داعية سوداني في مصاف النجوم.. رحيل الشيخ محمد أحمد حسن
لم يكن الشيخ محمد أحمد حسن الذي ووري جسده الثرى صباح اليوم بالخرطوم، مجرد داعية، بل كان من نجوم المجتمع بشهرته وحب السودانيين لأسلوبه الموغل في البساطة واستخدام "القفشات" وهو يفتيهم في أمور الدين.
وأكثر ما ميّز الشيخ محمد أحمد حسن أنه لم يصنف نفسه ضمن أي جماعة دينية أو حزب سياسي، مما جعله مقبولا عند كل السودانيين، فضلا عن سمات التواضع والبعد عن الغلو التي غلبت على مواعظه.
ورغم أن الرجل بدأ الدعوة منذ عقد الثمانينيات، فإن شهرته بدأت ببرنامج "الدين النصيحة" على أثير الإذاعة القومية وتلفزيون السودان في العام 1991.
وعمد منذ ظهوره في النشاط الدعوي إلى استخدام العامية البسيطة على طريقة أهالي شمال السودان، مسجلا بذلك علامة دعوية ميّزته عن بقية الدعاة، حتى إن الفرق المسرحية دائما ما كانت تتسابق لمحاكاته على المسارح.
مشاهدة عالية
ودائما ما حظيت برامج الشيخ محمد أحمد حسن، وكان آخرها "فتاوى" على شاشة قناة الشروق، بمتابعة كبيرة من المشاهدين لممارسته الحكمة والموعظة الحسنة عمليا.
وطوال إطلالات الشيخ محمد أحمد حسن في البرامج الإذاعية والتلفزيونية، كان يحرص على الأسلوب التفاعلي مع الناس عن طريق خطابات البريد في السابق والهاتف ومنصات التواصل الاجتماعي لاحقا.
ويقول محمد خليفة صديقه وأستاذ العلوم السياسية والباحث في القضايا الإسلامية إن الراحل تميز بأنه كان مدرسة في سمته وخلقه وسلوكه، وانتهج أسلوبا دعويا بسيطا يدخل القلب مباشرة عبر التواضع وخفض الجناح للكبير والصغير والذكر والأنثى.
ويضيف خليفة للجزيرة "من تواضعه أنه يقبل أن يراجعه من هو دونه سنا وعلما، ولربما أجاب على سؤال سائل فقال له أحدهم: السائل لا يقصد ذلك بل يقصد كذا وكذا، فيراجع الشيخ جوابه ويعدل عن رأيه".
ويؤكد أن الراحل حرص على تبسيط المعلومة الدينية وتقديمها في قالب سهل ممتنع، لذا حظي بقبول كبير في أوساط النساء وربات البيوت، مما جلب له محبة الناس، كما أنه نذر نفسه ووقته للدعوة فجاب كل أصقاع السودان، وكان دائما ما بين محاضرة في جامعة أو وحدة حكومية، أو موعظة في مسجد أو بيت عزاء أو عقد قران.
وطبقا لخليفة، فإن الشيخ محمد أحمد حسن ترفق بالناس في فتاويه ويسّر عليهم دينهم، ودائما ما ارتسمت على محياه الابتسامة وهو يفتي في ورع وزهد وأدب، ويتغاضى عن كل من سبه أو شتمه أو انتقصه.
فتوى على الطريق
وكان الشيخ محمد أحمد حسن، قبل إصابته بالمرض منذ أشهر، متاحا لكل طالب فتوى، سواء في الشارع العام أو حتى حين يخرج من استديوهات القنوات.
وروى التشكيلي صلاح محمد علي فرح للجزيرة نت أنه سأل الشيخ الراحل بشكل مباشر عن مشروعية الرسم فأفتاه بأن رسم كل ذي روح محرم ونصحه برسم صور الطبيعة، فامتثل لفتواه مطمئن القلب.
ويشير فرح إلى أن الفقيد كان شديد الوضوح في فتاويه بلا مجاملة وبلا شدة في آن واحد.
ونعى السودانيون على وسائل التواصل الاجتماعي الشيخ محمد أحمد حسن، معددين مواقفه وبساطته في الفتوى والدعوة للإسلام.
وقالت مديرة جامعة الخرطوم فدوى عبد الرحمن علي طه في تغريدة على تويتر "لقد دخل قلوب الكثيرين من متابعي برامجه ببساطته وشخصيته الجذابة وحديثه المرح".
ونعاه رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير على حسابه في تويتر "دعا لسبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة.. كان صاحب الأسلوب السهل الممتنع بلهجةٍ شعبية وتلقائية محببة وتواضعٍ نبيل".
الشيخ والشائعات
ونقل عن الشيخ عبد الحي يوسف وصفه للراحل بأنه رجل "التواضع وحسن الخلق، والصدق والإخلاص، بذل الوقت في نفع الناس، البساطة في تقديم المعلومة، المحبة والقبول، الإنصاف مع المخالفين.. ذلك غيض من فيض ما لحظته وأفدته من صحبة الشيخ خلال تعدُّد لقاءاتي به وسفري معه".
ولد الشيخ محمد أحمد حسن بمنطقة القولد بالولاية الشمالية، وتلقى تعليمه في السودان، وسافر إلى مصر والتحق بالمعاهد الدينية بالإسكندرية.
تفرغ الراحل للنشاط الدعوي بعد تقاعده من وظيفة بالمركز القومي للبحوث، كما عمل في وزارة الري وموظفا في مكتب وزير الصناعة.
وخلال الفترة الأخيرة ترددت شائعات عن وفاته، واضطر في يناير/كانون الثاني الماضي للظهور عبر مقطع مصور على منصات التواصل الاجتماعي لينفي موته بقوله ضاحكا "الناس ديل عايزين يقتلوني قبل يومي".