رغم مَرَضهم.. هؤلاء متَّهمون بالاتصال بكائنات فضائية
تستكمل الأمم المتحدة الدفاع عن أولئك المرضى الذين آخر ما اتهموا به، التسبب بكورونا، الجائحة التي تضرب العالم. وتهمة التسبب بكورونا، آخر ما وجه إليهم من تهم خرافية، كانت تحيط بهم، من قدم الدهر، بحسب بيان للأمم المتحدة التي خصصت يوم الثالث عشر من شهر حزيران/ يونيو، والذي يصادف وقوعه اليوم السبت، يوما عالميا للتوعية بمرض "المهق" الذي يصيب مختلف الأجناس حول العالم.
ويتعرض مرضى المهق، لأنواع مختلفة من التمييز والاضطهاد، بسبب كمية الخرافات المحيطة بهم وبالمرض نفسه، وجميعها تفتقد لأي أساس علمي، أو أخلاقي أو أدبي.
كما سردت الأمم المتحدة على موقعها الرسمي، بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بمرض الهمق، تاريخ الخرافات المحيطة بمرضاه، والتي كان آخرها، اتهامهم بالتسبب بجائحة كورونا.
مرض وراثي
وخصصت الأمم المتحدة، يوماً للمهق، للتوعية به كمجرد مرض، يصيب أي شخص، وداخل أي ثقافة، وكذلك للدفاع عن مرضاه الذين يتعرضون لمختلف أشكال التمييز والاضطهاد وصولا إلى عمليات عنف وقتل طالت بعضا منهم.
أما المهق، فيعرّف بأنه مرض وراثي غير معدٍ، تظهر علاماته على لون الشعر والعينين والبشرة، والمصاب به يكون أكثر عرضة للإصابة بحروق الشمس وسرطان الجلد، ويحدث بسبب طفرة في الجينات، تؤدي إلى انعدام وجود مادة "الميلانين" في الجسم، أو انخفاض ملحوظ في نسبتها، بحسب تعريف وزارة الصحة السعودية على بوابتها الإلكترونية، والتي أشارت إلى أن من أسماء مرض المهق، البرص. فيما مادة "الميلانين" طبيعية تعطي لون الجلد، والشعر، وقزحية العين.
ومرض المهق، بحسب تأكيد الأمم المتحدة، محاط بالخرافات من قدم الدهر. أما في اللغة العربية، فالمهق هو البياض أو شدة البياض. والرجل، أمهق، والمرأة، مهقاء. وكان لهذا اللون الأبيض الشديد، نصيبه من الخرافة، إذ تقول الأمم المتحدة إن من أشكال التمييز والاضطهاد التي يعاني منها مريض المهق، إطلاق اسم "الرجل الأبيض المزيّف" عليه.
الخرافات لا تزال تحيط بالمرضى
وعلى الرغم من جهود الأمم المتحدة للتوعية به، وبأنه كغيره من الأمراض، وخصصت له موقعا إلكترونيا منذ عام 2015، وهو العام الذي شهد أول احتفال بيوم دولي للتوعية بالمهق، وذلك من أجل "فضح الخرافات" المتعلقة بالمهق، إلا أن وثائق المنظومة الدولية تؤكد استمرار تلك الخرافات، بل توسعها، عندما رصدت قيام بعض البلدان بإطلاق وصف "كورونا" على مرضاه، في محاولة "لإلقاء اللوم عليهم في التسبب بالجائحة" مؤكدة وقوع حالات قتل بحق بعض المرضى.
وتظهر كمية الاضطهاد والتمييز الذي يعاني منه مرضى المهق، بعدد الخرافات التي تحيط بهم. فقد سردت الجمعية العامة للأمم المتحدة في تقرير يعود إلى العام 2016، جملة واسعة من الخرافات التي تؤدي جميعها إلى إلحاق أشد الضرر بالمرضى. ومنها، إطلاق اسم "الأشباح" عليهم، واسم "الكائنات الغريبة".
كما أن من الخرافات، أن الطفل المصاب بالمهق، هو لعنة موجهة إلى أمّه وبقية أسرته، وأن الأطفال يصابون بالمهق لأن آباءهم، ارتكبوا أفعالا شريرة. ووصف بعض أمهات الأطفال المصابين بالمهق، كساحرات، كما اتهم بعضهن بعلاقات مع أشباح أو أرواح شريرة، وصوّر المرضى كأكلة لحوم بشر.
في المقابل نسبت إلى مرضى المهق، أفعال خرافية زادت من الاضطهاد والتمييز الواقع عليهم، كالاعتقاد بأن في عروقهم تسري معادن كالذهب والزئبق، وبأن الواحد منهم قادر على السير فوق الماء دون أن يغرق، كما نسب إليهم المقدرة على التواصل مع مخلوقات أخرى! ونبّه تقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أن نسبة أفعال خارقة للطبيعة، لمرضى المهق، من شأنها تعزيز اضطهادهم وتسهيل إخفائهم عن الوجود، خاصة في الخرافة القائلة إن المصابين بالمهق لا يموتون، بل يختفون فقط من الوجود.
غالبية الاعتداءات البدنية في القارة السمراء
كل هذه الخرافات المؤدية لمزيد من الاضطهاد لمرضى المهق، في بعض بلدان العالم، وتعريض حياتهم للخطر، دفعت بمجلس حقوق الإنسان الأممي، لإصدار قرار في شهر آذار/ مارس 2018، يعرب فيه عن قلقه الشديد من استمرار "الهجمات وأعمال العنف الواسعة النطاق ضد الأشخاص المصابين بالمهق، بمن فيهم النساء والأطفال" مطالبة الدول بإجراء تحقيقات بهذه الجرائم، والعمل على رفع جميع أشكل التمييز والاضطهاد الواقعة على المرضى. وأشارت الأمم المتحدة إلى أن ما وصفته بمعظم الاعتداءات البدنية التي يتعرض لها مرضى المهق، سجلت في بلدان تتبع للقارة الإفريقية، فيما التمييز بحقهم، مسجل في جميع أنحاء العالم.
وسلطت المنظومة الدولية الضوء على حالات عديدة لمرضى المهق تعرضوا فيها إلى اعتداء عنيف بسبب مرضهم، من مثل حالة الطفل "مويغولو" الذي هاجمه رجلان وقطعوا ذراعه اليسرى عام 2013، في تنزانيا.
لكنهم في الحقيقة: خُلِقوا ليتألّقوا
وتحت شعار "خُلِقوا ليتألقوا" أكدت الأمم المتحدة أنها اختارت هذا العنوان للعام الحالي 2020، للاحتفاء بالمصابين بالمهق، في جميع أنحاء العالم، وبنجاحاتهم، وللدعوة إلى التضامن مع المصابين بهذا المرض النادر، وبأنهم رغم مرضهم وما يقع بحقهم من "ممارسات مروعة" يواصلون تحدي الصعاب والتغلب على العقبات.
إلى ذلك، أشادت الأمم المتحدة بالدور الذي تلعبه المغنية الصينية الأصل وعارضة الأزياء كوني تشيو، في حملة التوعية بمرض المهق، ونشرت لها فيديو تتحدث فيه عن تجربتها في هذا السياق، خاصة أن عارضة الأزياء ومطربة الجاز، من المولودات بمرض المهق، وهي من نماذج النجاح الكبرى التي حققها المرضى الذين لا يزالون عرضة لمختلف أنواع التمييز والاضطهاد حول العالم.العربية نت