عندما تصرخ الزوجة.. زوجي يفقدني صوابي في الحجر المنزلي
فلا عمل ولا لقاءات تلهي، ولا مكان لتخفيف الغضب، ولا نسيان لسوء تفاهم طالما لا فضاء للتنفيس.
وأتى شهر رمضان المبارك أيضا في ظل هذا الحجر لتزداد مسؤولية المرأة بشكل عام، وليشكل الصيام سببا إضافيا للشجارات لدى بعض الأزواج والزوجات.
الحجر يسبب الخلافات عالميا
فعل الحجر المنزلي فعله بالأزواج، حتى أن حالات الطلاق زادت بعد مكوث الزوجين وجها لوجه، وندا لند. ففي الصين ذكرت صحيفة ديلي ميل أن الطلاق زاد بنسبة عالية، ويعتبر مسؤولو مكاتب الزواج أن السبب غالبا بسبب النقاشات الحامية بين الأزواج بعد اضطرارهم للمكوث معا فترة طويلة بسبب الحجر الذي فرضته السلطات.
وفي أميركا زادت أيضاً نسبة الطلاق لدى الأطباء والممرضين في هذه الفترة بسبب الإجهاد في العمل، وصعوبة بذل جهد إضافي والتوفيق بين الأسرة والعمل.
والحال نفسه في لبنان، فبحسب منظمة "أبعاد" الحقوقية التي أفادت بأن عدد المكالمات الواردة إلى خطوط المساعدة الخاصة بها ارتفع بنحو 60% هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، إذ تلقت أكثر من 500 مكالمة منذ يناير/ كانون الثاني، وهو أكبر من إجمالي المكالمات التي تلقتها خلال عام 2019 بأكمله.
وقدّر مستشار الأوقاف في سوريا حسان عوض أن حالات الطلاق ارتفعت خمسة أضعاف في فترة الحجر.
عدد من الأزواج أيضا استفادوا من الحجر لإنهاء أعمال منزلية متراكمة، والبعض استغله لتعلّم شيء جديد مع العائلة، أو عبر وسائل التواصل، في حين حاول أزواج آخرون الاستفادة من الوقت معا لتعميق علاقاتهم ومساعدة بعضهم البعض في الأعمال.
أريد أن أفطر خبزا وزيتونا
نساء لبنانيات تحدثن للجزيرة نت عما فعله الحجر بعلاقاتهن الزوجية خاصة بعد بدء الشهر الفضيل بتفاصيله الكثيرة.
صفية مصطفى تقول أن يأتي شهر رمضان ونحن في الحجر المنزلي ليس بالأمر السهل، ورغم أنها كانت تنتظر هذا الشهر لتجمع العائلة يومياً حول المائدة، فإنها تتمنى أن يُسمح بالتنقل اليومي للجميع، "مللت من إعداد الطعام لشهرين متواصلين"، وتضيف ضاحكة "سأرسل أولادي إلى بيت جدهم، وزوجي إلى بيت أهله، وأنا سأفطر على خبز وزيتون".
تقول صفية إن زوجها ليست متطلباً، لكنه فوضوي ولا ينظم أغراضه التي زادت بحكم عمله من المنزل، وأصبحت أوراقه ومستنداته في كل مكان، كذلك ثيابه التي يبدلها مرتين في اليوم رغم أنه لا يذهب إلا مرة في الأسبوع للتسوق مما جعل الجو ثقيلا، فأصبحا يتجادلان على كل شاردة وواردة.
ليس الرجل الذي تزوجته
"لا أخفيك سرّا.. إنني فعلا فكرت بالطلاق، أو ربما الهرب"، هكذا تبدأ سمر نون حديثها وتبدو جادة. تقول إنها لطالما تمنت أن يكون لديها وقتا لقضائه مع زوجها، وأنهما فكرا أكثر من مرة بالسفر لإجازة، لكن الظروف لم تكن تسمح، وإنهما عندما سمحت الظروف بعد 7 سنوات وحجزا للسفر في مارس/آذار، "أقفل المطار، وأقفل العالم".
وتعتبر سمر الأمر إشارة سيئة، وتقول إن الحجر المنزلي جاء ليثبت لها هذا، فهي تعمل من المنزل لسبع ساعات على الأقل، وزوجها توقف عمله، الأمر الذي جعله عصبيا ومتطلبا للغاية.
تقول سمر "ليس هذا الرجل الذي تزوجته فلقد كان شريك أحلامي وطموحي"، وتعتبر أنه يجب أن يفكر تماما بما يتفوه به "بعد أن صمدنا مراراً بوجه الأزمات الاقتصادية التي كسرتنا".
فوضى دخول المطبخ
"لقلي بيضة واحدة ينزل أطقم المطبخ كلها، هذا لأنه يريد أن يساعدني"، تشتكي نورهان كريم من قلّة تدبير زوجها و"عجقته" أي فوضاه في المنزل عامة والمطبخ خاصة.
تقول إنها تطلب منه التنزه أو اللعب على التلفون وترجوه ألا يساعدها. يصرّ الزوج ماهر على المساعدة في تحضير الإفطار، وتقول إن الأمر يفقدها صوابها، بعد أن أبدع في العجن والطبخ والشوي أثناء فترة الحجر. تقول إن ماهر "يحب المطبخ ولكن المطبخ لا يحبه فيتحول إلى دمار شامل" عندما يدخله.
وتقر نورهان بنية زوجها الجيدة، وأن النتيجة في النهاية تكون شهية في الصحن وكارثية في المطبخ.
منظم إلى درجة الهوس
نور حمد تنزعج من مبالغة زوجها في التعقيم "لدرجة أنه يريد تعقيم الذبابة"، كما تقول. وبسبب الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار عمل على تموين المواد الغذائية التي يحضرها بكميات كبيرة، وكلها تحتاج للتعقيم أو الغسل بالماء والصابون الأمر الذي يستغرق ساعات طويلة من اليوم في هذه المهمة.
يرتب زوجها أغراضه بشكل قريب من الهوس، ويطوي ثيابه ويجمع أوراقه وكتبه في مكانها ولا يحب أن يقترب أحد من عمله.
ومع الحجر والوضع الاقتصادي صار يقضي زوجها يومه كاملا بمتابعة نشرات الأخبار على التلفزيون ووسائل التواصل، فلا يغيّر مصباحا احترق، أو يبدل أنبوبة غاز، وهو شارد في تحليل الوضع طيلة الوقت.
ولا يهتم ماذا تحتوي سفرة الإفطار لكن يهمه اجتماع العائلة، وهو مسالم فيما يتعلق بالطعام، لكنها لا تشعر أنه يعيش معهم هذه الأيام، على حد تعبيرها.