jo24_banner
jo24_banner

وحدة "الشعبية" و"الديمقراطية".. ترف طوبوي أم إمكانية واقعية؟!

وحدة الشعبية والديمقراطية.. ترف طوبوي أم إمكانية واقعية؟!
جو 24 :
تامر خورما_ في ظل الهجمة الصهيونية الشرسة، تحت شعار "استعادة يهوذا والسامراء" بكامل رجعيته التوراتية المتخيلة، مقابل استمرار الانقسام الوطني الفلسطيني، واصطدام "المصالحة" بالمصالح الفصائلية، طرحت على الساحة السياسية الفلسطينية اليوم مسألة قديمة متجددة، وهي وحدة الجبهتين، الشعبية والديمقراطية، على طريق توحيد اليسار الفلسطيني.

حلم يداعب برومانسيته الطوبوية أهداب الترف الثقافي، الذي لا نملك الاستمتاع به في ظل وحشية الظرف الراهن. التناقضات الفكرية والتنظيمية والسياسية بين الفصيلين، تمتد جذورها إلى العام 1968، الذي شهد إعلان "التحول الماركسي"، على طريقة البيروقراطية السوفييتية المتحللة، عندما كان الحكيم جورج حبش لايزال في سجنه بدمشق، وكل محاولات رأب الصدع منذ ذلك الوقت، باءت بفشل هزلي.

وبعيدا عن استعراض التفاصيل التاريخية، لا ننسى أن اختلاف تأويل وقراءة "الحل المرحلي"، يمثل جوهر الخلاف، ليس بين الجبهتين فحسب، بل وبين مختلف فصائل العمل الوطني الفلسطيني. معنى ذلك، أنه قبل الحديث عن أية وحدة تنظيمية أو سياسية، لا بد من حل الخلاف الممتد منذ العام 1974، وبرنامج "النقاط العشر"، الذي تتلخص نتائجه الواقعية، اليوم على الأرض، بإقامة سلطة أوسلو، والتنسيق الأمني مع الإحتلال.

ليس المهم بناء تنظيم أوحد يقود النضال التحرري الفلسطيني، ولا تحقيق حلم "وحدة اليسار" على إيقاع نشيد موسكو الأممي. المطلوب هو تحقيق وحدة شعبية، على قاعدة تحرير الأرض والإنسان.. والتحرير لا يعني مجرد إقامة دولة، سواء أكانت ثنائية، أو حتى أحادية القومية.

التحرير يعني باختصار هزيمة المشروع الصهيوني، من النهر إلى البحر. وترجمة ذلك على أرض الواقع لا تتحقق إلا بعودة ابن الطفيلة، وابنة الكرك، ودمشق، وبيروت، وبغداد، ومراكش.. وسائر المدن العربية، إلى أرض فلسطين التاريخية.. ومن يحاول الإمعان في تأويل هذا المفهوم للتحرير، فهو غريب تماما عن السياق الاجتماعي لشعب هذه الأرض!

ليست المسألة هنا صراع فكري بين تيار "قومي يساري" وآخر "ماركسي".. ولا بين طائفة "ماوية" وأخرى "عفلقية".. مثل هذا الصراع الترفي مكانه مقاهي رام الله، أو جبل اللويبدة، وغيرها من تجمعات الطبقة الوسطى المتذبذبة.. أما الواقع فلا يعترف إلا بالمعطيات المادية على الأرض، والمتمثلة بالصراع التناحري بين المشروع الصهيوني، وشعوب هذه الأرض، من بحر الظلمات، إلى خليج المحروقات.

في ضوء هذا الواقع، لا مكان لأية أوهام تتعلق بحلول "مرحلية"، أو إقامة "سلطة" في كنف الإحتلال. القضية ستبقى قضية تحرير، وهذا لا يحتمل عبث التأويلات التنظيمية، كما لا يحتاج إلى صيغ أيديولوجية طالما حاولت البيروقراطية المتحللة في موسكو فرضها، انطلاقا من العلاقات الدبلوماسية للاتحاد السوفييتي البائد.

حتى إذا أردنا الحديث بلغة "ماركسية"، فإن ثورة الطبقات، والفئات الشعبية المضطهدة، ينبغي أن تكون في جوهرها ثورة دائمة ومستمرة. هذا ما كان عليه الحال، وسيبقى، منذ إعلان "الأممية الأولى". معنى هذا أنه قبل الحديث عن وحدة الجبهتين في فلسطين المحتلة، لا بد من تذكر أن القضية هي قضية عودة وتحرير، وليست مسألة "دولة" و"حلول مرحلية"..
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير