لماذا تطاردنا الأحلام المزعجة أثناء العزل المنزلي؟ إليك السبب العلمي
بسبب ما نعيشه من إجراءات التباعد الاجتماعي أثناء أزمة انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) وما تبعها من مخاوف بشأن صحتنا، والوضع المالي، إلى جانب ضبابية المستقبل فإن ذلك قد ينعكس في صورة أحلامنا بصورة مزعجة.
وهذا ما يطلق عليه "فيفيد دريمز" (Vivid Dreams)، وهي تلك الأحلام التي تطاردنا في المنام، لكنها بأحداث وشخصيات شديدة الوضوح، مما يجعلها أكثر تشابها مع الواقع، فتصبح مخيفة ومثيرة للذعر.
وأظهر استطلاع رأي حديث أجري على أكثر من 2000 شخص ونشره موقع "سيكولوجي توداي" أن 53% من المشاركين زادت أحلامهم المزعجة منذ بدء الحجر الصحي.
وحدث ذلك سابقا في دراسة نشرت عام 2008 في المكتبة الوطنية الأميركية للطب أظهرت أن أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 كان لها تأثير كبير في أحلام الناس خلال الفترة التي تلت الهجمات، وهو ما يحدث الآن مجددا بسبب فيروس كورونا، فإن كنت تعاني من الكوابيس فأنت لست بمفردك، وللأمر تفسير علمي.
الشعور بالقلق
أظهرت دراسة للبروفيسور مايكل نادورف المقيم في تكساس ومجموعة من الأطباء أن زيادة القلق والتوتر خلال النهار يمكن أن تؤدي إلى زيادة الأحلام المزعجة، وتجعلها واضحة بشكل لا يمكن أن ننساه سريعا.
وتقول كورتني بولستاد -وهي طالبة دراسات عليا في ولاية ميسيسيبي الأميركية- إن النوم في ساعات متأخرة من الليل والشعور بالقلق معظم الوقت يتسببان بالدخول في فترات أطول وأعمق من فترات نوم حركة العين السريعة، وهي ما تنتج هذه الأحلام المزعجة.
الشعور بالتهديد
قد يسبب الشعور بالتهديد من الإصابة بالفيروس ونقل العدوى لمن نحبهم هاجسا يتجسد خلال أحلامنا، فبحسب دراسة نشرت في المكتبة الوطنية الأميركية للطب فإن الأحلام تساعدنا على الاستعداد للتهديدات المستقبلية المحتملة، خاصة عند التعرض للصدمات.
العزلة الاجتماعية
في دراسة حديثة بجامعة توركو في فنلندا بشأن تأثير العزلة الاجتماعية على الأحلام تم عزل مجموعة من الأشخاص في جزيرة فنلندية بعيدة لمدة أسبوع من دون هواتفهم الذكية وأجهزة الحاسوب الخاصة بهم، بحيث لا يمكن لهم التعامل مع أي شخص إلا من خلال ملاحظات مكتوبة على الورق.
وكانت النتيجة أن هؤلاء الأشخاص زادت أحلامهم بأصدقائهم المقربين وعائلاتهم عندما كانوا في عزلة.
وفي دراسة أخرى أجريت في السبعينيات مع الناجين من الحرب العالمية الثانية أظهرت أن أحلامهم تضمنت أصدقاءهم المقربين وعائلاتهم خلال فترة وجودهم في المخيمات بدرجة مكثفة مقارنة بما حدث عندما تم لم شملهم بعد هذه الفترة.
وتشير هذه الأبحاث إلى أن أحلامنا مرتبطة بحياتنا الاجتماعية بشكل كبير، وهو ما يفسر لماذا نحلم أحلاما عاطفية مرتبطة بالأصدقاء المقربين والعائلة في الوقت الحالي.
لماذا لا نستطيع نسيان الأحلام المزعجة؟
يرى مايكل نادورف بروفيسور علم النفس في جامعة ولاية ميسيسيبي وخبير في العلاقة بين الكوابيس والمرض العقلي أن التوتر يمكن أن يجعلنا نتذكر المزيد من أحلامنا خلال فترة الجائحة، والسبب وراء ذلك أنه خلال فترة النوم نستيقظ كل 90 دقيقة، وهي مدة دورة النوم، وبدون هذه الصحوات الموجزة لن نتذكر أحلامنا على الإطلاق.
وتستغرق أدمغتنا حوالي خمس دقائق لترميز الذكريات، وفي الأوضاع الطبيعية تكون مدة هذه الصحوات بضع ثوان، وهي مدة غير كافية لجعل الأحلام قابلة للتذكر، ولكن إذا كان لديك مستوى أعلى من القلق -وهو ما نعيشه جميعا الآن- فمن المرجح أن يجعل القلق فترة الصحوات طويلة بشكل كاف لترميز الذكريات، وبالتالي تذكر المزيد من أحلامك.
طرق تخفيف تأثير الكوابيس
وتنصح بريتني بلير طبيبة علم النفس في سان فرانسيسكو واختصاصية طب النوم السلوكي في حوارها مع موقع "غود هاوس كيبينغ" ببعض الخطوات البسيطة لتخفيف تأثير الأحلام المزعجة، وهي:
- تحديد مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ يرفع جودته، ويقلل مرات الاستيقاظ خلال الليل، وبالتالي يقلل احتمال تذكر الأحلام عند الاستيقاظ.
- تقليل التعرض للأخبار المكثفة طوال اليوم، إذ تنصح بريتني بأن يقتصر وقت مشاهدة الأخبار على 30 دقيقة فقط خلال اليوم وتكون صباحا، إذ يساعد الحد من تعرضك للضغوط قبل النوم مباشرة في تقليل الأحلام المزعجة.
- ممارسة أنشطة مهدئة قبل النوم بحوالي 90 دقيقة، مثل الاستماع لموسيقى هادئة، قراءة كتاب جيد وهادئ، ممارسة التأمل، ممارسة الامتنان بتذكر النعم المحيطة بها والشعور بالامتنان لها، تفريغ ما يزعجك قبل النوم بكتاباته حتى لا يحاول عقلك التمسك به طوال الليل.
ولا يمكن منع تأثير الفيروس الشديد على حياتنا وما نشعر به جميعا بالنهار وخلال اليوم، ولكن يمكننا تقليل هذا التأثير بقدر الإمكان حتى تمر هذه الفترة العصيبة وتعود الحياة كما كانت.