jo24_banner
jo24_banner

معذرة إلى ربكم

د. نبيل الكوفحي
جو 24 :
 رمضانيات 29
..
في خضم القيام بالتذكير بالواجبات الشرعية العامة من على منابر التواصل الاجتماعي، في هذه الايام، ومنها بالتذكير بضرورة تسهيل حياة المواطنين وفتح المساجد. ينصح بعضهم: أن كفى دعوة وتذكيرا، فالناس تعرف ذلك واصحاب الأمر لا يسمعون ولا يستجيبون. لذا رأيت من الواجب الشرعي التذكير بالأصول التي قام عليها هذا الدين (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، ورب مبلغ أوعى من سامع.
بعث الله الانبياء والرسل لهداية الناس الى منهجه، الذي جعله اساسا لنجاح الانسان في مهمته باستخلاف الارض (اني جاعل في الارض خليفة)، ولكنه ترك للبشر حرية اختيار الطريق (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا). لا تعجز ارادة الله عن هداية الناس جميعا واستقامتهم على منهجه (أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا)، لكنه لن يكون اذا مجال للمفاضلة بينهم اذ كانوا على خلقة الملائكة (يسبحون الليل والنهار لا يفترون). لذلك كانت المهمة الاساس التي نحاسب عليها ما كلف الله بها الانبياء (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)، فهل ليسوا مسؤولين عن تبعات استجابة الناس ما اجتهدوا في حسن ايصال الرسالة وتخير افضل الطرق والالفاظ لذلك (فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ)، والنتيجة ليست على نبي او بشر (ليس لك من الأمر شيء)، فالحكم في حق الناس لله سبحانه (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ).
أمام حالة الاعراض عن الحق يتساءل الكثيرون ينتابهم شعور العجز: ما الفائدة من الكلام والتذكير، ما الفائدة من النصح والبيان، وربما لحق البلاغ أذى لصاحبه؟. لقد قرر الله سبحانه الجواب لهذا الامر قبل حدوثه وهو العليم الخبير (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ الناس). وامام هذه التحديات والاعراض لابد من ادراك أهمية الصلاة والصبر لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). لقد كانت الآية التالية أبلغ في التعبير عن حقيقة قصد الداعية المبلغ (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون) فالرغبة بالهداية شيء أصيل لدى الداعية، لكن مظنة عدم الاستجابة لا تمنع القيام بالتبليغ ابراء للذمة عند الله.
القيام بهذا الواجب يجسد حقيقة خيرية هذه الامة (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر). وهو واجب الجميع، كل بحسب استطاعته، وفي حق العلماء اوجب (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ). ولن يعدم الناصح والداعية وسيلة في ايصال مراده في نصح الناس وهدايتهم أيما كانت مواقعهم . في الحديث ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : (ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ (ﺛﻼﺛﺎ )، ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻤﻦ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ؟، ﻗﺎﻝ: (ﻟﻠﻪ ﻭﻟﻜﺘﺎﺑﻪ ﻭﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﻭﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻋﺎﻣﺘﻬﻢ).
وتقبل الله صيامكم ونصحكم لكل المسلمين.
 
تابعو الأردن 24 على google news