متخصصون: كورونا اختبار حقيقي للحد من المظاهر الاجتماعية المرهقة
جو 24 : شكلت أزمة فيروس كورونا المستجد منعطفا كبيرا في عادات وتقاليد الأردنيين المتعلقة بالأفراح والأتراح، وما تخلفه من إرهاق مادي ومعنوي طالما نادى الكثيرون بتخفيفها والحد منها.
وأشار متخصصون، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إلى أنه على الرغم من الدعوات المستمرة للتخفيف من هذه المظاهر، إلا أنها باءت بالفشل، بل تطورت العادات والتقاليد لتغدو عبئا ثقيلا على الأسر الأردنية، وجاءت أزمة كورونا لتضع الأردنيين أمام اختبار حقيقي للحد من تكاليف الأفراح والأتراح على أمل التغيير.
الداعية الإسلامي، الدكتور خالد البزايعة، قال إن المجتمع الأردني لم يستطع تغيير بعض المظاهر الاجتماعية قبل أزمة كورونا، خاصة فيما يتعلق بمظاهر الخطبة والزواج التي أرهقت الشباب بتكاليف مالية باهظة بين استئجار صالات الأفراح، وصالونات التجميل، ناهيك عن دعوة المئات من الاقارب والأصدقاء، وما يتبعها من مصروفات بالإمكان الاستغناء عنها.
وأكد مخالفة هذه العادات لتعاليم الدين الحنيف والسنة النبوية الشريفة الذي حث على عدم المغالاة بالمهور وتكاليف الزواج، بل وصف الزواج بالرحمة والسكينة والمودة، مبينا أن الأولى في الشريعة حسن اختيار شريك الحياة لضمان استقرار الحياة الأسرية لاحقا، فقد قال الرسول- صلى الله عليه وسلم "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وقال عليه الصلاة والسلام: فاظفر بذات الدين تربت يداك".
وأوضح أن جائحة كورونا شكلت بعدا إيجابيا أمام الشباب الذين أقدموا على الزواج خلال فترة الحظر الشامل بدون إقامة حفلات، ما يعني أن مجتمعنا قادر على التقليل من تلك المظاهر إلى الحد الأدنى، حتى بعد انتهاء الأزمة، دون الحاجة للعودة لما كنا عليه سابقا من كلف زائدة أسهمت بتفشي العنوسة بين الذكور والإناث.
عيسى عمر، الذي تزوج خلال أزمة كورونا، قال إنه تخلص كلفة السفر إلى خارج البلاد لقضاء "شهر العسل"، مع قناعته بعدم تماشي هذه العادة مع مستوى دخل المواطن دون مراعاة المهور ومستلزمات البيت.
وأكد أنه رصد مبلغا ماليا يعينه على إقامة حفل الزفاف وتبعاته، إلا أن التعليمات الصادرة عن الحكومة والجهات الرسمية حالت دون ذلك، مبينا أنه لا يمكن التخلي عن مظاهر الفرح تماما، لكنه يؤيد التخفيف عن العروسين في تكاليف الزفاف.
وأشار أبو أمجد والد ثلاثة أبناء، زوّج أكبرهم العام الماضي، إلى أنه خصص كل ما يملك لمساعدة ابنه في إقامة زفافه، واضطر لإقامة الولائم بسبب توافد الناس من عدة محافظات لحضور الزفاف، ولا بد من القيام بواجبهم على الرغم من الضائقة المالية، حسب تعبيره.
وأضاف أنه زوج ابنه الثاني خلال أزمة كورونا في المنزل، مستغلا عدم فتح صالات الأفراح ومنع التجمعات لعدم قدرتهم المالية على تكاليف الزفاف الباهظة، مؤكدا أنه سيسعى لتزويج ابنه الأخير بأقل التكاليف كذلك. أما عن مظاهر الأتراح التي تشكل واقعا اجتماعيا مكلفا يقع في معظمه بشكل مفاجئ، فقال الناشط الاجتماعي الدكتور عايد النشوي إن كلفة الأتراح باتت مرهقة على أهل المتوفى رغم واقع الألم الذي أصابهم جراء فقدان عزيز، إلا أن المصيبة تتطور مع تطور التكاليف المالية التي تترتب عليهم إذا ما كانت الظروف الاقتصادية لا تتماشى مع تلك العادات والتقاليد.
وأضاف، على الرغم من الواقع السلبي لجائحة كورونا على الصحة والاقتصاد، إلا أن لها فوائد من الناحية الاجتماعية لابد من استغلالها في تشكيل صورة مجتمعية تسهل مظاهر المناسبات في الفرح والحزن على حد سواء.
ولفت النشوي إلى ضرورة اقتصار تقديم العزاء حتى مستقبلا على من حضر، أو كانت ظروفه تسمح له بذلك، والتماس العذر لمن لم يحضر بسبب بعد المسافة، والاكتفاء بتقديم الواجب عبر الاتصال الهاتفي أو منصات مواقع التواصل الاجتماعي.
