ولتكبروا الله على ما هداكم
د. نبيل الكوفحي
جو 24 :
رمضانيات 30
(العيد)
..
كما بدأت معكم في أول يوم من أيام هذا الشهر المبارك، نستذكر حكمته وفضله، ونجول في بعض ما نقرأ من القران الكريم، نختم هذا اليوم المتمم لشهر رمضان المبارك بهذه الخاطرة، سائلا المولى عز وجل ان يرحمنا ويغفر لنا ويعتقنا من النار (إن لله عند كل فطر عتقاء وذلك في كل ليلة)، وأن يوفقنا بالحفاظ على ما تزودنا به من تقوى وراحة قلوب وطمأنينة نفس.
لخصت الآية خصائص شهر رمضان وحكم الصيام والرخصة، وختامه بالتكبير شكرا وفرحا على هداية الله وتوفيقه لنا. قال تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه, ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر, يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ).
اظهار الفرح بالعيد سنة مستحبة، وأول مظاهره التكبير، قال الشافعي رحمه الله: يكبر الناس في الفطر حين تغيب الشمس ليلة الفطر فرادى وجماعة في كل حال، حتى يخرج الإمام لصلاة العيد. رُوي عن عائشة قالت: إن أبا بكر دخل عليها والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندها في يوم فطر أو أضحى، وعندها جاريتان تغنيان ...، فقال أبو بكر: أمزمار الشيطان ..! فقال النبي صلى الله عليه وسلم (دَعْهما يا أبا بكر؛ فإن لكل قوم عيدًا، وإن عيدنا هذا اليوم). وأجمع العلماء على استحسان الغسل والتزين في اللباس والطيب، ويستحب زيارة الأهل والأقارب وصلة الرحم. هذه الأفعال يثاب عليها المؤمن ان قام بها بقصد السنة والأجر.
لم يكن قرار حظر الناس وحجرهم في بيوتهم يوم العيد صائبا، فبعد شهرين تبين بوضوح أنه لا وباء لدينا في البلاد، فيكفي متابعة المصابين ومخالطيهم وضبط الحدود. أن الرهان للوصول لحال صفر اصابات بشكل مطلق، رهان ليس علمي ولا واقعي، ما دام هناك اصابات في دول أخرى. ربما لا يدرك بعض المسؤولين - وربما لا يجرؤ نفرا منهم- أن العيد ليس يوما عاديا، وأنه من شعائر الاسلام الواجب اشهارها والاحتفاء بها (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، وأنه لا يستبدل ولا يؤخر، فاستحقاقه نهاية صوم رمضان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر. ولا معنى للعيد في البيت، وحسبنا الله في من حرمنا من الشعور بالفرح فيه. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : إِظْهَار السُّرُورِ فِي الْأَعْيَادِ مِنْ شِعَارِ الدِّينِ.
في ختام آيات الصيام جاءت الآية (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) في اشارة واضحة لاستثمار نهاية صيام اليوم وصيام الشهر بالدعاء، حيث ان هذه النفوس التي صامت تقربا لله سبحانه، مؤهلة أكثر من أي وقت، للتوجه بالدعاء للمجيب سبحانه، فالدعاء عبادة أيضا، تعبر عن الخضوع والتذلل والحاجة لله عز وجل. اللهمَّ بَلِّغْنَا رَمَضَانَ القادم لا فَاقِدِينَ وَلَا مَفْقُودِينَ. قال ابن المعتز:
أهـلاً بفِطْـرٍ قـد أضاء هـلالُـه . . . فـالآنَ فاغْدُ على الصِّحاب وبَكِّـرِ
وتقبل الله صيامكم رمضان وقيامكم, وأعاد العيد علينا عليكم وعلى الأمة بالصحة والخير والبركات.