كورونا فرصة لتجنبه.. تعرف على أسباب الطلاق العاطفي وطرق مواجهته
جسدان في منزل واحد يربطهما عقد زواج رسمي، ولكن لم يتبق من هذا الزواج إلا تلك الأوراق الثبوتية التي تفيد بأن هذه الأسرة مازالت قائمة رسميا فقط، في حين يطغى الجفاء الأسري على المنزل في حالة تسمى "الطلاق العاطفي".
حالة من الجفاف العاطفي والانفصال الوجداني بين الزوجين، وبُعد كل منهما عن الآخر في أغلب أمور حياتهما، وتكون الحياة الأسرية مستمرة، بل وقد ينجح طرفاها في إخفاء ما فيها من مشكلات وما بينهما من جفوة، إلا أن الطلاق العاطفي يكون حاضرا فيها.
وقد أطلقت جمعية "وياك" للصحة النفسية في قطر حملة على وسائل التواصل الاجتماعي للتحذير من الطلاق العاطفي واستمراره في المجتمع، وطالبت المرشدة النفسية بالجمعية مريم العلي إلى ضرورة أن يستغل الأزواج في مرحلة الحجر المنزلي الحالية -بسبب انتشار فيروس كورونا- الفرصة لحل هذه الخلافات والوصول إلى أسرة مترابطة يسودها الحب والوئام.
وحذرت من أن وجود الزوج والزوجة لفترة طويلة بالمنزل في هذه المرحلة يمكن أن يفاقم من ظاهرة الطلاق العاطفي، ويسبب العديد من المشكلات ما لم يوجد الدافع لحل المشكلات البينية.
هذه الظاهرة ليست نادرة الوجود بل منتشرة في المجتمعات العربية، ومن علاماتها وجود حالة من الصمت بين الزوجين، والانسحاب بشكل جزئي أو كلي من فراش الزوجية، والهروب من المنزل باللجوء للخروج والسهر والسفر بالنسبة للزوج، أو تكرار زيارات الزوجة لأقاربها وأصدقائها، والهروب داخل المنزل بالانشغال بالصحف والتلفاز والحاسوب وغيره عن التواصل مع شريك الحياة.
ومن علاماته أيضا وجود حالة من السخرية والاستهزاء واللامبالاة باهتمامات الآخر ومشاعره، والشعور بأن استمرار الحياة الزوجية من أجل الأولاد فقط أو من الخوف من خوض تجربة الطلاق وحمل لقب مطلق أو مطلقة أمام الناس.
الأسباب
وتتركز أسباب الطلاق العاطفي في عدة نقاط أهمها عدم وجود تكافؤ بين الزوجين من الناحية الاجتماعية والثقافية والتعليمية بل والعمرية، أو وجود مشكلة كبرى تفرض وجودها على المناخ الأسري كعدم الإنجاب أو العجز المادي أو مرور عدة سنوات على الزواج مما جعل الملل والرتابة تتسرب وبقوة داخل المناخ الأسري.
لكن الطلاق العاطفي ليس حتميا رغم وجود تلك الأسباب، بل هناك بعض الطرق التي يمكن من خلالها مقاومته وإبقاء الأسرة في حالة انسجام وتفاهم، كالمصارحة الآنية بأي مشكلة يشعر بها أحد الأطراف تجاه الآخر، وعدم ترك فترة من الخصام بعد حدوث أي مشكلة، لأن طول فترة الخصام يؤدي لاشتعال الحقد في القلوب وتراكم مشاعر الكراهية. كما أن تبادل السلوك الإيجابي من قبل الطرفين مع بث روح التجديد للحياة الزوجية من شأنه أن يخفف من مشكلة الطلاق العاطفي، خاصة مع مرور فترات طويلة على الزواج.
ودعت مريم العلي الأسر للذهاب إلى الطب النفسي لعلاج هذه الحالات، مطالبة بضرورة اعتماد الفحص النفسي قبل الزواج مثلما يتم الفحص الطبي حاليا، بأن يجلس الأخصائي النفسي مع الطرفين ويحاورهما في القضايا التي قد تسبب لهما بعض المشكلات في المستقبل، ويرشدهما إلى طريقة السيطرة على تلك المشكلات.
وأرجعت مريم ارتفاع نسبة الطلاق الرسمي في المجتمع إلى الطلاق العاطفي، معتبرة أنه هو مقدمة لانهيار هذه الأسرة، وضياع الأطفال الذي يؤثر عليهم بشكل مباشر، ويؤدي إلى العديد من المشكلات النفسية.
وأكدت المرشدة النفسية بالجمعية أن الأمراض النفسية أكثر فتكا بالإنسان والمجتمع من الأمراض الصحية كونها قاتلا صامتا، مشيرة إلى أن انتشار فيروس كورونا كوفيد-19 أعطى إنذارا قويا لكل الأسر بأن الترابط الأسري وحل المشكلات هو السبيل الوحيد للبقاء.
يذكر أن إحصاءً قطريا شاملا من عام 2009 وحتى 2018 كشف أنه تم تسجيل 22375 عقد زواج خلال 10 سنوات، كما تم إصدار 7938 شهادة طلاق خلال نفس الفترة.