أم عبد الله فقدت زوجها في ظروف صعبة خلال أزمة كورونا خارج البلاد، أوضحت أن عدم توافد الناس عليها للعزاء كان مخففا لمصابهم، مشيرةإلى لعدم اضطرارها للانشغال في ترتيب أمور العزاء واستقبال الضيوف وتقديم الولائم، فحجم حزنهم كان كبيرا، خاصة في ظل اعتمادهم على زوجها في إعالتهم. وعن دور العشائر في موازنة العادات والتقاليد المتبعة في الأفراح والأتراح، بين منسق مبادرة "وثيقة اجتماعية لتنظيم الأفراح والأتراح" ومدير معهد الإدارة العامة سابقا الدكتور عبد الله القضاة، أن بعض العشائر وقّعت وثائق اجتماعية لتنظيم إقامة الأفراح والأتراح وغيرها من المناسبات، مؤكدا أن أزمة كورونا أعادتنا إلى ما كنا عليه سابقا.
وأضاف أن السلوك الذي فرض حاليا في حالات الزفاف والعزاء هو الأصل، إذ خرجت العادات والتقاليد أخيرا عن المألوف، وأصبح هناك مبالغة بذلك، لتصل لحالة الرياء والنفاق المجتمعي.
ولفت إلى الحاجة لإسناد إعلامي وتفعيل الخطاب الديني ووسائل التنشئة الاجتماعية لاستثمار هذه الظروف في التوجه نحو نظام أدبي جديد يتحول لسلوك مجتمعي حضاري.
استاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، الدكتور عايد وريكات، قال إن هناك إمكانية لامتداد السلوكيات التي فرضت بسبب الجائحة إلى ما بعد انتهائها كمظاهر الأفراح والأتراح، موضحا أن السلوك الاجتماعي قابل للتعديل، لكن يلزمه عدة قوانين وقواعد تساعده في تجربة أنماط جديدة حتى يتخلص تدريجيا من الأنماط القديمة، مؤكدا أن العادات تحتاج لوقت وتجارب يبنى عليها حتى تصل إلى مرحلة التغيير والتكيّف معها.
وأضاف أننا نستطيع التكهن بقدرة مجتمعنا على تغيير مظاهر الأفراح والأتراح مستقبلا، لأنه يتسم بالانسجام وعدم وجود فروقات طبقية كثيرة، مبينا أن البعض استحسن الأنماط الجديدة بينما رفضها آخرون بسبب تخوفهم من الانتقادات أو سيطرة النزعة المحافظة عليهم، مشيرا إلى عدم إمكانية التعميم دون عمل دراسات اجتماعية استقصائية توضح توجهات الأفراد ما بعد أزمة كورونا.
--(بترا)
وأشار متخصصون، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إلى أنه على الرغم من الدعوات المستمرة للتخفيف من هذه المظاهر، إلا أنها باءت بالفشل، بل تطورت العادات والتقاليد لتغدو عبئا ثقيلا على الأسر الأردنية، وجاءت أزمة كورونا لتضع الأردنيين أمام اختبار حقيقي للحد من تكاليف الأفراح والأتراح على أمل التغيير.
الداعية الإسلامي، الدكتور خالد البزايعة، قال إن المجتمع الأردني لم يستطع تغيير بعض المظاهر الاجتماعية قبل أزمة كورونا، خاصة فيما يتعلق بمظاهر الخطبة والزواج التي أرهقت الشباب بتكاليف مالية باهظة بين استئجار صالات الأفراح، وصالونات التجميل، ناهيك عن دعوة المئات من الاقارب والأصدقاء، وما يتبعها من مصروفات بالإمكان الاستغناء عنها.
وأكد مخالفة هذه العادات لتعاليم الدين الحنيف والسنة النبوية الشريفة الذي حث على عدم المغالاة بالمهور وتكاليف الزواج، بل وصف الزواج بالرحمة والسكينة والمودة، مبينا أن الأولى في الشريعة حسن اختيار شريك الحياة لضمان استقرار الحياة الأسرية لاحقا، فقد قال الرسول- صلى الله عليه وسلم "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وقال عليه الصلاة والسلام: فاظفر بذات الدين تربت يداك".
وأوضح أن جائحة كورونا شكلت بعدا إيجابيا أمام الشباب الذين أقدموا على الزواج خلال فترة الحظر الشامل بدون إقامة حفلات، ما يعني أن مجتمعنا قادر على التقليل من تلك المظاهر إلى الحد الأدنى، حتى بعد انتهاء الأزمة، دون الحاجة للعودة لما كنا عليه سابقا من كلف زائدة أسهمت بتفشي العنوسة بين الذكور والإناث.
عيسى عمر، الذي تزوج خلال أزمة كورونا، قال إنه تخلص كلفة السفر إلى خارج البلاد لقضاء "شهر العسل"، مع قناعته بعدم تماشي هذه العادة مع مستوى دخل المواطن دون مراعاة المهور ومستلزمات البيت.
