رحمهم الله فنزورهم. فهذا من حق الناس وليس لاحد منة بذلك.
اللهم اني قد بلغت ونصحت فاشهد على ذلك.
وتقبل الله صيامكم وفرحكم بالعيد كما تحبون وتستحقون.