لماذا تختلف أشكال أجنحة الطيور؟ دراسة جديدة تكشف الأسباب
جو 24 :
نشر فريق من الباحثين مؤخرا واحدة من أكثر الدراسات شمولا عن أجنحة الطيور، في محاولة لكشف عوامل تنوعها.
وتشير النتائج إلى أن الاختلاف الهائل في أشكال الأجنحة ووظيفتها يرتبط بالعوامل البيئية والسلوكية للطيور.
وتوصل الباحثون من خلال فحص أجنحة أكثر من 45 ألف طائر من 10 آلاف نوع من هذه الكائنات إلى أن تلك التي تعيش في مناطق خطوط العرض العليا -البعيدة عن خط الاستواء- تكون أكثر قدرة على الانتشار والتحرك في مناطق أوسع.
اختلاف في الأشكال والبيئات
ووفقا لدراسة سابقة أجراها المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي، يوجد أكثر من 18 ألف نوع من الطيور في العالم تنتشر في جميع البيئات على الأرض تقريبا من جبال وسهول ومناطق رطبة وجافة.
غير أن التوزيع الجغرافي للطيور غير متكافئ، حيث تشهد بعض المناطق تنوعا بيولوجيا أكثر ثراء للطيور من مناطق أخرى، كما لاحظ العلماء وجود اختلاف كبير في طريقة انتشار أنواع الطيور في هذه المناطق والمسافة الجغرافية التي تغطيها.
وعلى سبيل المثال، يشتهر طائر الخرشنة القطبية برحلاته المهاجرة الطويلة من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، في حين أن طيرا آخر من نوع دجاج الماء يسمى "أتلانتيزيا روجرزي" يعيش في أرخبيل تريستان جنوب المحيط الأطلسي لا يتحرك سوى في منطقة لا تزيد مساحتها على بضع كيلومترات مربعة.
وقد أدرك العلماء أن معرفة كيفية تحرك الأنواع المختلفة من الطيور هي عامل رئيسي في فهم التنوع البيولوجي عموما، وتحسين نتائج الحفاظ على الحياة البرية.
لذلك، فإن دراسة الأشكال المختلفة للأجنحة وأطوالها يمكن أن تتيح لعلماء الأحياء الكشف عن سر تكيف أنواع الطيور المختلفة مع الرحلات الطويلة.
ولهذا الغرض، أجرى باحثون من جامعة بريستول وإمبريال كوليدج لندن أول دراسة شاملة تتناول قدرة الانتشار -وهي المسافة الجغرافية التي يقطعها الحيوان- على فئة كاملة من الحيوانات هي الطيور، ونشرت في "نيتشر كوميونيكيشن" في 18 مايو/أيار الجاري.
الخرشنة القطبية من الطيور التي تكيفت أجنحتها مع هجرتها الطويلة بين القطبين (فليكرز)
تدرج جغرافي في الأحجام
وقام فريق الباحثين -الذي ضم 90 باحثا بقيادة الدكتورة كاثرين شيرد من كلية علوم الأرض بجامعة بريستول- بتمشيط 64 متحفا للتاريخ الطبيعي، وإنجاز فهرسة دقيقة لأنواع الطيور مع قياس أجنحتها.
هذه القياسات -ولا سيما قياس "مؤشر الجناح اليدوي" الذي يعكس الاستطالة في الجناح- ساعدت الباحثين على معرفة كيف تتكيف الأجنحة المختلفة مع حاجة الطائر للطيران.
واعتمادا على المعطيات التي حصلوا عليها أنشأ أعضاء الفريق خريطة للتغيرات العالمية في أشكال الأجنحة أظهرت تدرجا واضحا في متوسط قدرة الانتشار في مناطق واسعة لدى الطيور تراوحت من منخفضة بالقرب من خط الاستواء إلى مرتفعة عند خطوط العرض العليا.
وأرجع الباحثون هذا التدرج حسب خطوط العرض إلى عوامل رئيسية هي الهجرة والدفاع على مناطق النفوذ، وهما عاملان مرتبطان بدورهما بتغير درجة الحرارة (الموسمية).
كما لاحظ الباحثون أن الطيور التي تعيش عند خطوط العرض المنخفضة في مناخ مستقر قد تميزت بهجرة منخفضة ودفاع عال عن مناطق نفوذها على مدار السنة، وتكيفت أجنحتها القصيرة مع نمط الحياة المستقر، في الوقت الذي تكيفت فيه أجنحة الطيور التي تستوطن بشكل رئيسي المناطق الواقعة في خطوط العرض العليا مع الطيران لمسافات طويلة فأصبحت أطول.
طائر أتلانتيزيا روجرزي تأقلمت أجنحته مع بيئته ونمط عيشه (بيكيست)
فوائد عديدة
وتقول الدكتورة كاثرين شيرد المؤلفة الرئيسية للدراسة إن "هذا النمط الجغرافي مدهش حقا، وبالنظر إلى الدور الذي يلعبه التشتت في العمليات التطورية فإن هناك ما يدفع للاعتقاد بأن العلاقة بين السلوك والبيئة والانتشار قد تشكل جوانب أخرى للتنوع البيولوجي".
ويتوقع الباحثون أن تساعد هذه الدراسة وقاعدة البيانات التي أنشؤوها في التنبؤ بشكل أفضل باستجابات الأنواع عند تجزئة الموائل (مواطن العيش) أو اضطرارها لتغيير طرق الهجرة نتيجة عوامل بشرية.
كما تساعد كذلك في الحفاظ على البيئة من خلال تحديد الأنواع الأكثر احتياجا للحماية والتي تتطلب إجراءات حماية محددة، مثل الحفاظ على مناطق استقرار الطيور ذات قدرة التشتت الضعيفة.