وأكد أنه رصد مبلغا ماليا يعينه على إقامة حفل الزفاف وتبعاته، إلا أن التعليمات الصادرة عن الحكومة والجهات الرسمية حالت دون ذلك، مبينا أنه لا يمكن التخلي عن مظاهر الفرح تماما، لكنه يؤيد التخفيف عن العروسين في تكاليف الزفاف.
وأشار أبو أمجد والد ثلاثة أبناء، زوّج أكبرهم العام الماضي، إلى أنه خصص كل ما يملك لمساعدة ابنه في إقامة زفافه، واضطر لإقامة الولائم بسبب توافد الناس من عدة محافظات لحضور الزفاف، ولا بد من القيام بواجبهم على الرغم من الضائقة المالية، حسب تعبيره.
وأضاف أنه زوج ابنه الثاني خلال أزمة كورونا في المنزل، مستغلا عدم فتح صالات الأفراح ومنع التجمعات لعدم قدرتهم المالية على تكاليف الزفاف الباهظة، مؤكدا أنه سيسعى لتزويج ابنه الأخير بأقل التكاليف كذلك. أما عن مظاهر الأتراح التي تشكل واقعا اجتماعيا مكلفا يقع في معظمه بشكل مفاجئ، فقال الناشط الاجتماعي الدكتور عايد النشوي إن كلفة الأتراح باتت مرهقة على أهل المتوفى رغم واقع الألم الذي أصابهم جراء فقدان عزيز، إلا أن المصيبة تتطور مع تطور التكاليف المالية التي تترتب عليهم إذا ما كانت الظروف الاقتصادية لا تتماشى مع تلك العادات والتقاليد.
وأضاف، على الرغم من الواقع السلبي لجائحة كورونا على الصحة والاقتصاد، إلا أن لها فوائد من الناحية الاجتماعية لابد من استغلالها في تشكيل صورة مجتمعية تسهل مظاهر المناسبات في الفرح والحزن على حد سواء.
ولفت النشوي إلى ضرورة اقتصار تقديم العزاء حتى مستقبلا على من حضر، أو كانت ظروفه تسمح له بذلك، والتماس العذر لمن لم يحضر بسبب بعد المسافة، والاكتفاء بتقديم الواجب عبر الاتصال الهاتفي أو منصات مواقع التواصل الاجتماعي.
أم عبد الله فقدت زوجها في ظروف صعبة خلال أزمة كورونا خارج البلاد، أوضحت أن عدم توافد الناس عليها للعزاء كان مخففا لمصابهم، مشيرةإلى لعدم اضطرارها للانشغال في ترتيب أمور العزاء واستقبال الضيوف وتقديم الولائم، فحجم حزنهم كان كبيرا، خاصة في ظل اعتمادهم على زوجها في إعالتهم. وعن دور العشائر في موازنة العادات والتقاليد المتبعة في الأفراح والأتراح، بين منسق مبادرة "وثيقة اجتماعية لتنظيم الأفراح والأتراح" ومدير معهد الإدارة العامة سابقا الدكتور عبد الله القضاة، أن بعض العشائر وقّعت وثائق اجتماعية لتنظيم إقامة الأفراح والأتراح وغيرها من المناسبات، مؤكدا أن أزمة كورونا أعادتنا إلى ما كنا عليه سابقا.
وأضاف أن السلوك الذي فرض حاليا في حالات الزفاف والعزاء هو الأصل، إذ خرجت العادات والتقاليد أخيرا عن المألوف، وأصبح هناك مبالغة بذلك، لتصل لحالة الرياء والنفاق المجتمعي.
ولفت إلى الحاجة لإسناد إعلامي وتفعيل الخطاب الديني ووسائل التنشئة الاجتماعية لاستثمار هذه الظروف في التوجه نحو نظام أدبي جديد يتحول لسلوك مجتمعي حضاري.
استاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، الدكتور عايد وريكات، قال إن هناك إمكانية لامتداد السلوكيات التي فرضت بسبب الجائحة إلى ما بعد انتهائها كمظاهر الأفراح والأتراح، موضحا أن السلوك الاجتماعي قابل للتعديل، لكن يلزمه عدة قوانين وقواعد تساعده في تجربة أنماط جديدة حتى يتخلص تدريجيا من الأنماط القديمة، مؤكدا أن العادات تحتاج لوقت وتجارب يبنى عليها حتى تصل إلى مرحلة التغيير والتكيّف معها.
وأضاف أننا نستطيع التكهن بقدرة مجتمعنا على تغيير مظاهر الأفراح والأتراح مستقبلا، لأنه يتسم بالانسجام وعدم وجود فروقات طبقية كثيرة، مبينا أن البعض استحسن الأنماط الجديدة بينما رفضها آخرون بسبب تخوفهم من الانتقادات أو سيطرة النزعة المحافظة عليهم، مشيرا إلى عدم إمكانية التعميم دون عمل دراسات اجتماعية استقصائية توضح توجهات الأفراد ما بعد أزمة كورونا.
--(بترا)