jo24_banner
jo24_banner

جردة حساب سريعة.. كورونا ودمج المؤسسات والعدالة في الحرب على الفساد

جردة حساب سريعة.. كورونا ودمج المؤسسات والعدالة في الحرب على الفساد
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية - جردة حساب سريعة لأداء الحكومة في الآونة الأخيرة، تكشف حالة من التخبط وعدم الاتزان، في التعامل مع ملفات تستوجب جراحة جذرية، حيث لا يجدي معها ترقيع، أو إبر تخدير، وخاصة فيما يتعلق بمعضلة الفساد، وضرورة دمج بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية.

ولكن قبل الخوض في هاتين القضيتين، لا بد من تسليط الضوء على الأسلوب الذي تتعامل فيه الحكومة مع المواطنين، عبر التلويح بين الفينة والأخرى بعصا الحظر الشامل، وكأنه لا توجد قضية في هذا البلد غير الوباء، وكأن لا صوت يعلو فوق صوت الكورونا!

فيروس التخبط

من المفهوم أن تلجأ الحكومة إلى مختلف التدابير والإجراءات الوقائية لمنع انتشار وباء الكورونا، ومن المفهوم أيضا أن تستخدم بعض وسائل الردع، لحث الناس على تجنب السلوكيات التي قد تقود إلى انتشار الفيروس، أما أن تلوح السلطة التنفيذية بعصا العودة إلى الحظر الشامل، والتفكير فعلا بذلك، فهذا تخبط سيؤدي إلى كارثة، أسوأ من الكورونا بمرات!

الاقتصاد بالكاد يحاول التعافي، ومختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية تواجه أعباء قد تفوق طاقتها على التحمل، بل إن كثيرا من هذه القطاعات باتت في مهب الإفلاس، ما يعني أن مجرد التفكير بالعودة إلى حالة الإغلاق التام، هو عقد النية على الانتحار الاقتصادي.

مثل هذا التلويح بعصا الحظر، من شأنه أن يثير هلع القطاع الخاص، ويربكه تماما. هنالك قرارات لا بد من اتخاذها، وخطط ينبغي سنها لمختلف المؤسسات والمنشآت، سواء فيما يتعلق بشراء البضائع، أو تعيين الموظفين، أو أية إجراءات من هذا القبيل، الأمر الذي يحتاج إلى حالة استقرار، تتيح وضع مثل هذه الخطط.

على الحكومة أن تدرك أن سوق العمل مرتبط بكل ما يتم اتخاذه من قرارات. إرباك السوق على هذا النحو، ستكون له نتائج سلبية للغاية. الفيروس تمكنا من السيطرة عليه، ولكن هل يملك أحد قدرة السيطرة على الانهيار الاقتصادي، في حال وقوعه، لا قدر الله؟!

هذا أول غيث التخبط الحكومي في الآونة الأخيرة.. والآن لنعد إلى القضية القديمة المتجددة، والمتعلقة بملف دمج الوزارات والمؤسسات الحكومية.

لغز الدمج

بداية، الدمج لا يعني على الإطلاق مجرد التخلي عن منصب وزير، مع إبقاء وزارته بمبناها وموظفيها وكافة نفقاتها الجارية، والاكتفاء بإيكال مهام إدارتها إلى وزير آخر، كما حدث في التجربة السابقة.. مثل هذه الخطوة تعني ببساطة، إعفاء وزير من خدماته لتوفير راتبه.. أما الدمج فهو حكاية أخرى!!

في حال كانت الحكومة تريد فعلا تخفيض النفقات الجارية، عليها تحقيق الدمج بالمعنى الفعلي للكلمة.. أي إجراء تنقلات وقرارات إلغاء، ووقف نفقات، وإعادة هيكلة.. بغير ذلك يكون أي إجراء هو محض عبث!!

كما أن تحميل أحد الوزراء مهمة وزارة أخرى، مع الإبقاء عليها، يعني الحكم عليه بالفشل في إدارة كلتا الوزارتين.. ما نحتاجه هو دمج حقيقي، يستند إلى التشذيب والتنظيم وإعادة الهيكلة، هذا ما تعنيه كلمة دمج بكل بساطة، فالأمر ليس لغزا أو معادلة بالغة التعقيد.

أما القضية المفصلية، والتي تضع حكومة الرزاز أمام اختبار حقيقي، أكثر أهمية من الكورونا، أو أي وباء آخر، فهي ما يتعلق بملف الفساد.

العدالة أولا

يدور الحديث هذه الأيام عن اتخاذ خطوات تحاكي تجارب بعض الأشقاء بدول الجوار، في استرداد الأموال، كتجربة محمد بن سلمان مثلا.. مثل هذا الحديث له ما يبرره من مخاوف، حيث لا يكفي، بالنسبة للواقع الأردني، استنساخ أي نموذج آخر.

أن تحضر أحدهم وترغمه على إعادة الأموال المنهوبة، مقابل ترك آخرين يسرحون ويمرحون بما نهلوا من أموال الدولة، وبعيدا عن طائلة المحاسبة الضريبية، ليس مجرد ذر للرماد بالعيون، بل هو محاولة لإزاحة الخصوم من الساحة، لصالح هذا الثري، أو ذاك المختبئ بعيدا عن يد العدالة.

العدالة تستوجب حلا جذريا يستأصل الفساد الممنهج، وليس اللجوء إلى وسيلة انتقائية، تحاسب فلان، لتخلوا الساحة لعلان!!

ما نحتاجه حقا هو معيار موحد لمحاسبة الجميع، وبلا أية استثناءات.. ما نحتاجه هو تحقيق العدل، الذي هو أصل الحكم، حتى الفاسد يجب أن يشعر بالعدالة عند محاسبته، عبر محاسبة كل من هو على شاكلته، بلا استثناء!!
 
تابعو الأردن 24 على google news